سدانة الكعبة.. الشيبيون توارثوها من عهد النبي إلى اليوم

 

الشيخ عبد القادر بن علي الشيبي رئيس سدنة الكعبة توفي في 10 رمضان 1351هـ والشيخ عبد القادر الشيبي السادن الثاني للكعبة المعظمة

مرت سدانة الكعبة المعظمة، او سدانة بيت الله الحرام، منذ تاريخها الطويل بمراحل وأحداث مهمة، وكانت بيد اسماعيل عليه السلام، ثم بعد وفاته صارت لولده ثابت بن اسماعيل الى أن اغتصبها من ولده أخواله جرهم، ومكثت السدانة في جرهم عدة قرون الى ان اغتصبها منهم خزاعة، ومكثت في خزاعة عدة قرون الى ان آل أمر مكة والكعبة المشرفة الى قصي بن كلاب بن مرة القرشي، وهو الجد الخامس للنبي صلى الله عليه وسلم، فاسترجعها من خزاعة بعد حرب دامية، ثم صارت من بعده في ولده الأكبر عبد الدار، ثم صارت في بني عبد الدار جاهلية وإسلاما، الى أن آل أمر السدانة الى شيبة بن عثمان بن طلحة، واسمه عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي، ثم صار أمر السدانة في أولاد بني شيبة بن عثمان الى العصر الحاضر يتوارثونها كابرا عن كابر.

وقدّم حسين عبد الله باسلامة معلومات مهمة عن «تاريخ الكعبة المعظمة.. عمارتها وكسوتها وسدانتها»، ضمنها في كتاب طبع قبل 75 عاما وأهداه مؤلفه الراحل الى الملك المؤسس عبد العزيز، وأعيدت طباعة الكتاب ثانية عام 1982.

أشار باسلامة الى محطات مهمة في تاريخ سدانة الكعبة قبل الاسلام وبعده، اعتمادا على مصادر تاريخية متعددة، وما يهمنا في هذا الصدد هو كيف آلت سدانة الكعبة الى بني شيبة حتى العصر الحاضر مع ذكر نسب آل شيبة ومن تولى منهم السدانة وترجمة لبعضهم.

ويوضح الباحث ان خبر سدانة الكعبة المعظمة في الاسلام وإعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن طلحة وشيبة بن عثمان أبي طلحة، قد ورد ذلك مفصلاً في كتب التفسير والحديث والسير والتاريخ، وغيرها، فروى ابن سعد في الطبقات عن عثمان بن طلحة قال «كنا نفتح الكعبة في الجاهلية يوم الاثنين والخميس، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم يوما يريد ان يدخل الكعبة مع الناس فأغلظت له ونلت منه، فحلم عني ثم قال: يا عثمان لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت. فقلت: لقد هلكت قريش يومئذ وذلت، قال: بل عمرت وعزت يومئذ. ودخل الكعبة فوقعت كلمته مني موقعاً ظننت يومئذ ان الأمر سيصير الى ما قال. فلما كان يوم الفتح قال: يا عثمان أئتني بالمفتاح، فاتيته به فأخذه مني ثم دفعه الي وقال: خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم، يا عثمان ان الله استأمنكم على بيته فكلوا مما يصل اليكم من هذا البيت بالمعروف. قال: فلما وليت ناداني فرجعت اليه فقال: ألم يكن الذي قلت لك؟ قال تذكرت قوله لي بمكة قبل الهجرة: لعلك سترى هذا المفتاح يوماً بيدي أضعه حيث شئت. قلت: بلى أشهد أنك رسول الله».

وفي ما يخص نسب آل الشيبي سدنة الكعبة فقد سردها المؤلف كما وجدها في دار المفتاح الذي جعل في هذا العصر مسكناً لرئيس السدنة على لوحة مكتوبة بخط بديع بماء الذهب، تبدأ بالمرحوم الشيخ عبد القادر بن علي الشيبي المتوفى في العاشر من رمضان سنة 1351هـ (6 يناير 1933)، وجاءت سلسلة النسب كما يلي: عبد القادر بن علي بن محمد بن زين العابدين بن محمد عبد المعطي بن عبد الواحد بن محمد جمال الدين بن القاسم بن أبي السعود بن أبي فخر الدين بن محمد جمال الدين بن عمر ابن سراج الدين بن محمد بن علي بن غانم بن محمد بن مفرج بن محمد بن يحيى بن عبيدة بن حمزة بن بركات بن شيبة بن عبد الله بن شعيب بن جبير ابن شيبة بن عثمان بن ابي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي. هذه سلسلة اللقب ومنها يعلم ان آل الشيبي يجتمعون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصي بن كلاب.

