الكدادة” أتقنوا ولوج الأزقة فأطلقوا عليهم.. “أهل مكة أدرى بشعابها”
الكدادة» مصطلح يطلقه المكيون على الذين يعملون في توصيل الركاب، وكانت بعض العائلات المكية قبل نحو سبعين عامًا تعمل على الحناطير لإيصال الركاب من مكان استقبال الحجيج في بحرة او حداء الى مكة المكرمة، وتطور الامر الى انشاء نقابة للسيارات وهي النقابة الوحيدة في المملكة التي تعمل بترخيص حكومي. وكانت مهنة الكدادة شاقة وتحتاج الى رأس مال وقوة بدنية، حيث يمارسون اصحابها العمل اليومي الشاق ويجوبون شوارع وأزقة العاصمة المقدسة شارعًا شارعًا لنقل الزوار والمعتمرين خلال المواسم.
وقد اندثرت تلك المهنة بعد دخول عصر السيارات وأصبحت هناك شركات لنقل الحجيج والمعتمرين، ولأن شوارع مكة وأزقتها تحتاج الى دليل من أبنائها فقد وصف الرحالة السابقون المكيين بالقول.. «أهل مكة أدرى بشعابها» ويصعب على القادم الى مكة التعرف عليها من الوهلة الاولى حتى وان كان يملك “خريطة طريق” لأن أزقتها وشعابها ملتصقة ببعضها البعض. ويصف مسفر العصيمي 65 عامًا الوضع الحالي للكدادة بالضعيف جدًا، ويشير الى ان الكدادة فن يحتاج لممارسة حقيقية وأمانة حيث ان الدخول الى مكة ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض خاصة في المواسم.. ويستطرد وهو مستظلٌ تحت إحدى الأشجار بعد أن أرهقته المناداة لعله يحظى براكب.. “أعمل في نقل الركاب من الزوار والمعتمرين من المسجد الحرام إلى مقر سكنهم منذ ثلاثين عامًا، فقد تعودت على المشاوير يا (وليدي) فأقوم كل صباح بنقل ضيوف الرحمن بسيارتي الأجرة بأسعار متفاوته تبدأ من ريالين وتصل إلى 20 ريالاً حسب بعد وقرب المشوار. وأشار الى أن هذا العمل يعد مصدر رزقه الوحيد بيد انه يعاني بشدة من الدخلاء على المهنة ويصفهم بالطفيليين ويقول: “البعض منهم اساء لأهل مكة حين يستغلون الحاج والمعتمر بمبالغ خيالية وبسبب الجشع الذي ينتهجونه أصبح البعض ينظر الى المهنة وكأن العاملين عليها يستغلون حاجة الناس بينما هي في السابق خدمة للحاج بأجر رمزي”.. ويضيف ان رجال الامن بذلوا جهودًا لوقف أولئك المتطفلين على مهنة الكدادة ولكن الامر يحتاج الى ضبط اكثر معهم
ويشاطره الرأي العم محمد سراج 60 عامًا وهو يقول إن مهنة الكدادة لم تعد كما هي في السابق لأن الجشع عند البعض أفقدها نكهتها، كنا في السابق نقوم بإيصال الحاج او المعتمر والفرحة تغمر قلوبنا لأننا ساعدناه في الوصول الى الحرم المكي، وكان الحاج والمعتمر من شدة فرحته يعطي بلا تردد دون ان نشترط عليه، أما الان فقد تغير الحال إذ يصر بعض المتطفلين على مهنة الكدادة الى التفاوض مع الحاج او المعتمر وبشروط خيالية”.. ويتنهد سراج مرددًا “علشان كذا راحت البركة”.
المصدر / جريدة المدينة 22/9/1430هـ - حامد القرشي
0 تعليقات