فيل الحرم


 

هذه القصة من أعجب القصص المكية حدثت في أوائل القرن الرابع عشر الهجري و في عهد أميرها الشريف عون الرفيق , و إذا وقفنا على قصص الفيلة بمكة نجدها أنها لم تدخل مكة المكرمة إلا في عهد ين متباعدين كان الأول : في القرن الثامن الهجري , و الثاني : في أوائل القرن الرابع عشر الهجري و هما :


1. فيل الركب العراقي ( فيل ملك التتار ابي سعيد خذا بندا ) ويعتبر أول فيل دخل الحرم , حيث اسله ملك التتار مع الركب العراقي عام 730هـ ووقف المواقف كلها ومات قبل أن يصل المدينة المنورة ولم يعلم ما هو المقصد من إرساله .


2.الفيل الذي أهدي لأمير مكة الشريف عون الرفيق , من أحد أغنياء السادة و قد شوهد الفيل في كثير من مشاهد الأمير و كان يمشي في شوارع مكة المكرمة برفقة سايسه و يطلع به إلى الطائف مع موكب الأمير ( ويعتبر هذا الفيل أول فيل يسكن مكة ) وله من القصص ما نحن بذكرها فالقصة مفادها :


تعود الفيل ( محبوب ) الخروج الى اسواق البلدة وكان دوماً لا يخرج الا برفقة سايسه الهندي فخرج ذات يوم الى السوق وكعادته يشير للناس السلام بزلومته ( خرطومه ) فيحيه المارة و السوقة برد التحية و يذكر لنا الراوي , يقول : لا ادري ما الذي اصابه و لا نرى الا وقد جذب بخرطومه أحد الشحاتين الذين كانوا على الطريق وأصابه إصابات بليغة نقل على اثرها لتلقي العلاج وضج السوق بهذه الحادثة الأولى , و وصل الخبر للامير فأمر على الفور بإحضاره وقطع نابه , وامر سايسه ان يكلمه بالهندية في ذلك جزاءاً له على فعله , فرضخ الفيل لقص نابه ونام على الارض , ونفذ الأمر , بأن جاء النجار وقص نابه بالمنشار .


يقول الراوي وكنت أنظر اليه وعيناه تذرفان الدمع الغزير وكأنه حزين و عندما اردت زيارة المصاب ( ذلك الشحات ) في نفس اليوم فقلت له لقد أمر الامير بعقاب الفيل و سوف يقتل , عندها فزع الشحات قائلاً : لا .. لا فقلت له : ولماذا لا ؟!


عندها انتابه انكسار شديد و قال : لقد كنت اسرق في زحمة السوق وعندما تزامن مرور الفيل بي وإذ أنا اسرق بعض المتفرجين و هم ينظرون اليه , فما كنت أضع يدي على ما وددت أن اسرقه الا وقد جذبني الفيل بخرطومه و حصل ما حصل .


قال الراوي : و الله اني عندما كنت أنظر الى الفيل وجدت عيناه تذرف الدمع ويبدوا عليه الانكسار و كأنه يقول إني برىء ...ولكن ما أنت فاعل .
قال الشحات : تبت الى الله من أن أعود الى السرقة .
قال الراوي : قل الله توبتك و أجبر الله الفيل في مصابه .

المصدر : قصص المكيين للشريف محمد بن مساعد منصور الحسني .