«الحجون» من غرف دبغ الجلود إلى فنادق فاخرة في مركزية مكة
لأول مرة منذ 70 عاما يظهر حي الحجون التاريخي في مكة المكرمة بوجه جديد بعد أن نزع قناعه القديم ليتحول من حي يفوح برائحة العشوائية، إلى مركزية جديدة تلامس ساحات الحرم المكي.
حيث يتواصل العمل هذه الأيام لإزالة أكثر من 50 عقارا من مجموع 350 عقارا صدرت الأوامر السامية بنزع ملكيتها لصالح فتح نفق هام يربط ساحات الحرم بأحد أهم الأحياء السكنية للمعتمرين والحجاج.
وتتحرك أكثر من 200 آلية لهدم الصخور ونقل مخلفات الأنقاض على طول الشارع الرئيسي وبعمق يصل إلى أعلى جبل دفان وبطول 300 متر، إذ أن مشهد الحي التاريخي في حلته الجديدة، باتت حديث سكانه بعد إزالة نسبة كبيرة من المنازل المهجورة والقديمة.
ويحتضن الحجون حي المدابغية التي تعد من أقدم الأحياء، إذ تتميز بانتشار روائح أشجار العرعر والشبث مع روائح الجلود، فهو الحي الذي بني على هذه الصنعة المكية التي اندثرت ولم يعد لها أثر في مدينة عرفت بالتقاء الصناعات والثقافات كونها مظلة لقاء لكثير من الجاليات الإسلامية.
ويمتد حي المدابغية الواقعة ما بين جبل السيدة المطل على مقابر المعلاة، إلى كراج عبدالحليم على يمين النازل من طريق الحجون، ويرى عمدة الحي التاريخي أمجد خضري الذي يواجه أول توسعة منذ أكثر من 50 عاما، أن الإزالة الجديدة تعتبر الثانية في تاريخها.
وقال خضري «إن 20 في المائة من المنازل المزالة هي بيوت مهجورة، في حين أن أغلب مساحات البيوت في الحجون لا تتجاوز مساحاتها 150 مترا، ومن بين العقارات المزالة مسجد سعيد عبدالحق الذي أنشئ قبل55 عاما».
في حين ألهبت مشاريع فتح النفق الجديد في الحي للمشاة سوق العقار، حيث ارتفعت الأسعار في سابقة غير مسبوقة في تاريخ المناطق السكنية التي يزيد عمر عقاراتها على 50 عاما بنسبة 100 في المائة، فيما ألقت أزمة الإسكان بظلالها لتأزم موقف المستأجرين في هذه الأحياء.
ويعتقد عبدالله الشاوي (عقاري) أن أسعار العقار في الحجون ستتجاوز الـ70 ألف ريال للمتر الواحد في الوقت الذي كان السعر المتداول ما بين 30 إلى 35 ألف ريال على الشارع العام، مضيفا أن أغلى سعر للعقار زاد سعره عن 70 مليون ريال بمساحته 3600 متر مربع.
ويرى محمد الحمدان (عقاري) أن سعر المتر على شاعر العتيبية العام يتراوح قبل الإعلان عن المشاريع الجديدة ما بين 15 إلى 20 ألف ريال، فيما يتوقع أن يزيد سعره على 40 ألف ريال، في ظل احتضان الحي لـ100 منزل مهجور، و600 فناء غير صالحة للسكن.
ويؤكد محمد عبدالقادر مغربي أنه يسكن الحي منذ عشرات السنين، إذ يضم أكثر من 50 مدبغة يعود تاريخها لأكثر من 300 عام، وقال «إن المغاربة ممن قدموا لمكة المكرمة هم من أشهر من اشتغلوا بهذه الصناعة إذ كان لكل صاحب مدبغة منزل بجواره وكانت الجلود تجلب من مسالخ مكة، ثم تدبغ بقشر الرمان وأشجار الشبث والعرعر التي تجلب من جبال هدا الطائف».
ويعتبر مسجد أبي ترابة أحد معالم الحي الباقية، إذ بني قبل 200 عام، وكان لبناء هذا المسجد قصة رواها لنا أحد أقدم سكان الحي عبدالعزيز صالح زيني، حيث كشف أن المسجد ارتبط بتاجر هندي قدم للحارة لشراء كميات كبيرة من الصوف المنزوع من الجلود ونذر لله بناء مسجد إذا كسب في تجارته.
ويشهد الحي كثافة سكانية من العمالة الوافدة، العاملة في سوق العتيبية أشهر أسواق العاصمة المقدسة المتخصصة في بيع الملابس النسائية، فيما تظل مساكن حارة المدابغية ملاذ الخادمات الهاربات.
وأوضح لـ«عكاظ» المهندس عباس قطان من اللجنة المشرفة على توسعة الساحات الشمالية، أن فتح النفق لربط الساحات الشمالية للحرم المكي بأحياء الحجون، العتيبية، وحلقة البياري بطول يتراوح ما بين 1500 إلى 1700 متر يربطهما نفق للطوارئ.
وأشار قطان إلى أن النفق سيخصص للمشاة المتجهين للحرم المكي، مضيفا أنه سيتم بناء محطة خدمات ضخمه تضم مواقف للسيارات ومراكز لإدارة بطرق حديثه ومتطورة .
المصدر : عكاظ 10/10/1431هـ - هاني اللحياني .
0 تعليقات