حوار مع الدكتور فؤاد غزالي الأمين الثاني عشر للعاصمة المقدسة
يعتبر الدكتور فؤاد غزالي الأمين الثاني عشر للعاصمة المقدسة، تربع على كرسي الأمانة إذ يصفه بالكرسي الساخن، وأمضى أربع سنوات حافلة بالإنجازات وصفها في حديثه لـ«عكـاظ» بأنه يظل يفتخر بها، خاصة إدخال التقنية واستخدام الشبكات في جميع أعمال الأمانة، إضافة إلى إنهاء المخطط العام لمكة المكرمة الذي بنيت عليه المخططات التي تعمل حاليا.
الغزالي أكد أنه واجه حربا شرسة من قبل لصوص الأراضي الذين كانوا يحملون صكوكا وهمية، حيث استطاع أن ينتزع منهم هذه الأراضي ويعيدها للدولة، ومنها حديقة ولي العهد الواقعة على طريق جدة ــ مكة السريع ومخططات ولي العهد التي يتجاوز عددها 12 مخططا، حيث استطعنا أن نقف ضد هذه الصكوك حتى أنجزنا هذه المنح التي يتم توزيعها حتى الآن، مضيفا أنه قام بزيارة كاتب العدل في منزله لإنجاز هذه المهمة وظل يتبعها.وكشف الغزالي أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان يتابع ذلك عن طريق مكتبه الخاص عندما كان وليا للعهد لتنفيذ مخططات وحديقة ولي العهد المقامة على طريق جدة ــ مكة السريع.
الولادة والنشأة
يصف الغزالي هذه المرحلة بقوله «أسرتي من مكة المكرمة حيث كانت ولادة والدي فهو من خريجي دار التوحيد، وانتقل إلى جدة في بداية شبابه للعمل وكان يجيد اللغة الإنجليزية مما مكنه من الالتحاق بالعمل في السفارة الأمريكية في جدة، وكان في بداية العشرينات من عمره؛ فهو يجيد أكثر من لغة كعادة أهل مكة بسبب قربهم واحتكاكهم بالحجاج، وقد ساعده للعمل صديقه الشيخ محمد إبراهيم مسعود فهو من خريجي الجامعة الأمريكية في بيروت ــ تخصص لغة إنجليزية، حيث أبلغ الوالد أنه في حاجة إلى شخص مسؤول عن المستودعات في السفارة الأمريكية، فاستلم العمل وكان مسؤولا عن المشتريات والمستودعات ثم انتقل إلى البريد وبعدها انتقل للعمل في الجمارك مع الشيخ محمد رحيمي وعمل بها حتى التقاعد.
وأضاف كان الوالد حريصا على أداء صلواته في المسجد وقبل الأذان تجده في المسجد متعطرا بالعودة، وقد تأثرنا به حيث إننا نحرص على صلاة الجماعة، وعندما تفوتنا نشعر بالحزن حتى وأنا في الاجتماعات في الأمانة أحرص عليها وقد أثر علينا ذلك حتى أثناء دارستنا في الخارج.
مرحلة التعليم وتابع القول «دخلنا مدرسة المنصورية الابتدائية وهي في حي الشاطئ وكان مديرها يدعى حسن أبو الحمايل وهو من خطباء المساجد المشهورين في سوق البدو بجدة وقد كان أخي أحمد زميلي في الدراسة، حيث إنه قد حدث له مرض وتأخر وهو أكبر مني ودخلنا سويا في الدارسة وسرنا سويا حتى المرحلة الثانوية، ومن زملائنا كامل قمصاني عليه رحمة الله كما كان معنا في المنصورية نجم الاتحاد سعيد غراب الذي يكبرنا في السن، وكذلك منصور عبدالحميد وجميل فيومي وغيرهم.