وقد تولى رئاسة السدانة للكعبة المعظمة كثير من آل شيبة ممن لم تذكر اسماؤهم في سلسلة النسب المتقدم ذكره، منهم غانم وعلي، من أبناء غانم بن محمد بن مفرج، ومحمد بن علي، وأبوه علي، ينتمي نسبهما الى يحيى ابن عبيدة بن حمزة، وأحمد الطيب من أولاد سراج الدين بن محمد بن علي. وهؤلاء الذين يمت اليهم نسب من ذكرت اسماؤهم هنا وقد ذكرت اسماؤهم في سلسلة النسب المذكور.

وقد ذكر التقي الفاسي في كتابه «العقد الثمين» اسماء أناس من آل شيبة تولوا السدانة غير من ذكرت اسماؤهم فيما تقدم، فقال ممن تولى السدانة محمد بن ابي بكر بن ناصر بن أحمد العيدري الشيبي الملقب بالجمال، ولي السدانة بعد محمد بن يوسف الشيبي في أوائل جمادى الأولى عام 749هـ (أغسطس 1348) وتوفي عام 77هـ (أكتوبر 1375) وهو في عشرة السبعين. قال: وكان ذا مروءة واقدام وهمة عالية، سمع من القاضي عز الدين بن جماعة والفخر النويري، ومولده فيما بلغني ببلاد (مقدشوه) وكان يتردد اليها وله فيها بعض أولاده.

ثم ذكر التقي الفاسي في ترجمة من اسمه محمد بعض آل شيبة فقال: محمد بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزي بن عثمان بن عبد الدار بن قصي، ابو عبد الله أخو منصور بن عبد الرحمن الحجي روى عن أخيه منصور وصفية بنت شيبة وهي أمه، وقيل جدته، وروى عن شعبة بن الحجاج، وأبو عاصم، وأبو جعفر، وابن المبارك ووكيع بن الجراح، وروى عنه أبو داود، وذكر ابن حيان في الثقات، ذكره صاحب الكمال وتهذيبه وصرح بأنه مكي. ومحمد بن علي بن أبي راجح بن محمد ادريس العبدري الشيبي الحجي المكي جمال الدين بن نور الدين شيخ الحجية وفاتح الكعبة، ولى فتح الكعبة بعد موت قريبه فخر الدين أبي بكر محمد بن أبي بكر الشيبي في صفر أو ربيع الاول سنة 817هـ (مايو 1414) ولم يزل متوليا لذلك حتى مات، وكان فيه خير وسكون وجود الكتابة وسكن زبيدة مدة سنتين وصار يتردد منها الى مكة ثم استقر بها من حين ولى فتح الكعبة الى حين وفاته، وكانت وفاته يوم الخميس 13 جمادى الأولى سنة 827هـ (21 أبريل 1424) بمكة، وبلغ الستين وصار مفتاح الكعبة بعده لقريبه نور الدين علي بن أحمد الشيبي المعروف بالعراقي. ومحمد بن يوسف بن ادريس بن مفرج بن غانم الشيبي شيخ الحجبة وفاتح الكعبة ولي السدانة بعد يحيى بن علي بن يحيى الشيبي وتوفي سنة 749هـ (1348).

