حي الجودرية ذهب إلى غير رجعة وبقيت ذكراه
رغم التاريخ القديم لحي الجودرية ووجود الأماكن الأثرية القديمة فيه إلا أن الآراء لم تتفق حول أسباب تسميته بهذا الاسم. والجودرية بفتح الجيم والدال وكسر الراء أحد الأحياء التاريخية القديمة المجاورة لموقع مولد الرسول صلى الله عليه وسلم . وهو حي صغير في مساحته وعدد سكانه.
وذكر في تاريخ مكة لأحمد السباعي أن الجودرية تنسب إلى شخص يدعى (جودر) كان يسكن المنطقة وهو من ذوي النفوذ في عهد الدولة العثمانية، وقيل سميت بذلك بالتصغير والجودري عند أهل الحجاز لحاف من قطن ملبس بالقماش وكان جزءًا رئيسيًّا من أثاث كل منزل إلى عهد قريب، وقيل إن شارع الجودرية كان يباع فيه الجودر، لكن المهم والذي ينبغي ان تعرفه الأجيال أن حي الجودرية الذى عرف بضيق شوارعه وصبغته القديمة كان حتى قبل بدء إزالته كليًّا يتميز بالبيوت الحجرية القديمة المطرزة واجهاتها بالرواشين المصنوعة من الخشب الجاوي تزين الأزقة القديمة بالجودرية في منظر رائع يحكي واقع هذا الحي التاريخي. وفي الجودرية إلى عهد قريب تشاهد مناظر قديمة كالبازان والقبب والأزقة الضيقة التي تنادي باسم العائلة التي تسكن الزقاق كزقاق التمارة وزقاق الخوج وغيرها.
ويعتبر حى الجودرية من أقدم أحياء مكة المكرمة إلى قبل عام من الآن، حيث أدخل ضمن مشروع توسعة الساحات الشمالية ولم يبق منه سوى ذكراه على ألسنة من يعرفونه ، وستظل الذكرى بعد أن أزيل الحى شأنه شأن الأحياء المجاورة للمسجد الحرام والتى أقتضت المصلحة العامة إزالتها لصالح مشاريع التوسعة.
وكان هذا الحي يمتاز بكثرة المخارج والطرق منها يسارًا إلى قلب القرارة حيث مجر الراقوبة ويمينًا الى شعبي علي وعامر ومنها الى الغزة عبر زقاق المجزرة سابقا ( شارع الأمير عبدالله الفيصل قبل توسعة الساحات الشمالية) ومنها الى الحلقة القديمة من الجهة الشمالية الغربية وكانت حدوده تبدأ من رأس المدعى وهو موقع مقراة الفاتحة إلى حد موقع شرطة المعلاة سابقا ثم يأتي سوق المعلاة حتى موقع المقبرة بعدها الخريق وكان موقع القهاوي واجتماع أهالي مكة المكرمة.
أمّا المدعى فتبدأ من مقراة الفاتحة حتى المسعى وكان موقع المسعى وهو مكان أداء شعيرة السعي بين الصفا والمروة للحجاج والمعتمرين الذي أصبح الآن داخل المسجد الحرام. وكان الموقع عبارة عن دكاكين وبائعين والسيارات تعبر من وسط الصفا والمروة إلى جهة القشاشية والسوق الصغير ، وكل تلك الأحياء أزيلت لصالح التوسعات الجديدة للساحات الشمالية للمسجد الحرام ولم تبق سوى الذكرى للأهالي الذين قطنوها.
المصدر / جريدة المدينة - الاثنين, 31 أغسطس 2009- محمد رابع سليمان.
0 تعليقات