منارات الحرم المكي قبل التوسعة السعودية
في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم لم تكن هنالك مآذن يصعد عليها المؤذن لينادي للصلاة كما قرأنا في كتب التاريخ ومما سمعناه من كبار السن الذيح أدركوا الأذان من المنائر قبل دخول مكبرات الصوت في العصر الحديث، بقدر ما كانت الحاجة إلى مكان عالٍ يرفع فيه المؤذن صوته للإعلام بالصلاة.
بل كان سيدنا بلال بن رباح يصعد لسطح المسجد ويؤذن, ويوم فتح مكة أذن فوق سطح الكعبة, وعلى هذا الأساس ومرور السنين وتزايد المسلمين ودعت الحاجة لإيصال الصوت بشكل أكبر نشأت فكرة المنائر (المآذن) في المساجد, فكان أول من بنى المنارات هم الأمويون في مساجد الشام, ولم تنشأ المنارات في المسجد الحرام إلا في العهد العباسي.
وحيث أن المسجد الحرام هو قبلة المسلمين ومهوى الأفئدة لزم الأمر أن يتم توثيق كل ما فيه عبر الأزمنة, ومنها تأريخ منائره لأنها غدت رمزًا لشعيرة الأذان العظيمة وخصوصا لأنها في أطهر بقعة, وقد اهتم الخلفاء والسلاطين والملوك ببناءها وعمارتها بأفضل ما يمكن, ثم إن هذه المنارات بقيت قائمة حتى بداية عهد الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله حيث أزيلت أيام التوسعة وتم إنشاء منائر جديدة تحمل الطابع العمراني الحديث وارتفاع أكبر من سابقتها ولكن لا يؤذن عليها لوجود البديل عن صعودها وهي المكبرات الصوتية ذات المدى البعيد.
[ تاريخ منائر المسجد الحرام بمكة المعظمة ]
يصف الأديب إبراهيم المهتار المكي منائر المسجد الحرام في شهر رمضان قديمًا:-
كَأَنَّ المَنَائِرَ إذْ أُسْرِجَتْ قَنادِيلُهَا في دَيَاجِي الظَّلامِ
عَرَائسُ قَامَتْ عَليها الحُلِيُّ لِتَنْظُرَ بَيتَ إِلَهِ الأَنَامِ
1- منارة باب العمرة:
أمر ببناءها الخليفة العباسي: أبو جعفر المنصور, وهي أول منارة تُبنى في المسجد الحرام.
ومرت هذه المنارة بثلاث مراحل لتعميرها, حيث عمّرها وزير صاحب الموصل محمد الجواد الأصفهاني بعد أن سقطت, ثم امر أمر السلطان سليمان خان بتجديدها فهدمت وأعيد بناؤها, وجددها الشريف سرور عام 1201 هـ وجعلها بدورين, وهي قبل الهدم كانت تطل على حارة الشبيكة في الجهة الشمالية الغربية للحرم.
2- منارة باب السلام:
وتقع في الجهة الشمالية الشرقية للمسجد الحرام, وتشرف على سوق سويقة في عهدنا الحالي , بناها الخليفة العباسي محمد المهدي على باب السلام, حيث كان أمره بتوسعة المسجد الحرام عام 168 هـ بدورين, وفي زمن الناصر فرج بن برقوق تهدمت المنارة سنة 810 هـ, فعمّرها سنة 815 هـ.
وجُددت مرة أخرى في عهد السلطان مراد خان الثالث العثماني سنة 983 هـ.
3- منارة باب علي:
بنيت في عهد الخليفة محمد المهدي عندما عمّر منارة باب السلام, وكانت بدور واحد فلما آلت إلى الخراب أمر السلطان سليمان خان بعمارتها مرة أخرى وجعلها بدورين وكان ذلك سنة 970 هـ, ويظهر من خلفها جبل أبو قبيس وحارة القشاشية في العهد القريب.
4- منارة باب الوداع (الحزورة):
أنشأت في زمن الخليفة محمد المهدي عندما قام بتوسعة المسجد الحرام, وفي سنة 771 هـ سقطت المنارة في عهد الملك الأشرف شعبان بن حسين سلطان مصر, حيث أمر ببناءها من جديد وانتهت عملية إعادة تعميرها بداية شهر المحرم عام 772 هـ, وكانت المنارة بدورين, وتقع في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد الحرام حيث تطل على شعب أجياد.
5- منارة باب الزيادة:
تم إنشاؤها عهد الخليفة المعتضد بالله العباسي بدورين لما بنى زيادة دار الندوة بين باب الزيادة وباب القطبي, وأنشأها من جديد الأشرف بارسباي عام 838 هـ بعدما سقطت, وقيل أنها عُمّرت مرة أخرى عام 1113 بعد أن تهدمت, تقع في الجهة الشمالية للحرم أمام حارة الشامية.
6- منارة السلطان قايتباي:
بناها السلطان المملوكي الأشرف قايتباي سنة 880 هـ, حيث بنيت خلف مدرسته في الجهة الشرقية من المسجد بين باب النبي وباب السلام بثلاثة أدوار, وتطل على شارع المسعى في حارة القشاشية.
7- منارة باب المحكمة (السلطان سليمان خان):
بناها السلطان سليمان بن سليم خان في الجهة الشمالية للمسجد الحرام بين مدارسه الأربعة الملاصقة للحرم والواقعة أمام مدخل باب المحكمة, حيث قام بعمارتها قاسم أمين العمارة السلطانية عام 973 هـ, وتقع المنارة بالتحديد بين مدرسة المحكمة الكبرى ومدرسة رئاسة القضاء, وتعد المنارة هذه الأكثر ارتفاعا وعلوًا.
هذا وقد ذكر بعض المؤرخون أن هناك منائر أخرى للحرم لا يُعلم من بناها ولا من هدمها, مثل:
منارة باب إبراهيم التي هدمها بعض أمراء مكة لإشرافها على بيته.
ومنارة باب الصفا حيث كانت علما لباب الصفا ولا يصعد عليها لضيق بناءها.
ومنارة على الميل الذي يهرول عنده من يسعى بين الصفا والمروة.
المراجع:
1- إفادة الأنام بذكر أخبار بلد الله الحرام مع تعليقه المسمى بإتمام الكلام, عبد الله الغازي المكي.
2- تاريخ عمارة المسجد الحرام, حسين عبد الله باسلامة.
3- تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام والمشاعر العظام ومكة والحرم وولاتها الفخام, محمد بن أحمد الصباغ.
الموضوع من اعداد : بدر أحمد بدرة , معالجة الصور : حسن مكاوي .
0 تعليقات