المعصوب أكلة مكية

المعصوب أكلة مكية نقلت لنا من حضرموت وأشتهر إخواننا الحضارمة بإجادة صنعها من زمن قديم ، فهم أهلها وهم من صنعوها في مكة المكرمة ، وأشهروها وجعلوها المفضلة لدي الكثيرين.
 
ويتكون المعصوب من البر الذي يصنع بطريقة خاصة على شكل قطع سميكة تقطع إلى قطع وتوضع في وعاء مغطى بقطعة من القماش وتكون ساخنة ، ومن الموز البلدي الذي كان يجلب من ضواحي مكة كالزيمة والمضيق ووادي فاطمة ، والسكر المضاف حسب الرغبة ، والسمن البلدي الحيواني الذي لا يداخله الخلط بما يصنع خارجياً .
 
وكان يُصنع المعصوب بالطريقة التقليدية والتي تعطي للمعصوب لذة ومذاق أخّاذ ، والطريقة المتفق على إعدادها بان يوضع الخبز في الأقداح الخشبية المصنوعة من جذوع الأشجار، ويضاف له الموز والسكر ويخلط ذلك بطرقه بالمضارب التي تصدر أصوات أثناء الخلط متناسقة مع الخلط في القدح ، ويضاف السمن البلدي الذي تفوح رائحته في المكان.
 
ويُأكل المعصوب في الغالب في الصباح كوجبة إفطار دسمة جداً وفي الشتاء غالباً للتدفئة ولإمداد آكلها بالطاقة لتساعده على بذل الجهد في الأعمال الشاقة التي كانت تبذل من أبناء البلد وقد يأكلها البعض في المساء ولا يُفضل ذلك ، ويحتوي المعصوب على سعرات حرارية عالية جداً إضافة إلى كمية الدسم العالية التي تتوفر في السمن البلدي الحيواني والذي لا يناسب الكثير من جيل اليوم ممن ينشدون الرشاقة ويتبعون نظام غذائي ، أو من لديه أمراض العصر المنتشرة كالسكري وأمراض القلب وغيرها.
 
وكان المعصوب يصنع من قبل الفوالين والذين يعملونه مساندة مع الفول حيث يقدم لصاحب الطلب طبق المعصوب ومعه صحن صغير فيه كمية قليلة من الفول يقال لها (تحديقه).
 
واشهر من كان يعمل المعصوب في مكة وكان له السبق في ذلك عبود بن عفيف في الحلقة القديمة بالنقاء ، وقد فاق كل من نافسه وكان له المقدمة والشهرة في هذا المجال ، ولا يمنع ذلك من وجود غيره في شتى أنحاء مكة المكرمة إلا أن ابن عفيف هو الأفضل من بين الموجودين ومستمر حتى الآن .
 
واكلة المعصوب رخيصة الثمن ومنذ زمن بعيد لم يشهد ارتفاع سعر (النفر) وهو ما يعبر عنه عند الطلب حيث كان في السابق البعيد يعد النفر من المعصوب بالقروش أما اليوم فلا يتعدى سعره بضع ريالات لا تساوي قيمته الحقيقية من حيث تعب إعداده او مكوناته الأساسية فهو رخيص الثمن.
 
وقد أخذت هذه الأكلة تفقد رونقها وبريقها عند ترك أصحاب الصنعة الأساسين العمل بها بسبب كبرهم في السن وعزوف أبنائهم عن الصنعة وإسناد العمل للعمالة الوافدة التي غيرت وبدلت وأصبح المعصوب يصنع في آلة فرم اللحمة ويضاف اليه أمور أخرى كالقشط والتمرة والعسل ولم يبقى من أكلة المعصوب إلا الاسم.
 

ويرجع تراجع إتقان صنع أكلة المعصوب لانشغال الناس وتنوع الأكلات ودخول أكلات بديلة ودخيلة على هذه الأكلة التي لا تزال المفضلة لدى كبار السن والمكاويين الذين يحنون لماضيهم البعيد.

المصدر : منتديات قبلة الدنيا..مكة المكرمة