الأعمال الكاملة للأستاذ السباعي

 

مــع الفـجــــر

الأعمال الكاملة للأستاذ السباعي

عبدالله عمر خياط

مضت سنوات طويلة وأنا أناشد أخي الأستاذ أسامة أحمد السباعي، الذي كان زميل دراسة وصديق عمر، بأن يمن علي ببعض مؤلفات والده الرائد الكبير الأستاذ أحمد السباعي عليه رحمة الله، لكنه -وأعني أخي أسامة- يعتذر دائما بقوله: طول بالك يا عبد الله لا بد أن أحصل على نسخة وأوفيك بها، دون أن يتحقق الوعد!
لذا كانت مفاجأة.. ومفاجأة سارة أن أتلقى من الرائد الحبيب والأديب الكبير صاحب الإثنينية الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجة ستة مجلدات عنوانها:
الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ أحمد السباعي
وذلك ضمن سلسلة (كتاب الاثنينية) رقم 45 وفي (كلمة الناشر) يقول الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجة:
«أستاذنا الجليل الشيخ أحمد السباعي -رحمه الله- قامة في ريادة الثقافة والأدب في بلادنا، اتسعت شارات عطائه وفكره، فتفتق عقله ما بين المهد واللحد متنازعا بين كثير من فنون الأدب، كان من أوائل من كتب القصة، والرواية، والمقال الصحفي، والعمل الإبداعي المشوب بنظرات فلسفية تجاه الحياة والناس.
ما بين 1323هـ و1404هـ (1905ــ 1983م) أسس أحمد السباعي -رحمه الله- مدرسته الخاصة في الكتابة، وأسلوبه المتفرد الذي تغمره جزالة لمحات قرآنية تأسر الألباب، ورغم أنه أخذ بحظ يسير من التعليم النظامي إلا أن همته العالية لم تقصر في طلب العلم من مظانه، فأسرج ليله وأضنى نهاره بين أمهات الكتب التي استطاع أن ينهل منها ويشكل ثقافته العامة، ثم اتجه إلى الكتابة الإبداعية بثقة كبيرة، تاركا لأمته تراثا أدبيا فيه من العمق ما لا تخطئه بصيرة، ومن الشفافية ما لا يخفيه مرور السنين، ومن الألق ما يشق سجف الظلام وإن تباعد زمان كتابته، فهو أديب مطبوع، شق طريقه بإصرار وعفوية، متلفعا بالصبر والدأب شأن أبناء جيله ممن استهانوا بالصعاب فوجدوا في اللأواء ملاذا وظلا أطيب بكثير من مراتع الجهل وخواء الفهم.
سعيدا أن أهدي القارئ الكريم عصارة جهود أستاذنا الكريم المبرورة راجيا أن يصلهم فكره وأدبه في صورة تليق به بعد أن تناثر لسنوات طوال في إصدارات متعددة، إن توفر نزر منها فإن جلها أصبح في عداد النادر، وفي هذا الصدد أشير إلى تعاون الأخوين الكريمين الأستاذ أسامة والدكتور زهير أحمد السباعي، اللذين لم يدخرا جهدا لتوفير مادة هذه المجموعة الكاملة، وجمعها من مختلف المصادر حتى ظهرت -ولله الحمد- بالصورة التي بين أيديكم.
إن الحديث عن مسيرة أديبنا الكبير مقرونة بتصديه لإنشاء (مسرح قريش الإسلامي) بمبادرة شخصية منه في عام 1381هـ/ 1960م، حيث كان من المقرر عرض مسرحية (فتح مكة) للأستاذ محمد مليباري -رحمه الله-، ولم يكتب لها أن ترى النور بسبب إلغاء العرض قبل أسبوع من موعده المحدد، فاختفى المسرح -بمعناه المتعارف عليه- إلى يومنا هذا، إلا من محاولات مدرسية، أو على خشبات مسرح فروع جمعية الثقافة والفنون.
بيد أن وأد تجربة المسرح لم تفت في عضد أديبنا المبدع -رحمه الله-، فوجه طاقاته لمجالات الكتابة المختلفة، وحظيت التربية والاجتماعيات بنصيب وافر من إبداعاته، فقد تميز دائما بنظرته التفاؤلية، واستشرافه المستقبل، باعتبار أن هذا الوطن ليس جزءا من الحضارة الإنسانية فحسب، بل كان له السبق في نشر الوعي والنور في ربوع أوروبا عندما كانت تغط في سبات العصور الوسطى، ومهما التقطت القارئ شاردة من هنا وواردة من هناك، فإنه لن يروي غليله إلا الغوص في بحر مبدعنا اللجي، فكوامن درره لا يلقي بها اليم إلى الساحل خبط عشواء، وإنما يظفر بها الغواص الذي يفوز بالدانة، يرغد وجدانه ويهدهد مشاعره».
رحم الله أستاذنا الكبير أحمد السباعي، والشكر للأديب الكبير الأستاذ عبد المقصود خوجة الذي تفضل مشكورا بإصدار هذه الأعمال المميزة واهدائي نسخة منها.

 

المصدر : جريدة عكاظ - الثلاثاء 15 شعبان 1431هـ .