عبد العزيز ريس .. قصة عشق للأذان في الحرم خاتمتها الموت

 

عبد العزيز ريس .. مؤذن عصر ما قبل المكبرات.

المكان: أقدس بقعة على وجه الأرض (مكة المكرمة)، وبالتحديد مقابل الكعبة المعظمة عند مكبرية الأذان.

التوقيت: صلاة ظهر يوم 23 من ذي الحجة 1432 هـ.

الحدث: آخر أذان يرفعه عبد العزيز أسعد ريس أحد قدامى مؤذني المسجد الحرام أذان متقطع بصوت متهدج يملأ أركان المسجد الحرام، صوت معروف لكنه كان غريبا ذاك اليوم، العارفون بالأمر يقولون إن الريس تبدو على صوته علامات التعب والإرهاق وربما المرض والمعاناة، حضر رغما عنه متحاملا على وعكته ليبلغ المسلمين بحضرة طائفي الوداع حجاج بيت الله والمصلين والمعتمرين والطائفين.

هنا، نترك الحديث لأحد تلامذة الريس، إذ يقول «بعد الصلاة، قابلت شيخي عبد العزيز ريس ولم أكن أعلم أنه آخر عهده بالبيت الحرام وهذا آخر أذان له، الجو تملأه السكينة ورهبة البيت الحرام، الريس يخرج من المكبرية محمولا على غير العادة ويجلس على كرسي متحرك وكأنها النظرة الأخيرة للكعبة المعظمة، رافقت نزوله من آخر درجة في سلم المكبرية، وفي الوقت نفس يحمل عصاه المشهورة المؤذن الشاب أحمد خوجة».

يواصل هذا التلميذ الذي يطلق على نفسه اسم «عاشق مقامات الحجاز» حديثه قائلا: قابلت المرحوم بعد الصلاة ولم أكن أعلم أنها المقابلة الأخيرة، واجهني بابتسامته التي لا تنسى، قبلت يده ورأسه وسألته عن حاله، فقال راضيا: الحمد لله، ولا تنساني من دعواتك ياولدي، ثم سألني عن حالي وقال: كيف كان الأذان اليوم؟ فرددت: من حسن إلى أحسن بإذن الله، ثم أوصاني بالدعاء، بعد ذلك افترقنا ولم أعلم أنه الفراق الأخير.

ويروي لـ«عكـاظ» نجله بندر حكايات عشق ووله والده بالأذان في المسجد الحرام، إذ كان مصرا على الذهاب السبت المقبل لرفع أذان الظهر كعادته متحاملا على مرضه رافضا كل وسائل الإقناع لتنويمه في المستشفى، إلا أن الأجل كان الأقوى بين هذه المواقف.

وبالعودة إلى التاريخ المكي وتحديدا المسجد الحرام، نجد أن «بيت الريس» أوكلت إليهم مهمة السقاية والتوقيت، وفيما كان التبليغ في المقام الحنفي، يتواجد بيت الريس في المقام الشافعي فوق بئر زمزم، وفي المقابل المزولة التي يراقبون منها زوال الشمس ويحددون وقت الزوال وبدء الأذان ليصعد المؤذنون إلى المنائر ويرفعوا الأذان في المنائر السبع ومنها، قايد بيه على باب النبي عليه السلام، باب علي، باب السلام، باب البغلة، باب العباس، باب المحكمة، إضافة إلى باب الزيادة التي كانت تخلو من مكبرات الصوت.
عاصر عبد العزيز ريس مرحلة إدخال مكبرات الصوت في المسجد الحرام في 1375 هـ، وفيما تكون العادة تواجد ثلاثة مؤذنين في كل نوبة أذان داخل المكبرية قبل موعد الأذان بساعتين أو أكثر، هناك عائلات مكية اشتهرت بتولى مهمة الأذان منذ 300 عام ومنها، بيت البصنوي، بيت الريس، بيت المؤذن، بيت خوج، بيت البصمجى، بيت بدر، بيت شاكر، وبيت جودة.

المصدر : عكاظ 1432/12/29هـ