وأضاف الغزالي لم أكن في هذه المرحلة من المتفوقين حيث أن تقديري لم يتجاوز (جيد) وذلك لعدم الاهتمام حيث لا نعرف الدارسة في المنزل فقد كنا مشغولين بلعب الكرة وبعض الألعاب الأخرى التي كانت معروفة في ذلك الوقت مثل البريكة، الغميمة والوزرة والكبت، وقد أنهيت المرحلة الابتدائية وأنا غير متفوق، وعندما التحقت بالمدرسة المتوسطة السعودية كان مديرها يدعى راعي القوتة وهو ذو شخصية قوية؛ كان يتعامل معنا بشكل حازم وكان يستخدم الضرب بالعصا في أضيق الحدود، ولكن كان موجعا «وقد انفرشت في إحدى المرات لأنني كنت شقيا في تلك المرحلة بخلاف المرحلة الابتدائية». وأضاف «أذكر أنني جئت متأخرا في المدرسة في تسجيلي في المرحلة المتوسطة، وقد كان أخي منتظما قبلي بأسبوع ولم نقبل إلا في وقت متأخر وتشابكت مع أحد الأولاد وكان في أول يوم، لمحني المدير وأخذت علقة انتظمت بعدها ولم أتعد على أحد وفي هذه المرحلة برز تقوفي، حيث كانت تقديراتي أفضل من المرحلة الابتدائية ولكنها لم تكن عالية جدا».
الدراسة الجامعية والابتعاث وقال عن دراسته الجامعية عندما تخرجت في المرحلة الثانوية كنت أهوى الطيران والسبب عندما كنت أتابع برامج الأطفال، إذ كنت معجبا بأنشودة بابا عباس وماما أسماء فقد استهوتني كثيرا، وكان أحد أخوالي ضابطا في الطيران في خميس مشيط وكنت أرغب في الطيران الحربي وذهبت إليه وجلست هناك شهرا في أبها، إلا أن الوالدة رفضت وبعد ذلك تقدمت للطيران المدني وتم اختباري وحصدت علامات عالية، ولما عملوا لي كشفا طبيا أفادوني بأني مصاب بعمى الألوان ولكن بالإمكان أن انخرط في العمل ولكن استخرت ثم صرفت النظر عنها.
وأضاف «تقدمت لجامعة البترول وتغير وضعي تماما حيث أصبحت متميزا وأصبحت في لوحة الشرف ثم أنهيت المرحلة الجامعية، وكان معدلي عاليا وكان وجود النظام سببا في ذلك، حيث كنا مترابطين ومتوافقين مع بعضنا البعض، كلنا من جميع مناطق المملكة منسجمين مع بعضنا البعض، وكنا نأخذ نهاية السنة تذكرة لزيارة أهلنا، أما في الأعياد فقد كنا نذهب بالسيارات وكان أعضاء هيئة التدريس من الأمريكان المتميزين».
وعن فترة الابتعاث قال «صقلت فترة الابتعاث شخصيتي حيث جعلتني أعتمد على نفسي؛ نظرا للمسؤولية وشعور المبتعث بها وكانت الابتعاث على أيامنا جميلا جدا، وكان في الفترة الذهبية حيث كان العدد قليلا والجامعات في قمتها وكان السعودي يعامل باحترام شديد وكانت تأشيراتنا دبلوماسية وأعتقد أن الابتعاث في ذلك الوقت العصر الذهبي والتحصيل العلمي والتعامل من قبل الجهات الأمريكية في القمة، لذلك نحن استمتعنا، وأذكر أن العربي والسعودي الذي أنهى الدارسة في هذه الفترة (ست سنوات) هو أنا والسبب الفترة التي عملت فيها في وزارة المواصلات عندما عملت فيها حيث استفدت من المشاريع التي نفذتها فيها.وأضاف «في فترة دراستي طلبوني للعمل في الجامعة لديهم حيث كنت أعطي محاضرات لجميع الجنسيات وكان لدي دخل كبير جدا حتى كنت أعمل في البحوث هناك مع المشرف علي، ورزقت ببنت وابن، هناك أنهيت مرحلة الدراسة والدكتوراه وكان الابتعاث من جامعة الملك عبدالعزيز وكان مديرها الدكتور محمد عبده يماني ثم الدكتور محمد عمر الزبير، ثم عينت أستاذا مساعدا فيها في كلية الهندسة وكان عدد السعوديين محدودا، وكنا نكلف بأعمال إدارية إضافية وترقيت حتى وصلت وكيلا لكلية الهندسة للشؤون المالية والإدارية وكانت هذه فترة بناء الكلية، وكنا نستهلك كل الميزانية في التجهيزات واستمررت حتى أصبحت عميدا للكلية، وكان عميد الجامعة الدكتور رضا عبيد وكنت آخذ التوجيهات منه وتأثرت به حيث إنه بسيط جدا وإداريا محنكا وكان لديه مثل دائما يردده وهو استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان. وتابع القول «من المواقف التي لا أنساها أن شخصا دس خطابا يذمني فيه وأرسله للدكتور رضا عبيد فوصل إليه وهو يقدر جهودي ويحترمني ويحترم عملي وحين دخلت إليه وجدته على غير العادة حيث استقبلني بخلاف البشاشة التي تعودتها منه».