السدانة في العصر الحاضر

* محمد بن زين العابدين بن محمد بن عبد المعطي الشيبي، الذي هو جد آل شيبية الحاليين المعاصرين، فقد توفي والده زين العابدين في اواخر القرن الثاني عشر من الهجرة (1785) وهو طفل وتولى سدانة الكعبة بعد زين العابدين عبد القادر الشيبي ابن عم محمد المشار اليه، وفي سنة 1210هـ (1796) توفي عبد القادر عقيما، وبذلك آلت السدانة الى محمد بن زين العابدين وهو يومئذ حدث السن ولم يوجد في آل شيبة ولدا ذكر غيره، وكان أمير مكة في ذلك العصر الشريف غالب بن مساعد، فأخذ الشيخ محمد بن زين العابدين الى داره وكفله واعتنى بتربيته كأولاده وأكرمه الى ان كبر وتولى أمر السدانة ثلاثا واربعين سنة وكان عالما فاضلا وله رسالة في مناسك الحج على مذهب الامام الشافعي نظما، وتوفي سنة 1253هـ (1837) وخلف من الذكور ستة أولاد هم عبد القادر، سليمان، جعفر، أحمد، عبد الله، علي. فتولى بعد وفاته رئاسة السدنة أكبر أولاده الشيخ عبد القادر بن محمد سنة 1253هـ (1837) ومكثت بيده المشيخة ومفتاح الكعبة سبع سنين وتوفي سنة 1260هـ (1844) فتولى بعده أخوه الشيخ سليمان بن محمد في السنة المذكورة وتوفي سنة 1261هـ (1845) ولم يمكث في الرئاسة الا سنة واحدة. فتولى بعده أخوه الشيخ جعفر بن محمد في السنة المذكورة ولم يمكث في الرئاسة غير سنة واحدة وتوفي سنة 1262هـ (1846) ثم تولى السدنة بعده أخوه الشيخ أحمد بن محمد في السنة المذكورة وكان أمير مكة في ذلك العصر الشريف محمد بن عبد المعين بن عون، وفي أثناء رئاسة الشيخ أحمد بن محمد الشيبي سافر أخوه الشيخ علي بن محمد الى القسطنطينية في سلطنة السلطان عبد المجيد خان بن السلطان محمود خان العثماني، فأكرمه السلطان واحسن عليه واكرم مثواه ومنحه مبلغاً من المال بقصد عمارة دار خاصة بمفتاح الكعبة المعظمة يضع فيها مفتاح الكعبة دواما ويسكنها مع المفتاح كل من تولى رئاسة السدنة، فلما رجع الشيخ علي الشيبي الى مكة المكرمة بنى الدار المذكورة الشهيرة في العصر الحاضر بدار المفتاح في الصفا، وأنشأها على ارض تابعة لآل شيبة الذين هم سدنة الكعبة المعظمة، وعند تمام بناء الدار المذكورة توفي رئيس السدنة الشيخ أحمد بن محمد الشيبي سنة 1274هـ (1858) قبل ان يسكنها وانما غسلوه فيها، وكانت مدة رئاسة الشيخ أحمد اثنتي عشرة سنة، ثم تولى رئاسة السدانة بعده الشيخ عبد الله بن محمد الشيبي في السنة المذكورة وهو أول من سكن دار المفتاح بعد عمارتها ومكثت السدانة بيده اثنين وعشرين سنة وتوفي سنة 1296هـ (1879) وكان هو آخر من تولى سدانة الكعبة المعظمة من اولاد الشيخ محمد بن زين العابدين الشيبي، وذلك لأن الشيخ علي بن محمد توفي في حياة أخيه الشيخ عبد الله المشار اليه، ولم يل السدانة، فهؤلاء الطبقة الأولى من أولاد الشيخ محمد بن زين العابدين الشيبي.

