وصف الجمرات

 

الجمرات تقع بمنى(1)، وهي ثلاث : الجمرة الصغرى، والجمرة الوسطى، وجمرة العقبة، وقد كانت عبارة عن أعمدة حجرية وسط أحواض ثلاث، تعتبر علامة للمكان الذي ظهر به الشيطان ورماه إبراهيم عليه السلام .

وقد مرت الجمرات عبر التاريخ منذ عهد إبراهيم الخليل عليه السلام إلى عهد الجاهلية، ثم عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم   والخلفاء الراشدين وحتى يومنا هذا، بمراحل عدة، وكانت أحواض الجمرات لا تتعدى منطقة صغيرة محددة بارتفاع صغير من تراب ونحوه .

ولم تكن الشواخص الحالية معروفة إلا من عهد قريب، إذ بدت الحاجة ملحة لها بازدياد أعداد الحجاج، وربما كانت بداية نشأتها في العهد العثماني .

أما الأحواض التي حول الأعمدة، فإنها أحدثت بعد سنة 1292هـ، لتخفيف الزحام وجمع الحصى في مكان واحد.

ويلاحظ أن حوض جمرة العقبة بني من جهة واحدة، وذلك لأن هذه الجمرة كانت ملاصقة لقرن صخري ممتد من جمرة العقبة، ومتصل بجبل منى الشامي ( القابل )، وقد بقي هذا القرن قائماً حتى سنة 1375هـ ثم دعت الحاجة لإزالة هذا القرن بالكلية، وتسويته بالأرض، فأصدر رئيس المحاكم الشرعية بمكة المكرمة في ذلك الوقت، وكان والدي فضيلة الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش - رحمه الله - فتوى شرعية بجواز إزالة هذا القرن برقم (314/4) وتاريخ 1/8/1375هـ بناء على طلب سمو وزير الداخلية آنذاك الأمير عبد الله الفيصل برقم (804/2) في 28/7/1375هـ، وفحوى هذه الفتوى التالي : (( نظراً لضيق المكان الواقع بجوار العقبة الكبرى ضيقاً أصبح مع الزمن السبيل الوحيد الذي يعاني منه الناس مختلف المشاق والصعوبات، فإنه لا مانع شرعاً من إزالة الجبل الذي خلف جمرة العقبة تسهيلاً للحجاج وتلافياً للزحام الشديد على أن يبقى الرمي من صفته الحالية، وعلى ذلك يلزم بقاء الحوض على شكله، وبقاء الشاخص كما هو، وإنه لا بأس من رميها من أعلاها كما فعل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما رأى الزحام عندها . أهـ )) .

وقد أمرنا الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم   بالتيسير، وذلك بقوله : ((يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا))(1).

ومن باب التيسير والتسهيل في أمور المسلمين فقد روى الفاكهي في كتابه حديثاً عن أم جندب الأزدية رضي الله عنها قالت : قال رسول الله : (( أيها الناس، لا تقتلوا أنفسكم عند جمرة العقبة، وعليكم بمثل حَصَى الخذف ))(2) .
فهذا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم  يشفق علينا نحن أمة الإسلام من الازدحام الذي يؤدي إلى الهلاك، وخاصة عند جمرة العقبة، وهذا في زمنه  ، فما بالك في زماننا الحالي الذي تضاعفت الأعداد مئات المرات بل ربما آلاف المرات .

وفيما يلي صورتي خطاب سمو وزير الداخلية، ورد والدي بجواز إزالة القرن الصخري الممتد من جمرة العقبة الكبرى، والمتصل بجبل منى .

المصدر : رمي الجمرات .. تاريخ وشعائر لـ  أ.د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش.