مجلة الروضة

يعتبر طاهر زمخشري (1332 – 1407 هـ ) يرحمه الله أحد الرموز الإعلامية والثقافية في المملكة ، وسأتناول في هذه الكلمة جانبا واحدا فقط من جوانب حياته المضيئة ألا وهو الجانب الصحفي ..


فعندما شعر طاهر زمخشري بالنجاح الكبير الذي حققه برنامجه الإذاعي " بابا طاهر " أراد أن يستثمر هذا النجاح صحفيا فقرر إصدار مجلة أسبوعية ملونة أسماها " الروضة " .


وصدر العدد الأول من مجلة " الروضة " يوم الخميس 14 ربيع الأول 1379 هـ الموافق 17 سبتمبر 1959 م وكانت تطبع في دار الأصفهاني وشركاه للطباعة في جدة ، وهي أول مجلة سعودية ثقافية مصورة للأطفال وصدر عددها الأول تحت شعار " مجلة الطفل العربي السعودي " مقدمة نفسها أنها " مجلة ثقافية مصورة .. تصدر تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز وزير المعارف " .


صدرت " الروضة " بغلاف ملون عليه رسومات جذابة للأطفال في 16 صفحة مقاسها 22× 30 سم وثمنها نصف ريال سعودي والاشتراك السنوي فيها قيمته 25 ريالا داخل المملكة ، وقد ضمت المجلة في أعدادها حكايات وألعاب ومعلومات ورسومات تخاطب الطفل وتداعب اهتماماته .


وكانت نصف صفحات " الروضة " ملونة كما ضمت إعلانات تجارية ، وكان كل عدد يضم قصة مصورة بالألوان ، وفي كل عدد جزءان من قصتين سرديتين مسلسلتين ، كما ضمت صفحاتها الأخرى موضوعات ثقافية مختلفة تناسب عمر الأطفال .


وقد توقف الزمخشري عن تحرير مجلته " الروضة " بعد العدد الخامس بعد أن انتظم في كتابة افتتاحية الأعداد الخمس الأولى منها .
تعرضت " الروضة " للتوقف عدة مرات ، فقد توقفت للمرة الأولى بعد العدد 12 الصادر في 4 / 6 / 1379 هـ ولمدة 26 يوما دون إبداء أي مبرر ، ثم توقفت عن الصدور للمرة الثانية بعد العدد 24 الصادر في 20 رمضان 1379 هـ ودون إيضاح السبب أيضا ، ثم توقفت للمرة الثالثة لمدة أسبوعين بعد العدد 25 ، ثم توقفت نهائيا عن الصدور بعد العدد 27 الصادر في 17 / 11 / 1379 هـ الموافق 12 / 5 / 1960 م ، في حين تثير مصادر أخرى إلى أن آخر عدد صدر منها حمل الرقم 29 ثم توقفت بعد تسعة أشهر من صدورها .


ويرى البعض أن أسباب تعثر المجلة ثم توقفها يعود إلى تخلي الزمخشري عن تحريرها ثم سفره إلى الخارج للعلاج والراحة في القاهرة بعد صدور العدد 12 ، ثم أسندت مهمة تحريرها إلى الأستاذ عبدالغني قستي بعد توقف دام 26 يوما ثم تحمل مهمة تحريرها الأستاذ محمد زكي عوض حتى آخر عدد صدر منها .


ويبدو أن الزمخشري أصيب بإحباط لعدم انتشار مجلته ورواجها مما شكل عبئا ماديا قاسيا عليه وهو الذي وضع كل ما يملك في سبيل إصدارها ، فأفلس في نهاية الأمر وأصبح مدانا للمطابع بمبالغ كبيرة يعجز عن سدادها فانهارت أعصاب الإعلامي الكبير ، وسافر للخارج للعلاج ، وحاول محبوه أن ينتشلوا المجلة من إخفاقاتها دون جدوى مما أدى في النهاية إلى إغلاقها نهائيا .


وقد اعترف الزمخشري رحمه الله في حوار صحفي أجري معه بأنه أنفق ببذخ على مجلة " الروضة " حيث أسس لها مكتبا كبيرا بديكورات مكلّفة وأقام حفلة رسمية كلفته مبالغ طائلة ، كما أحضر رسامين لرسم قصص وأغلفة المجلة برواتب سخية ، وحتى طباعة المجلة تميزت كونها أول مجلة سعودية تستخدم حرف " اليونيتيب " في الطباعة .


ويتذكر الزمخشري في حواره هذا الحفل الكبير الذي أقامه لتدشين صدور المجلة وقد حضر الحفل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله وذلك عندما كان وزيرا للمعارف وحينها كان مهتما ومتحمسا لتأسيس الجامعة وكلياتها فقال مداعبا الزمخشري عقب انتهاء الحفل : " أنت سوّي الروضة وأنا أسّوي الكلية " .


ويكشف الأستاذ الباحث محمد القشعمي أنه بحث في موجودات مكتبة الملك فهد الوطنية عن مجلة " الروضة " فلم يعثر إلا على العدد الثاني عشر الصادر يوم الجمعة 4 / 6 / 1379 هـ .


وهذا يعني أن بعض تاريخنا الصحفي ضائع ولم نضع أيدينا عليه بعد ، ومن هذا المنبر أدعو كل من يملك نسخة من مجلة " الروضة " أو غيرها من مجلاتنا وصحفنا المفقودة التقدم إلى أقرب مكتبة وطنية إليه والإبلاغ عنها لعل تلك المكتبة تقوم بتصويرها ونسخها أو ابتياعها أو إغراء صاحبها بأي شكل من الأشكال بالتخلي عنها لصالح تاريخ صحافتنا السعودية .!!

المصدر كتاب ( أوراق من تاريخ الصحافة ) للاستاذ سمير مرتضى .