المكتبة العامة بمكة ليست للقراءة!

تسعى وزارة الثقافة والإعلام عبر الأندية الأدبية والمكتبات العامة ومعارض الكتاب إلى النشر والترويج للكتاب السعودي وإظهاره كنتاج فكري مقروء سواء تمثل في الجوانب الأدبية أو التاريخية أو الثقافية.

غير أن الوزارة رغم جهودها المضنية وسعيها لحث أفراد المجتمع على القراءة والإطلاع لتنمية ثقافتهم المعرفية والعلمية لم تجد إلا النذر اليسير من الإقبال فمجموعة كبيرة منهم تحولت من عالم القراءة والمعرفة إلى عالم التقنيات الاليكترونية وبات الكتاب مجرد ديكور ببعض المنازل لا يجد حتى من ينفض الغبار عنه.

وكثرت شكاوى المؤلفين ودور النشر من ندرة الاطلاع على الكتاب وغاب الحضور عن الملتقيات الثقافية والأدبية.

وكلما حالفني الحظ بالالتقاء بالأستاذ خالد عطية الحربي مدير المكتبة العامة بالعاصمة المقدسة أجده متألما من قلة إقبال الشباب على القراءة ليس بالمكتبة العامة التي يتولى إدارتها بل حتى في الأندية الأدبية والفعاليات الثقافية وكأنه يصارع من أجل أن تلامس الأنامل كتاباً وتنظر العين نحو اسطره ويقرأ اللسان جمله.

وإن كان الغياب عن القراءة ليس محصوراً على المكتبات العامة التي تبنتها الدولة وعملت على إنشائها وتطويرها وتوفير كافة الإمكانيات بها فإن الكثير من المكتبات الخاصة لا تجد من يلامس محتوياتها إلا النذر اليسير فما هو الحل ؟.

وكخطوة فاعلة للاستفادة من إمكانيات المكتبة بعد انتقالها لمبانيها الجديدة وبث دعوة القراءة لدى الناشئة عملت المكتبة العامة بالعاصمة المقدسة للاستفادة الايجابية من قاعة الاحتفالات لإقامة احتفالات المدارس والقطاعات التعليمية لهدفين رئيسيين كما أوضحهما الأستاذ خالد الحربي أولهما مشاركة المكتبة للأبناء وأسرهم في أفراحهم بالنجاح والتفوق وثانيهما إطلاع الشباب على إمكانيات المكتبة ومحتوياتها.

وان كانت فكرة الأستاذ خالد الحربي تكاد تكون مقبولة نوعا ما فان توقع النتائج الايجابية لها لم تصل إلى درجة قناعتي الشخصية إلا حينما حضرت منتصف الأسبوع الحالي الحفل الذي أقامه مركز حي العمرة بجمعية مراكز الأحياء بالتعاون مع مكتب التربية والتعليم بشمال مكة لتكريم الطلاب الأوائل بالمرحلتين المتوسطة والثانوية.

 فتراءت أمامي صور لم أكن أتوقعها لعل أبرزها أن نسبة كبيرة ممن حضروا الحفل من الطلاب وأولياء أمورهم قاموا بجولة على أرجاء المكتبة قبل بدء الحفل للاطلاع على المكتبة والتعرف على أهدافها ومحتوياتها وهو ما يؤكد على صدق مقولة الأستاذ / خالد الحربي “ نحن لا نطالب الشباب بالقراءة لكننا ندعوهم لزيارتنا ففي زيارتهم الأولى فرصة يطلعون من خلالها على ما وفرته الدولة لهم من إمكانيات لتنمية ثقافتهم وفي الثانية سنكسب قراء”.

وكم أتمنى أن تسعى مدارس التعليم العام والقطاعات التعليمية ومراكز الأحياء وغيرها إلى تنظيم احتفالاتها بالمكتبة العامة بالعاصمة المقدسة لتحث الناشئة والشباب على القراءة والاستفادة من المقومات المتوفرة.

فالمكتبة العامة بالعاصمة المقدسة ليست للقراءة وحدها فهي ملتقى يدعو إلى القراءة بقناعة وتعمل على تنمية ثقافات الناشئة والشباب.