رحمك اللـه يا خيرية زمزمي

ما كادت قدماي تطأ أرض الوطن يوم الاثنين 28 شعبان 1431هـ بعد رحلة للخارج حتى فجعت.. بل وفجع الميدان التربوي كله بوفاة المربية القديرة ، مساعدة مديرة الإشراف التربوي الأستاذة / خيرية ناجي زمزمي - رحمها الله تعالى وأسكنها فسيح جناته. فقد كان الخبر صاعقة عصفت بأجواء النفوس العاشقة لشخصها وزلزالاً هز كيان ومشاعر المحبين لها.. كيف لا وهي رائدة من رواد التربية والتعليم للبنات بمكة المكرمة لأكثر من أربعين عاماً. عملت وأخلصت وتفانت في سبيل النهوض بالمجتمع التربوي والتعليمي ، بل إنها قدمت الكثير وضحَّت بوقتها وجهدها.. لتحقيق أهداف تربوية وتعليمية سامية.

حقاً إن جميع الكلمات لن توفيها حقها.. ومداد الأقلام لن يكفي لوصف شخصيتها الفذة النادرة.. بل إن معاجم اللغات وقواميس الحب لن تكفي للتعبير عن ما تكنه النفس نحو إنسانة هي الخير بذاته. فإن كان لكل إنسان نصيب من اسمه فخيريه - رحمها الله تعالى – هي الخير كله. ولن ينسى الميدان التربوي عطاءها كمعلمة ، ومديرة ومشرفة ثم كمساعدة لمديرة الإشراف التربوي لعدة سنوات... هي سنوات الإنجاز والإبداع في الإدارة وفن القيادة وفن التعامل مع الآخرين... وقد تعلم كل من يتعامل معها أساليب القيادة بحكمة واقتدار ، فابتسامتها الصادقة المخلصة في أحلك المواقف تنير الطريق لآفاق واسعة لحل المشكلة.. وصبرها وتريثها يجعل إصدارها للقرارات غاية في الاتزان والصواب واختيارها للأسهل من الحلول تيسيراً للأمور وتفريجاً للكروب. كما أن لها قدرة عجيبة في حل المنازعات وإنهاء الخلافات والتوصل بسلاسة متناهية إلى حلول ترضي كافة الأطراف.

 وكل ذلك يأتي من رحابة في الصدر وسماحة في النفس ورجاحة في العقل. بل أنها تمتاز بالقدرة على التكيف والتفاعل والتجاوب بلباقة وأدب جم. أسلوب رائع في التواضع واحترام الآخرين مهما كانت شخصياتهم ، وتعامل راقٍ لكل من يحيط بها ويعمل معها... بل إن من أبرز سماتها الشخصية التسامح والعفو وهو لا يعني الضعف والتخاذل وإنما الترفع عن الصغائر والتسامي والتجافي عن الهوى.

حقاً لن ينسى الميدان التربوي.. التعليمي بكل جهاته: من تعليم عام – وأهلي – وتحفيظ القرآن الكريم – ومدارس نظام المقررات – ومدارس تطوير – ما قدمته هذه القائدة التربوية من جهود نحتتها بفن واقتدار ، على صفحات الميدان التربوي ، وما وضعته من بصمات متميزة على جبين الوطن تستحق منا كل الوفاء. وما هذه السطور الا تعبير بسيط عن هذا الوفاء والولاء لها. إن قلوبنا تنـزف ألماً على فراقها وعيوننا لن تجف مآقيها.. ولكن عزاؤنا الوحيد هو أن مدرستها ستظل مفتوحة للأجيال القادمة فهي القدوة والنموذج..و ستظل ذكراها عبق ينبض بالحياة إلى الأبد.

 رحمك الله يا خيرية زمزمي وأسكنك فسيح جناته وجعل كل ما قدمتيه في ميزان حسناتك.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)·

الندوة 6/9/1431هـ