واما الطبقة الثانية الذين هم أحفاد الشيخ محمد بن زين العابدين الشيبي، أو بعبارة أخرى أبناء الأبناء، فأول من تولى رئاسة السدنة منهم وصار صاحب مفتاح الكعبة المعظمة كما هي عادتهم من ان المفتاح يكون بيد رئيس السدنة هو الشيخ عمر بن جعفر بن محمد الشيبي، فقد تولى الرئاسة بعد وفاة عمه الشيخ عبد الله بن محمد سنة 1296هـ (1879) وذلك انه لما تولى الشيخ عبد الله الشيبي كان الشيخ عمر غائبا في بلاد جاوا، فأرسل اليه ابن عمه الشيخ عبد القادر بن علي الشيبي رسولا خاصا الى بلاد جاوا يخبره الخبر فلما بلغه ذلك حضر من بلاد جاوا وتولى أمر السدنة ومكث صاحب المفتاح ورئيس السدنة ثماني سنين الى ان توفي سنة 1304هـ (1887)، ثم تولى بعده ابن عمه الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الشيبي بن محمد بن زين العابدين الشيبي رئاسة السدنة سنة 1304هـ (1887)، ومكث رئيسا على سدنة الكعبة المعظمة الى سنة 1311هـ (1894) فأخذ منه المفتاح وعزل من رئاسة السدنة في تلك السنة وتولى بعده ابن عمه الشيخ محمد بن صالح بن أحمد بن محمد الشيبي، وسبب ذلك انه وقع بين أمير مكة والشريف عون الرفيق بن محمد بن عبد المعين بن عون، وبين والي ولاية الحجاز وقومندانها في ذلك العصر عثمان نوري باشا، نزاع ومشاحنات، ثم تولى السلطة، ودخل في ذلك النزاع الشيخ عبد الرحمن الشيبي المشار اليه وانضم الى حزب والي الحجاز عثمان نوري باشا، كما انضم الى حزبه ايضا مفتي مكة ورئيس السادة العلوية، ونائب الحرم، وبعض ممن لهم شخصية بارزة من الاشراف، ورفع كل من الشريف عون الرفيق، وعثمان نوري باشا الأمر الى السلطان عبد الحميد خان العثماني بن عبد المجيد خان صاحب الولاية والسلطنة على الممالك العثمانية والحجاز في ذلك العصر. واستعان عثمان نوري باشا على الشريف عون بمضبطة من الذوات المتقدمة اسماؤهم اعلاه ضد الشريف عون الرفيق، فانجلت المعركة بفوز الشريف عون الرفيق على خصومه فكان النصر حليفه في ذلك، فصدر امر السلطان عبد الحميد خان بعزل والي الحجاز عثمان نوري باشا، وبعزل الذوات الموقعين في تلك المضبطة ونفيهم جميعا من الحجاز، ونفذ الأمر وعزل الجميع من وظائفهم ونفوا من الحجاز، غير ان الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الشيبي لطف به ولم ينف من الحجاز وانما بارح مكة المكرمة وسكن (الهدا) وهي قرية صغيرة واقعة بسطح جبل (كرا) الذي هو بشرق مكة وواقع بين مكة والطائف، وهو من سلسلة جبال السراة ويبلغ ارتفاعه عن سطح البحر 2200 متر، ويبعد عن مكة نحو 35 ميلا، وبينه وبين الطائف نحو 8 أميال ومكث الشيخ عبد الرحمن الشيبي في (الهدا) الى ان توفي سنة 1320هـ (1902) ودفن بها. وكان شهما كريما محبا للخير، وهو أول رئيس من السدنة الذين ادرك المؤلف رئاستهم وعرفهم شخصيا. ثم تولى سدانة الكعبة ورئاسة السدنة بعده الشيخ محمد صالح بن أحمد بن محمد الشيبي سنة 1311هـ (1894) بعد عزل ابن عمه الشيخ عبد الرحمن الشيبي المتقدم ذكره، وكان شهما هماما، فقد تولى رئاسة مجلس الشيوخ في عهد الشريف الحسين بن علي سنة 1335هـ (1917) وكان ذا رأي ثاقب، وفكر واسع، وقد مكث رئيسا للسدنة 24 سنة الى ان توفي بمكة المكرمة يوم عيد النحر 10 ذي الحجة سنة 1335هـ (26 سبتمبر 1917)، وكانت ولادته في أول عام 1271هـ (1855) وقد بلغ من العمر 64 سنة.

ثم تولى بعده الشيخ عبد القادر بن علي بن محمد الشيبي رئاسة السدنة سنة 1335هـ (1917) وكان شهما هماما وديعا سموحا له اقبال على الناس محبا للخير وجيها، وقد باشر عدة وظائف منها رئاسة مجلس الشيوخ في عهد الشريف الحسين بن علي، وترأس عدة مجالس في حكومة جلالة ملك المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، وكانت له عنده منزلة عالية. ومكث رئيسا للسدنة 16 سنة الى ان توفي بمكة المكرمة في اليوم العاشر من شهر رمضان سنة 1351هـ (6 يناير 1933) وكانت ولادته في منتصف سنة 1271هـ (1855) وقد بلغ من العمر ثمانين سنة، وبوفاته انتهت الطبقة الثانية الذين هم أحفاد الشيخ محمد بن زين العابدين الشيبي.

