أثر هذا الاسبوع مرتبط بميلاد خير الخلق الذي بولادته ولد كل الخير والبركة لهذه الأمة واختُتمت سلسلة رسالات الله للأرض.

 

بدأت أهمية الموقع بزواج والد النبي ﷺ (عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب) بوالدته (آمنة بنت وهب بن عبدِ مناف بن زهرة بن كلاب) وعمره ٣٠ سنة وقيل أقل، والذي توفي بعد أن حملت السيدة آمنة بالنبي ﷺ بشهرين ودفن عند أخواله بني عدي بن النجار في المدينة المنورة حيث ذهب بتجارة إلى الشام، فلما رجع أدركته وفاته في المدينة.

 

مكثت السيدة آمنة في دارها بمكة حتى أتمت مدة الحمل كاملة ووضعت حملها في فجر يوم الاثنين وقيل في أول النهار بعد طلوع الشمس (قيل في التاسع وارجح الأقوال في الثاني عشر) في شهر ربيع من عام الفيل. قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة النبوية الشريفة. وقد حقق محمود باشا الفلكي في كتابه نور اليقين أن مولد النبي ﷺ كان في التاسع من ربيع الموافق للعشرين من أبريل سنة (٥٧١) ميلادية ووافقه كذلك العالم الكبير محمد سليمان المنصورفورى رحمه الله‏.‏

 

ولم تجد السيدة آمنة في حمله ووضعه ﷺ ألما ولا تعبا ولا مشقة كما تجد النساء بل رأت الكثير من البشائر وخوارق العادات خلال حمله وعند وضعه ﷺ.

 

وقد ورد فيما روت السيدة آمنة: أن أتاها آت بين اليقظة والنوم فقال: هل شعرت بأنك حملت، فكأني أقول ما ادري، فقال: انك حملت بسيد هذه الأمة ونبيها. فكان ذلك مما يقّنها بحملها. ثم روت أنه حين دنا وقت الولادة أتاها ذلك الآتي فقال: قولي أعيذه بالصمد الواحد من شر كل حاسد، ثم سميه محمد، فقالت: كنت أقول ذلك.

 

وقد ورد في حوادث يوم مولده ﷺ أن خمدت نار فارس التي يعبدها المجوس مع أنها لم تخمد قبل ذلك بألف سنة، وسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وغاضت بحيرة ساوة.

 

وبعد أن ولدته السيدة آمنة أرسلت تبشر جده عبدالمطلب بالولادة، فأقبل مسرورا وأخذه ودخل به الكعبة.

 

وكانت قابلته ﷺ الشفاء، أم عبدالرحمن بن عوف. وحاضنته أم أيمن بركة الحبشية أَمة أبيه عبدالله فلما مات ورثتها السيدة آمنة ولما ماتت صارت للنبي ﷺ فكان يقول عنها: أم أيمن أمي بعد أمي، ثم أعتقها وقد أسلمت وزوّجها لزيد بن حارثة. وأول من أرضعته بعد أُمه ثُوَيبة أَمة عمه أبولهب ثم حليمة السعدية.

 

لما بلغ الرسول ﷺ ست سنين على أرجح الأقوال، خرجت به والدته السيدة آمنة إلى المدينة ومعهم حاضنته أم أيمن وعمه أبو طالب لزيارة أخوال والده بني عدي بن النجار وليعرفوه ويعرفهم ولتقف على قبر زوجها. وبعد شهر عادوا إلى مكة ولكن عند وصولهم الأبواء في منتصف الطريق أدركت الوفاة السيدة آمنة، ودُفنت هناك.

 

موقعنا لهذا الأسبوع هو دار السيدة آمنة والدة الرسول ﷺ ومكان مولده.

 

عاش الرسول ﷺ في هذا المنزل إلى ان انتقل إلى بيت جده عبدالمطلب ثم بيت عمه أبو طالب ثم إلى بيت السيدة خديجة بعد زواجه ﷺ بها بعد أن بلغ ٢٥ عام.

 

بعد هجرة النبي ﷺ أخذ المنزل عقيل بن أبي طالب فيما أخذه، وظل في يده ويد ولده حتى اشتراه محمد بن يوسف أخو الحجاج بن يوسف، فأدخله في داره التي يقال لها البيضاء، فلم يزل البيت في داره حتى حجت الخيزران بنت عطاء زوج الخليفة العباسي المهدي وأم الخليفة هارون الرشيد، فجعلته مسجدًا يصلى فيه وأخرجته من دار ابن يوسف.

 

وممن عمره الناصر العباسي (٥٥٣ - ٦٢٢هـ) ثم الأشرف شعبان صاحب مصر، ثم الناصر فرج بن برقوق، ثم الملك المظفر الغساني صاحب اليمن، ثم السلطان سليمان خان الذي عمره مسجدا وعليه قبة ٩٣٥هـ، ثم عمره سلطان الإسلام مولانا السلطان الغازي محمد خان ابن مولانا مراد خان ١٠٠٩هـ وقد أنفق على ذلك أموالا عظيمة ورفع جدرانه وجعل عليه قبة عظيمة ومنارة وأوقف عليه وقفا في الديار الرومية ورتب له مؤذنا وخادما وإماما ثم جعلت له السلطنة الشريفة مدرسا يدرس في يومين من أيام الأسبوع.

 

ثم بعد زمن، وفي أوائل العهد السعودي تقدم الشيخ عباس قطان بطلب للملك عبدالعزيز بالسماح بإنشاء مكتبة في الموضع المعروف بمولد النبي ﷺ بشعب علي بمحلة سوق الليل.

 

ومما ورد في الصك الشرعي في تحديد الموقع عبارة: "الشهير في محله شهرة تامة تغني عن تحديده ووصفه" و في تقبل هذه العبارة من الحاكم الشرعي دليل على ثبوت التواتر المحلي بتوارث هذا النقل جيلاً بعد جيل.

 

بُنيت المكتبة في عمارة حسنة بنفقة الشيخ عباس قطان رحمة الله عليه سنة ١٣٧٠هـ ولما مات أتمها ابنه أمين عباس قطان، وهي مكتبة عامة تقع في دورين ولها مدخلين: أمامي يطل على الساحة الشرقية للحرم، وخلفي في الناحية الجنوبية منه.

 

اشترى الشيخ عباس قطان مكتبة الشيخ ماجد كردي من أولاده فجعلها أساس المكتبة، ثم سلمها لمديرية الإعلام وقتها اللتي سلمتها لاحقا لوزارة الأوقاف.

 

أصبحت البناية الوحيدة الباقية من حي سوق الليل بعد إزالة هذا الحي ضمن توسعة ساحات المسجد الحرام الشرقية.

 

أُزيل كذلك حي شعب علي بأكمله في الجهة الشمالية من البناية المعروفة تاريخيا بشعب بني هاشم ولم يبقى إلا جبل أبي قبيس الذي بُنيت عليه القصور الملكية الحالية.

 

 

صورة حديثة توضح موقع المولد النبوي في أعلى يمين الصورة.

 

أصبح موقع المولد النبوي الشريف المبارك (مكتبة مكة المكرمة) بارزا في منطقته، وقد كسي أسفله بالرخام الملون ضمن تبليط الساحة الشرقية للحرم الشريف. ولا يزال إلى يومنا هذا (١٤٣٤هـ) المبنى ببناءه القديم على وضعه منذ انشاءه في عام ١٣٧٠هـ.