رحلة الحج من الهودج إلى المترو.. مسيرة قبل أربعين سنة

 

عرفات : واس

كان حجاج بيت الله الحرام قبل عقود يتنقلون عبر الصحاري والقفار ويسلكون الأودية والشعاب ، راجلين أو راكبي الخيول والجمال ، ثم بالأمس القريب رصدت عدسة " واس " استخدام السيارات في الوصول إلى المسجد الحرام والمشاعر المقدسة مع وعورة الطرق . أما اليوم فتتوالى الصور من عدسة " واس " راصدة التحول السريع في وسائل النقل في عصر القطارات " المترو " تجوب الأودية وسفوح الجبال بسرعة 120 كلم في الساعة في المشاعر المقدسة بين عرفة ومزدلفة ومنى في نقلة نوعية لخدمة ضيوف الرحمن في حج هذا العام 1431هـ .

وما أقرب الأمس باليوم ، بعد الهوادج المشدودة على ظهور الدواب حين كانت تقل الأجداد في ترحالهم إلى المسجد الحرام والمشاعر المقدسة ، ملبين نداء الرحمن لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام .. إلى وسيلة حديثة للنقل مكيفة بقيادة آلية كهربائية على جسور تمتد عبر المشاعر المقدسة في مقطورات سعتها ( 3000 ) حاج وسط راحة وطمأنينة للحجيج في تنقلهم في دقائق بين المشاعر ، ويضيف رؤية وتجربة أكثر عمقا لمستقبل النقل في المملكة .

 

يحل القطار بثلاثة محطات في منى فثلاث في مزدلفة فثلاث في عرفات ، وقد انطلقت رحلاته ذهابا وأيابا في دقائق يسلك طريقه مسرعا على جسور انتصبت اعمدتها في المشاعر ، متيحا الحركة للحجيج من تحته وسيارات النقل ، مما يقلل من أزدحامها ومختصرا الزمن الذي ينبغي للحاج أن يكون موجوداً فيه، أو مغادراً منه ، بالإضافة إلى تزايد الطاقة الاستيعابية لأعداد الحجاج ، ولقدرة الطرق الدائرية لتقبل التزايد الدائم في أعداد المركبات.

هنا برز مشروع القطار بصفته صاحب دور رئيس في توفير حلول ناجحة للقضاء على ظاهرة الاختناقات المرورية في المشاعر ، وتقليص عدد الحافلات المستخدمة وسرعة التنقل مع الحفاظ على البيئة .

ومن المؤمل أن تشهد المرحلة المقبلة تطورا نوعيا مهما في تاريخ النقل في المملكة ، خصوصا مع ربط مدن وقرى المملكة بشبكة سكة الحديد في المستقبل إن شاء الله تعالى .

تجدر الإشارة إلى أن فكرة السكك الحديدية بدأت عام 1366 هـ عندما أمر جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بإنشاء خط حديدي يربط ميناء الدمام بالعاصمة الرياض ، لغرض نقل البضائع والسلع والمواد الغذائية ومستلزمات البناء والتعمير المستوردة عن طريق الدمام إلى مدينة الرياض وتم افتتاح الخط رسمياً من قبل جلالته في غرة عام 1371 هـ ، مختصرا مسافة وزمن السفر ب(4)ساعات بدلاً من (7) ساعات بطول 450 كلم. وبعد ذلك إنشأت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية محطات حديثة في كل من الرياض والدمام والهفوف ، إضافة إلى تحديث عربات الركاب وعربات الشحن وإنشاء مراكز لصيانة القاطرات ، وإنشاء الميناء الجاف بمدينة الرياض.

ونظراً لأهمية هذا القطاع في مجال النقل ، قامت وزارة النقل بإجراء الدراسات لتوسعة الشبكة ، حيث تم دعوة المستشارين الماليين والفنيين والقانونيين لإعداد وثائق المشروع وطرحه في منافسة دولية للاستثمار فيه من قبل القطاع الخاص. وتضمنت الدراسات توسعة الشبكة السكك الحديدية لتنفيذ العديد من المشروعات مثل تنفيذ خط الشرق إلى الغرب الذي يمتد من ميناء جدة الإسلامي على البحر الأحمر ، حتى ميناء الملك عبد العزيز بالدمام وميناء الملك فهد بالجبيل بالمنطقة الشرقية على الخليج العربي ويبلغ طول الخط (950) كلم ، ويشكل الخط القائم حالياً جزء منه ، وستكون المنقولات الرئيسية لهذا الخط هي الحاويات القادمة للأسواق المحلية إضافة إلى شبه حاويات تصل إلى بعض دول الخليج العربي. إلى جانب تنفيذ خط الشمال والجنوب الذي يربط الرياض بمنطقة حزم الجلاميد شمال المملكة بطول (1408) كلم. وستنفذ المؤسسة خلال الفترة القادمة مشروعات لاتقل أهمية عما سبق مثل مشروع ربط جدة بمكة المكرمة والمدينة المنورة مع وصلة لربط ينبع وبطول يبلغ (570) ، وسيسهم هذا الخط في خدمة ونقل ضيوف الرحمن في مواسم الحج والعمرة والزيارة ، إلى جانب ربط الجبيل بالدمام بخط يبلغ طوله (115) كلم . وتقوم بتشغيل هذه الخطوط وصيانتها المؤسسة العامة للسكك الحديدية وتمتلك المؤسسة حاليا (2277)عربة لنقل الركاب وأنواع البضائع الصلبة والسائلة والسائبة.

المصدر : جريدة الاقتصادية الالكترونية 9/12/1431هـ