السقاف .. قصر تاريخي يحتضر

حينما تدلف في الشارع المؤدي إلى قصر السقاف في مكة المكرمة تستحضر من أقاصي الزمن تاريخ هذا الموقع الذي تصدعت جدرانه ومشت تصاريف الزمن على الأبواب وتآكلت الفسيفساء والزخارف الإسلامية القديمة، وكلما اقتربت من القصر تسمع عصف الريح في جنباته فيعتريك الخوف وتحس بالرهبة تمشي في دواخلك، لكن تتسلق عصب الخوف وتمضي على متن عربة الزمن لاكتشاف هذا القصر التاريخي الذي يحتضر.وإذا نظرنا إلى قصر السقاف نجد إنه يقع في حي المعابدة، وهو من المباني القديمة بمكة المكرمة ويحمل الطابع المعماري الإسلامي لاحتوائه على كثير من العناصر الفنية والزخرفية الإسلامية وهو مشيد من الطين والحجر، ويوجد في الركن الشمالي الشرقي من المبنى ما يشبه القلعة أو البرج الحربي وهو ذو فتحات مستطيلة.ويمثل قصر السقاف التاريخي حقبة تاريخية هامة في تاريخ المملكة وتحديدا في عهد الملك عبدالعزيز مؤسس هذا الكيان الشامخ، وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- قد وافق على تسليم القصر للهيئة العامة للسياحة والآثار للعناية به والمحافظة عليه منذ عامين تقريبا.

وقصر السقاف في مكة المكرمة يحمل في جميع جنباته وغرفه وممراته تاريخا عابقا بالعزة والشموخ طوال أكثر من (88) عاما مضت إلى هذا التاريخ، إلا أنه بدأ يحتضر في آخر أيامه. وهذا القصر التاريخي تبلغ مساحته نحو 3500 متر مربع، ويتكون من طابقين ويضم عددا من الصالات والغرف الملحقة به، وفي القصر محطات يعتقد أنها لتوليد الكهرباء وتنقية المياه موصولة بأنابيب كبيرة تعلو جدران القصر. ويوجد بالفناء الخارجي للقصر مواقف مخصصة لوقوف السيارات كما يوجد بعض المباني التي كانت مخصصة لسكن العاملين في القصر، البناء المعماري للقصر طغت عليه الزخارف الإسلامية القديمة والرسوم الهندسية التي جعلت منه معلما تاريخيا مميزا في مكة المكرمة.

وكشف الدكتور فواز علي الدهاس المشرف العام على إدارة المتاحف بجامعة أم القرى وأستاذ التاريخ والحضارات الإسلامية أن قصر السقاف يعتبر من المباني العمرانية ذات الطراز المميز ويعد من أقدم المباني الأثرية في مكة المكرمة منذ عهد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وقد اتخذ من قصر السقاف مقرا للحكم وكذلك اتخذه الملك سعود والملك فيصل. وتابع الدهاس: قصر السقاف مكان مناسب لأن يكون متحفا وطنيا في مكة المكرمة نظرا لطرازه المعماري الفريد وتاريخه الذي بدأ من عهد الملك المؤسس، وقال إن إسناده الى الهيئة العامة للسياحة سوف يسهم في إعادة ترميمه وصيانته والمحافظة على طرازه المعماري وتهيئته ليكون متحفا عاما مفتوحا للزوار من أهالي مكة المكرمة والمعتمرين والحجاج القادمين من مختلف أقطار العالم ولطلاب التعليم العام والتعليم العالي لتعريفهم بهذا الموقع التاريخي الهام الذي يحكي مرحلة من الجهود الكبيرة التي بذلها جلالة الملك عبدالعزيز، رحمه الله، عند توحيد هذا الكيان الشامخ.

الصالة الملكية

يتضمن القصر الصالة الملكية التي كان الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- يستقبل فيها ضيوف الدولة من رؤساء الدول وكبار الشخصيات، خاصة خلال موسم الحج، التي يزيد طولها على 40 مترا وبعرض عشرة أمتار، ويحيط بالصالة عدد كبير من الغرف المطلة على الصالة مباشرة المسقوفة بالخشب الذي لا يزال يحافظ على وجوده طوال عشرات السنين.

المصدر : عكاظ 1434/5/19هـ