وزاد «سألته عن سبب عبوسه وكان قد وصلتني نسخة من الخطاب فقلت له هل وصلك خطاب في؟ قال: نعم، وأخرجه لي وتأثرت من ذلك الموقف وشعر هو بذلك، وكان هناك حفل في كلية الهندسة وحضر الحفل، وفي هذا اللقاء تحدثت ثم طلب الكلمة فمدح كلية الهندسة، وقال هذا بفضل أخي وصديقي الدكتور فؤاد غزالي وكان هذا اعتذارا مبطنا لايقوم به إلا الكبار».
وتابع حديثه عن المناصب التي تقلدها «عملت مشرفا على الدراسات العليا والبعثات في عهد الدكتور غازي عبيد واستمررت قرابة السنتين وبعدها أخترت أمينا للعاصمة وكان اختياري مفاجأة لي وقد كنت أتوقع أنني سأكون مديرا للجامعة بعد الدكتور غازي عبيد رغم أنني لم أبحث عنه وكنت أتوقع أن أصل إلى مدير جامعة في أقصى حد، حيث كنت أتوقع أن أكون مكانه في حالة تقاعده بعد ترشيحه لي».
العمل في الأمانة
ذكر قائلا «بداية أخبرت قبل ثلاثة أشهر من تعييني أمينا للعاصمة المقدسة، وكان أول اتصال من الدكتور أسامة شبكشي وطلبني في مكتبه في جدة وهو وزير للصحة في ذلك الوقت وكنت قد زاملته في الجامعة وعملت تحت إدارته فقال لي هناك حديث حول اختيارك أمينا للعاصمة المقدسة فأنت أحد الأشخاص الذين وقع الاختيار عليهم وهناك مشاريع كبيرة سيتم تنفيذها في مكة ونسألك عن مدى استعدادك لو وقع الاختيار عليك عن كيفية التعامل معها.وأضاف رددت عليه قائلا «العمل في مكة شرف لكل مسلم وسأعمل بكل طاقتي لخدمة ديني ومليكي ووطني وأتوقع أن من قام بتزكيتي وترشيحي الدكتور غازي عبيد مدني لأمانة العاصمة المقدسة بعد أن طلب منه ترشيح عدد من الكفاءات للعمل في أمانة العاصمة المقدسة ونحن نعمل في جامعة الملك عبدالعزيز وهو في ذلك الوقت مديرا لها».
وتحدث عن فترة عمله في أمانة العاصمة المقدمة قال «استطعت أن انتزع أراضي شاسعة من لصوص الأراضي الذين يحاولون سرقتها بصكوك وهمية، حيث أبطلتها عن طريق التنسيق مع كاتب العدل وقمت بتوزيعها منحا للمواطنين كما أنني قد طرحت فكرت شق طريق الملك عبدالعزيز الطريق الموازي الذي يتم تنفيذه حاليا».وعن القرارات التي كان يتمنى اكتمالها، قال «كنت أتمنى أن أنفذ الطرق الدائرية في ذلك الوقت إلا أن الميزانية التي كانت تصلنا قليلة جدا في ذلك الوقت ولا تكفي لإقامة مشاريع بهذا الحجم».
ونفى الغزالي تهمة خلافه مع رجال الأعمال في مكة المكرمة وقال لا خلاف لي معهم وقد حاولت في البداية إفهامهم ورفضوا ولكن بعد أن شرحت لهم استراتيجيتي وافقوا أخيرا ولا خلاف لي معهم، لكنني طالبت بقرار سيادي لتنفيذ المشاريع التطويرية الكبيرة لأنها متشعبة وتحتاج إلى قرار أكبر من أمانة العاصمة المقدسة لوجود تداخلات لأكثر من جهة وأملاك مواطنين وهذا ما حدث مؤخرا وأبدى ارتياحه عما قدمه لمكة المكرمة.
المصدر : عكاظ 1434/5/17هـ
0 تعليقات