القطاعات الصحية في المشاعر المقدسة

صباح السادس عشر من شهر رجب لعام 1430هـ بدأت الآليات تهدم مستشفى أجياد العام في منطقة الحرم المركزية حتى ساوته بالأرض.. تمهيدا لبناء منشأة صحية جديدة تجسد شاهدا حضاريا لإمكانات سخرت لخدمة ضيوف الرحمن.. مستشفيات عدة، تضج بالحركة وأخرى تحت الإنشاء.. ومبان كثيرة يجري العمل على إنهاء مراحلها الأخيرة من أجل وضعها قيد الاستخدام، وفق أحدث المقاييس والمواصفات التي تجعل من أي مشروع جديد يسابق الزمن، ويتحدى كافة المصاعب والعقبات بلا توقف أو انقطاع، فإدراك العالم الأول كان الجزء الأهم في مهمتها. «عكاظ» وقفت على الوضع الصحي في المشاعر المقدسة وخرجت بالتالي:

وزارة الصحة تسرع في كل عام إلى إعادة ترتيب أوراقها بعد انقضاء كل موسم تفاديا للسلبيات وتدعيما لما كان إيجابيا حيث جعلت الوزارة انطلاقتها من إعادة بناء أقدم مستشفى في تاريخ الجزيرة العربية الذي جسد الانطلاقة الفعلية نحو الاهتمام بتقديم الخدمات الطبية والرعاية الصحية المتكاملة لضيوف الرحمن مستشفى أجياد (المنشأة الأقدم) حيث أنشئ عام 1288هـ ولعب دورا تاريخيا في تقديم الخدمات الصحية للحجاج، على مدى الحقب التاريخية الطويلة، لم يبق على حال بنائه بل طالته يد التطوير والتجديد بدءا من العهد السعودي عام 1375هـ واستمرارا إلى ما قبل تاريخ البناء حيث كان يزداد في الاتساع ويزود بأحدث التقنيات بل إنه صاحب الأولوية في استقطاب الخبرات والكوادر ذات الكفاءة العالية.

ليستمر هذا البناء مدة خمس وخمسين سنة، قبل أن يصبح في ذمة التاريخ، مفسحا الطريق أمام بناء جديد قيد الإنجاز، يواصل قصة نجاح في مسيرة الرعاية الصحية في منطقة مكة المكرمة.

وفي ذلك يؤكد مدير عام الشؤون الصحية في منطقة مكة المكرمة الدكتور خالد ظفر أن الخدمات الصحية للحجاج تقدم وفق خمس دوائر تبدأ من المنطقة المركزية وتتسع لتشمل جميع المناطق، تبدأ الدائرة الأولى من منطقة الحرم المكي الشريف، حيث جهزت ستة مراكز طوارئ داخل الحرم تستقبل المرضى على مدار الأربع وعشرين ساعة وبشكل مستمر طيلة العام. وأوضح الدكتور ظفر أن شهر رمضان 1430هـ شهد تجهيز موقع بديل ومؤقت لمستشفى أجياد الذي أزيل تمهيدا لإعادة بنائه كمنشأة صحية متكاملة مدعمة بأحدث التقنات والكوادر

الخدمات الصحية للحجاج تقدم في خمس دوائر وتشمل جميع المناطق

75 مركزا صحيا في الأحياءالقريبة من المنطقة المركزية والمناطق المجاورة

الطبية المؤهلة، ووضع الموقع البديل في أبراج الصفوة في وقف الملك عبد العزيز المجاور لساحة الحرم المكي الشريف، ريثما يتم الانتهاء من بنائه الجديد.

وأبان مدير الشؤون الصحية في منطقة مكة أن مستشفى أجياد الطوارئ جهز بما يزيد عن 52 سريرا موزعة على ستة أقسام وتزويده بمركز معلومات مرتبط بالشبكة المركزية للمديرية العامة للشؤون الصحية للإبقاء على المتابعة المستمرة لسير العمل في المستشفى.

وأفاد الدكتور ظفر أن الدائرة الثانية تتشكل من الحرم المكي إلى العاصمة المقدسة، وتضم سبعة مستشفيات بسعة سريرية تصل إلى أكثر من 1700 سرير موزعة على المستشفيات بحسب الطاقة الاستيعابية لكل موقع.

وأضاف: «لعل أقدم هذه المستشفيات مستشفى الملك عبد العزيز، المؤسس عام1367هـ وهو مازال يمارس دوره حتى اليوم مع تدعيمه بشكل مستمر بتطوير أقسامه وتأهيل الكوادر الطبية فيه وتزويده بالأجهزة الطبية الحديثة بعد أن أضيفت له أخيرا جراحة اليوم الواحد في شهر ذي القعدة 1430 وكذلك البدء بمشروع بناء جديد للمستشفى ومستشفى الولادة والأطفال ومستشفى حراء العام ومستشفى النور التخصصي الذي يعتبر أكبر المستشـفيات في المنطقة.