ويوضح المؤلف باسلامه أن الطبقة الثالثة من السدنة آل الشيبي الذين هم أبناء الأحفاد فهم رئيس السدنة الحالي الشيخ محمد بن محمد صالح بن أحمد بن محمد بن زين العابدين الشيبي ولد سنة 1293هـ (1876) وتولى رئاسة السدنة في اليوم الحادي عشر من شهر رمضان سنة 1351هـ (7 يناير 1933) بعد وفاة المرحوم صاحب الفضيلة مولانا الشيخ عبد القادر بن علي الشيبي المتقدم ذكره، وهو لا يزال في رئاسة السدنة الى اليوم (وقت تأليف الكتاب)، مضيفاً بالقول: وقد ادركت كثيرا من آل الشيبي ممن لم يتولوا رئاسة السدنة فمنهم من ادركته المنية قبل ان تصل اليه رئاسة السدنة ومنهم من هو على قيد الحياة، اما من ادركتهم وعرفتهم بالذات ممن لم تصل اليهم رئاسة السدنة وقد ادركتهم الوفاة فهم الشيخ زين العابدين بن عبد الله بن محمد الشيبي توفي في بلاد المغرب سنة 1314، ثم الشيخ محمد سعيد بن عبد الله بن محمد الشيبي توفي سنة 1340هـ (1922) ثم الشيخ عبد الغني بن عبد الله بن محمد الشيبي توفي سنة 1342هـ (1924) ثم الشيخ جعفر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الشيبي توفي بالطائف سنة 1343هـ (1925) ثم الشيخ حسن بن عبد القادر بن علي الشيبي توفي سنة 1343 (1925) بالطائف.

أما الموجودون من آل الشيبي في العصر الحاضر (وقت تأليف الكتاب قبل 55 عاما) الذين هم سدنة الكعبة المعظمة فهم رئيس السدنة الحالي الشيخ محمد المتقدم ذكره، ومن الطبقة الثالثة فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد القادر بن محمد بن زين العابدين الشيبي ولد بمكة المكرمة سنة 1297هـ (1880) وهو السادن الثاني بعد رئيس السدنة الحالي، وقد تقلد عدة وظائف في حكومة جلالة الملك عبد العزيز وهو الآن، حين تحرير هذا المؤلف، نائب رئيس مجلس الشورى الثاني ورئيس هيئة المطالبة بأوقاف الحرمين الشريفين ورئيس هيئة الاسعاف الطبي وهو صاحب جاه واقبال ومكارم اخلاق وهمة في الاعمال وسخاء وله حرمة ومكانة في البلاد وله من الاولاد الذكور الشيخ محمد أمين ولد سنة 1325هـ (1907) والشيخ طه ولد سنة 1333هـ (1915) والشيخ عاصم ولد سنة 1337هـ (1919) والشيخ زين العابدين ولد سنة 1339هـ (1921) والشيخ سراج الدين ولد سنة 1344هـ (1926) والشيخ العزيز ولد سنة 1248هـ (1832) ابناء الشيخ عبد الله بن عبد القادر الشيبي رئيس السدنة الذي قد ابتدأ المؤلف به سلسلة نسب آل شيبه بن عثمان الحجي فيما تقدم. وهؤلاء ابناء الشيخ عبد الله الشيبي المشار اليهم هم من الطبقة الرابعة بالنسبة الى جدهم الشيخ محمد بن زين العابدين الشيبي، ومن الطبقة الرابعة ايضا الشيخ عمر بن جعفر بن عبد الرحمن بن عبد الله الشيبي، ولد سنة 1331هـ (1913) والشيخ طلحة بن حسن بن عبد القادر الشيبي المتقدم ذكره ولد سنة 1340هـ (1922) ومن الطبقة الخامسة الشيخ فيصل بن محمد أمين بن عبد الله بن عبد القادر بن علي بن محمد الشيبي فقد ولد في نهاية شهر ذي الحجة سنة 1353هـ (أبريل 1935) وهو المولود الوحيد من الطبقة الخامسة.

