نفقا الدفان ينقلان المدابغية إلى المركزية

 

نقل نفقان للمشاة اخترقا جبل الدفان في حي الحجون، حارة المدابغية إلى المنطقة المركزية، بعدما كانت ذات يوم تفوح منها روائح أشجار الشبث والعرعر المنتشرة في الحي، والتي كانت تدبغ بها الجلود في نحو 05 مدبغة. وكان هذا الحي يشتهر بدباغة الجلود، هذه الصنعة المكية التي اندثرت ولم يعد لها أثر في مدينة عرفت بالتقاء الصناعات والثقافات، كونها تجتمع فيها كل الجاليات الإسلامية من مختلف أنحاء العالم.

ويعتبر مسجد أبي ترابة، الذي بني قبل نحو 200 عام، أحد معالم الحي المميزة، ولبناء هذا المسجد قصة ارتبطت بتاجر هندي قدم إلى الحارة لشراء كميات كبيرة من الصوف المنزوع من الجلود، ونذر على نفسه أنه إذا كتب الله تعالى له الكسب بعد تصديره للهند سيبني المسجد، وبعدما تحقق له ما أراد قدم مرة أخرى إلى مكة المكرمة وبنى هذا المسجد.

وتقع حارة المدابغية، التي دخلت مع الحي ضمن المنطقة المركزية بعد صدور الأمر السامي بتنفيذ أنفاق المشاة، على جبل السيدة المطل على مقابر المعلاة، وفي الحارة كثافة سكانية مهولة إلى حد الاختناق.وقال محمد مغربي، الشيخ الذي يعيش في الحارة منذ أعوام طويلة، إن تاريخ المدابغ في الحارة يعود إلى أكثر من 300 عام. وأضاف «كان المغاربة القادمون للحج أشهر من اشتغلوا في هذه الصناعة، وكان لكل صاحب مدبغة منزل بجوارها، وكانت الجلود تجلب من مسالخ مكة المكرمة وخصوصا مسلخ البلدية الواقعة اليوم في مقر سوق العتيبية في شارع الأندلس».

وحول طريقة عمل المدابغ قال «يوضع الملح على الجلود لمنع التعفن ثم تنظف من شوائب اللحوم الزائدة والشعر، ثم توضع في أحواض كبيرة، بعدها تدبغ بقشر الرمان وأشجار الشبث والعرعر التي تجلب من جبال الهدا في الطائف وتصنع منها الأحذية والجواعد والدفوف».

ويتذكر المغربي أن من أشهر الصناع الذين زاولوا هذه المهنة، إدريس طالب وحسن حميش وحامد معاش وعبدالقادر أشقر وعبدالرحمن مهدي الدباغ، وهؤلاء توارثوا الصناعة عن أجدادهم، مشيرا إلى أن آخر مدبغة في الحي كانت لحسين عباس طالب قبل 40 عاما. وتتميز الحارة بشوارعها الضيقة جدا بحيث لا يتجاوز عرض الشارع ثلاثة أمتار وهي متآكلة، ويجد من يدخل الحارة صعوبة في التنقل، وقد دفعنا وضع الشوارع هذا إلى التساؤل حول كيف يمكن لسيارات وآليات الدفاع المدني أن تباشر حادث حريق في أعلى الحارة الغارقة في الضيق.وأكد أحمد سعيد أن 50 في المئة من الباعة الجائلين الأجانب يسكنون منازل المدابغية وكثير منهم أعمارهم لا تتجاوز 13 عاماً.

عكاظ 1434/7/30هـ