وأخيرا وصلت الإنجازات لأحدث المستشفيات في مدينة الملك عبد الله الطبية التي تمثل إضافة كبيرة للخدمات التخصصية الراقية في المملكة عامة ومكة المكرمة بشكل خاص لتصبح مقصدا نفعيا وحضاريا على المستوى الإقليمي والعالمي ليخدم شريحتين، السكان الدائمين والزوار المتمثلين في القادمين للحج والعمرة».

وبين ظفر أن المراكز الداعمة في مكة المكرمة «حظيت هي الأخرى بالتطوير حيث يتوفر في مكة المكرمة ( 75 ) مركزا صحيا موزعة في أنحاء عدة بين الأحياء القريبة من المنطقة المركزية والمناطق المجاورة لها من أجل تقديم الرعاية الأولية لحجاج بيت الله الحرام، الذين يؤدي الحجاج قسما كبيرا من مناسك حجهم لأيام معدودة، فإن عجلة العمل المتواصل تستمر بين الموسم والذي يليه في فترات محدودة للغاية تستلزم الإنجاز الدقيق في فترة لا تتجاوز العشرة أشهر لذا جرى تركيز العمل والإنجاز في المشاعر المقدسة بشكل مكثف وخاص، فبعد أن حانت ساعة هدم المبنى القديم الذي كان يحمل اسم (مستشفى منى العام) والذي أزيل لتوسعة جسر الجمرات الجديد والساحات المحيطة به، تم إنشاء أحدث مستشفيات المشاعر المقدسة مستشفى الطوارئ في منى بسعة سريرية 190 سريرا وامتد التحديث في هذا المشعر عام 1430 هـ إلى مستشفى منى الجسر حيث تم تغيير البنية التحتية كاملا بحيث تمت زيادة السعة السريرية من 112 إلى 140 سريرا وزيادة غرف العمليات الجراحية من اثنتين إلى أربع غرف مجهزة وفق نظام عالمي وزيادة أسرة العناية المركزة من 12 إلى 28 سريرا وتحديث قسم العيادات الخارجية».

وأوضح مدير الشؤون الصحية في منطقة مكة أن مستشفى منى الشارع الجديد نقل من قلب المخيمات المؤقتة إلى مبنى جديد استحدث وستتحقق الاستفادة منه خلال موسم حج هذا العام حيث جهز المبنى بسعة 50 سريرا ويحتوي على 15 عيادة عامة وعيادة للطب الوقائي مع إنشاء سكن من دورين للعاملين في المستشفى.

وأشار الدكتور ظفر إلى أن مستشفى منى الوادي الذي أزيل بعد حج 1429هـ، أعيد بناؤه بسعة 194 سريرا وسيتم تشغيله خلال موسم حج هذا العام.

وبني في عرفات مستشفى حديث بجوار جبل الرحمة وآخر بجوار مسجد نمرة «روعي فيها تواجد الحجيج بشكل كبير في منطقة محددة مع الأخذ في الاعتبار نوعية الأمراض التي تعتري الحجيج وتوفير الإمكانات وفق الاحتياج وتبلغ السعة السريرية لمستشفيات المشاعر المقدسة أكثر من ألف سرير، فضلا عن مائة مركز صحي، مجهزة بكافة المستلزمات الطبية التي من شأنها تقديم الرعاية الكاملة للحجاج».

وأوضح مدير الشؤون الصحية في منطقة مكة أن قرار إلزام بعثات الحج بتوفير طاقم طبي متخصص سوف يسهم بشكل كبير في السيطرة على الأمراض والأوبئة التي تعتري الحجاج «أن تتبع تنفيذ الاشتراطات جرى بالتنسيق مع القطاعات الصحية ووزارة الحج ولجان الحج والعمرة في الغرف التجارية ويتم التركيز على تكثيف مناطق الرعاية على الدول الموبوءة والحرص على إعطائهم اللقاحات المضادة قبل شروعهم في تأدية مناسك الحج وقبل مغادرتهم لبلدانهم الأمر الذي يحد من الأزمات المرضية في موسم الحج»..

وعن انفلونزا الخنازير أكد ظفر أن الاستعدادات لن تكون استثنائية بقدر ما هي معتادة في كل موسم والتي يشملها جانب التطوير من موسم لآخر مع وجود الأوبئة أو دون ذلك، غير أن الاحترازات سوف تفرض بشكل مكثف ليتم دعمها وتفعيل مهامها.

المصدر / عكاظ 14/11/1430هـ - عبد الكريم المربع.