معجزة نبوية خالدة

* واعتبر المؤلف ان هؤلاء السدنة آل شيبه بن عثمان بن ابي طلحة الحجي المثبوت نسبهم المعروفون عند أهل مكة خاصة وعند المسلمين عامة بأنهم سدنة الكعبة المعظمة جاهلية واسلاما من عهد عبد الدار بن قصي، الى عهد شيبة بن عثمان، الى هذا العصر الذي نحرر فيه هذا المؤلف (عام 1354هـ الموافق 1935) وهم محل تجلة واحترام واكرام وسؤدد وفخار، جاهلية واسلاما، كما دلت على ذلك الاخبار الواردة في حقهم من اصح المصادر.

وهم لا يزالون اصحاب وجاهة في هذا العصر عند عموم الملوك والسلاطين والامراء، وبالاخص عند كل من تولى خدمة الحرمين الشريفين او امارة مكة المكرمة وعند عموم المسلمين، حيث انه بيتهم من اشرف بيوت قريش ووظيفتهم من اعظم الوظائف الاسلامية ولا يزال وجودهم من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اخبر أمته بها بقوله: «خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم» فبقاء آل شيبه وخلود سدانة الكعبة المعظمة بأيديهم وعدم نزعها منهم واسنادها الى غيرهم طيلة هذه القرون مع تبادل الولاة والحكام على هذه البلاد من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين وخلفاء بني أمية وعبد الله بن الزبير وخلفاء بني العباس والفاطميين وملوك الجراكسة وسلاطين آل عثمان وأمراء مكة من الاشراف من عهد الشريف قتادة وأبي نمى الى الشريف الحسين بن علي وحكم الملك سعود الاول، الى جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود في العصر الحاضر، بل وفي حكم المتغليين من قرامطة ويمنيين وغيرهم، فلا شك ولا شبهة انها معجزة من أعظم المعجزات الخالدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم المحسوسة الظاهرة ظهور الشمس في رابعة النهار، فإن الله تعالى قد حفظ بقدرته هذه العائلة الكريمة، كما حفظ بيته المقدس من تعدي المعتدين وسيحفظهما بمشيئته تعالى الى يوم القيامة، فان امور الدنيا تجري بمشيئته سبحانه وتعالى، حيث هو القاهر فوق عباده، وهو المتصرف في الكون بحكمته وهو الذي يدبره بقدرتـه، فله الامر من قبل ومن بعد، وهو العليم الخبير.

السدانة .. النظر في أمور الكعبة

* عرفت السدانة قبل الاسلام بالقيام بجميع امور الكعبة المعظمة من فتحها واغلاقها وتنظيفها وغسلها وكسوتها واصلاح هذه الكسوة اذا تمزقت واستقبال زوارها وكل ما يتعلق بذلك.

وقد تملك قصي بن كلاب على قومه فملكوه فكانت اليه السدانة والسقاية والرفادة والندوة ولواء الحرب.

ويمكن القول إن سدانة الكعبة تعني النظر في كل ما يتعلق بأمورها، ويتولى الشيبيون الذين ينتهي نسبهم الى شيبه بن عثمان بن ابي طلحة سدانة الكعبة في العصر الحاضر، وتحمل العائلة مفتاح الكعبة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم عندما اعطاهم النبي لجدهم وقال لهم: «خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم». ولا يزال وجودهم من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم التي أخبر امته بها، ولا يجرؤ احد ان يدخل الكعبة الا باذنهم.

ويتم في الوقت الحاضر تسليم كسوة الكعبة المشرفة الخارجية لكبير سدنة بيت الله الحرام ليتم تركيبها على الكعبة المشرفة في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة من كل عام. ويقام سنوياً حفل خطابي بهذه المناسبة يتم خلاله التوقيع على إجراءات الاستلام والتسليم من قبل الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وكبير سدنة الكعبة، وهو حالياً الشيخ عبد العزيز الشيبي.

المصدر : الشرق الاوسط الجمعـة 29 جمـادى الثانى 1429 هـ