كُدي والرصيفة.. وعشوائية المواقف
تزداد أعداد الزوار والمعتمرين خلال أيام الشهر الفضيل متجهة لمكة المكرمة زادها الله رفعة وتشريفًا، وأصبحت أم القرى تزدحم بأرتال السيارات القادمة إليها من كل مكان، وعجزت شوارعها، وساحاتها، ومواقفها أن تستوعب ذلك الكم الهائل من السيارات القادمة إليها من كل حدب وصوب، ورغم كل ذلك أبت العاصمة المقدسة إلا أن ترحب بكل الواصلين إليها من قاصدي البيت العتيق. آلاف السيارات تدخل العاصمة المقدسة يوميًا تحمل عشرات الآلاف من المعتمرين كلهم طامعون في أن يحصلوا على عمرة في رمضان.. جهود كبيرة وإمكانات عظيمة تقدمها كافة أجهزة الدولة من أجل راحة الزوار والمعتمرين وقاصدي البيت العتيق، وعلى رأس هذه الأجهزة تأتي قطاعات وزارة الداخلية من مرور، وشرطة، ودفاع مدني، وغيرها من القطاعات المساندة التي تبذل جهودًا مضنية من أجل راحة زوار بيت الله الحرام، وأن يحظى الجميع بشرف خدمة القادمين لأداء مناسك العمرة والاستمتاع بقضاء سويعات بجوار البيت العتيق. مكة المكرمة في أيام الشهر الفضيل هي مقصد كل مسلم (مواطن، وافد، مجاور، مقيم)، عشرات الآلاف من البشر تقلهم ألوف السيارات على مدار الساعة ليل نهار وبدون توقف، والكل متجه صوب مواقف السيارات المعدة لذلك داخل مكة، وهي مواقف محدودة المساحة ولا تستوعب هذه الأعداد الضخمة من السيارات (خاصة موقفي الرصيفة وكدي). ولعل من أبرز السلبيات في هذه المواقف هو عدم تنظيمها بالشكل المطلوب، مما يسبب الكثير من الإرباك والحرج لقاصدي العمرة، حيث إن عملية الدخول والخروج من المواقف صعبة للغاية، ومهما حرص المرور، الذي يبذل أفراده جهودًا شاقة ومضنية لتنظيم حركة السير (مع معاناة الوقوف تحت أشعة الشمس)، وتوجيه القادمين نحو الاتجاه الصحيح، للوصول للمواقف، قد لا يوفق (أحيانًا) بالإشراف على المواقف ذاتها بالشكل المطلوب. وتزداد المشكلة تعقيدًا بعد الإفطار مع زيادة أعداد الواصلين لمكة، وقد أخذ الجهد من الجنود كل مأخذ، وعندها تترك المواقف بدون تنظيم مما يخلق جوًا من الإرباك وعدم التنظيم من مستخدمي هذه المواقف، والوقوف بشكل عشوائي مما يخل بنظام الحركة ويعرقل سير المركبات دخولًا وخروجًا من هذه المواقف، خاصة في الليل عندما يذهب معظم رجال المرور لأخذ قسط من الراحة بعد عناء يوم طويل. إننا نقترح أن يقوم معهد خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة بعمل دراسة متكاملة لمواقف السيارات في العاصمة المقدسة، وتنظيم حركتها، وإعادة تنظيم عملية الدخول والخروج منها، وأن تقسم هذه المساحات الكبيرة إلى مساحات صغيرة يستوعب كل منها (100 سيارة) يشرف عليها كشك صغير يستوعب شخصين يقومان بإيقاف السيارات، وتسهيل وتنظيم حركتها داخل المربع (كما هو معمول به في معظم أرجاء المعمورة)، وتسليم مفتاح السيارة للمشرفين على الموقف لتسهل عملية تحريكها، ومن هنا نضمن سلامة المركبة، والمقتنيات الموجودة فيها، وسلامة أجزائها من التعرض للخدش أو التلف، وعدم حجزها من قبل السيارات الأخرى، وبذلك يسهل على المعتمر الدخول والخروج من المواقف بكل سهولة ويسر، ويضمن في نفس الوقت أن سيارته آمنة وفي مكان آمن، ولا ضير أن تكون هذه الخدمة مدفوعة القيمة وبأجور رمزية. كما نقترح أن تستعين إدارة المرور بعشائر الجوالة في جامعتي أم القرى وجامعة الملك عبدالعزيز في إسناد بعض المهام لهم مثل: تنظيم حركة السير داخل هذه المواقف، والإشراف عليها بالكامل مع التنسيق مع مرور العاصمة، كما نحبذ أن يعطى هؤلاء المشاركون مكافآت مجزية نظير الخدمات التي يقدمونها لقاصدي المسجد الحرام، ومعروف لدى الجميع بأن معظم أبناء مكة المكرمة، كبارًا وصغارًا، رجالًا ونساءً، جنودًا وطلابًا، مجبولون على حب استقبال ضيوف الرحمن وخدمتهم بدون مقابل طلبًا للأجر والمثوبة من الله، كيف لا وهم خدمة البيت العتيق: سدنة، ورفادة، وسقاية، منذ زمن سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
المدينة 18/9/1431هـ