المؤذن نايف فيدة : أحمل في جيبي وصفات طبية شعبية من أجل سلامة الصوت

 

تقلد والدي مهمة شيخ المؤذنين بعد إعفاء الشيخ المؤذن خطاب شاكر وكان يسمى بكبير المؤذنين في المسجد الحرام وكان له الأحقية في رفع الآذان في أي صلاة واستمر في رفع الأذان أكثر من (45)عاماً ومن أقدم المؤذنين الذين رفعوا الأذان في المقام الشافعي وفي منائر الحرم قبل المكبرات الصوتية ]. بين الشيخ المؤذن نايف فيده أن الاستعداد الذي يبذله المؤذن من أجل القيام برفع النداء في أذان صلاة المغرب في شهر رمضان، من أبرز الأولويات والاهتمامات لمؤذني الحرم المكي الشريف ويكون مع أول ثانية لدخول الوقت والحرص على ذلك من أجل أن يتناول الصائمون إفطارهم فيما يكون المؤذن هو أخر من يفطر. وقال أنه يحمل في جيبه وصفات طبية شعبية من أجل سلامة الصوت، لافتاً إلى أنه يبتعد عن السهر والهواء البارد والأطعمة الحارة والموالح والمخللات بإعتبارها من الأشياء التي تؤثر سلباً على صوت المؤذن.

جاء ذلك خلال حوار أجرته «المدينة»مع الشيخ نايف فيده في داره العامرة بحي الكعكية، تحدث فيه عن ذكرياته بين أروقة المسجد الحرام خاصة في ليالي رمضان، كما تناول العديد من المواضيع

* كيف أصبحت مؤذناً للمسجد الحرام ؟.وكيف كانت البداية؟.
** في الواقع تعلقت بوالدي الشيخ المؤذن صالح فيده (رحمه الله) الذي كان من قدامى مؤذني المسجد الحرام حيثُ تشرف برفع الأذان لمدة تجاوزت 45 عاماً، وهو من المؤذنين الذين كانوا يرفعون الأذان في المقام الشافعي، وتقلد مهمة شيخ مؤذني المسجد الحرم لأكثر من عام وكان زملاؤه يلقبونه كذلك بـ “كبير المؤذنين” وقد قلده هذه الوظيفة الشيخ يعقوب شاكر (رحمهم الله جميعاً) لجمال وعذوبة صوته.

ومن الأمور التي تميز بها الوالد أنه تشرف برفع الأذان في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي الشريف، وكذلك في المسجد الأقصى وكان ذلك عام 1386 هجرية وكنت أبلغ من العمر ثلاث سنوات ولدي صورة تذكارية تجمعني مع العائلة أمام باب المغاربة في المسجد الأقصى المبارك، وما أزال أتمنى أن أحظى بهذا الشرف آذاناً وصلاتاً في المسجد الأقصى مع أبنائي

كذلك تشرف والدي (رحمه الله) برفع الأذان في الكثير من المساجد التاريخية خارج المملكة وزامله العديد من المؤذنين رحمهم الله جميعاً من أبناء العوائل المكية التي نالت شرف القيام بالأذان في الحرم المكي الشريف، وكان أول أذان أقوم برفعه لصلاة العشاء يوم الاثنين في العام 1405هجرية وكنت وقتها ابن 18عاماً، ووقتها كنت برفقة والدي حيثُ أحرص على ملازمته عند ذهابه إلى الحرم وأداء الأذان في الأوقات المحددة له وأتعلم منه كيفية الأذان والإقامة والتبليغ خلف الإمام بالمقام الحجازية والمتمثلة في كلمة (بحمر دسج)حيثُ يكون لكل تبليغ خلف الأمام طبيعة حسب قراءة الأمام وعلى أساسها يؤدى التبليغ وفق المقام الحجازي فيما لم يتمكن أشقائي الآخرين من ذلك بسبب الارتباطات العملية والتعليمية خارج مكة مع العلم أنهما أجمل وأعذب صوتاً مني في أداء الأذان، أما أنا وبسبب ملازمتي لوالدي في المكبرية أصبحت من مؤذني المسجد الحرام وهذا شرف وفخر أعتز به، وبعدها استمريت في أداء ورفع الأذان الأول لصلاة الفجر لمدة سنة تقريباً وكنت وقتها أمارس الأذان برفقة كل من المؤذن الشيخ محمد خليل رمل والمؤذن الشيخ عبد الله بصنوي والذي رافقته قبل أن أصبح مؤذناً رسمياً، وبعد ذلك كان لي الشرف والفضل الكبير بعد الله سبحانه وتعالى في أن أتعلم منه طريقة تأدية التبليغ بالمقامات الحجازية الأصيلة .حيثُ كان يلقب بـ (ملك المقامات الحجازية) رحمهم الله جميعاً.

* هل حدث أن توقفت عن رفع الأذان في المسجد الحرام؟
** نعم وكان هنالك سببان لتوقفي عن رفع الأذان في المسجد الحرام أولهما قرار رسمي من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام بعدم قيام أي مؤذن برفع الأذان في المكبرية ما لم يكن مؤذنا رسميا ومعتمدا من قبلها، وكنت وقتها متطوعا ولذلك بعدت عن رفع الأذان، والسبب الأخر هو تعرضي لحادث مروري مع مجموعة من الزملاء منهم صديق عمري زكريا بن محمد حافظ والذي أعتز بصداقته كثيراً وهو من زملاء دراستي ومهنتي وجيراني أيضاً، وتسبب هذا الحادث في تأثري نفسيا وجسديا حيثُ أدى ذلك إلى الابتعاد عن المسجد الحرام وبالتالي حرماني من رفع الأذان طيلة فترة إمتدت عامين كنت خلالهما طريح السرير الأبيض. كما تسبب ذلك في تأخر تخرجي من الجامعة.

وبعد وفاة والدي(رحمه الله) في يوم الحادي عشر من شهر ربيع الأول لعام 1408هجرية وأثناء قيام فضيلة إمام وخطيب الحرم الشيخ محمد السبيل بتقديم واجب العزاء لنا طلب مني العودة لمزاولة الأذان في المسجد الحرام فترسمت في العمل كمؤذن رسمي للحرم المكي الشريف وتحديداً في الخامس من شهر رمضان المبارك من العام نفسه.

* ما هي الوسائل التي تتبعونها للمحافظة على سلامة الصوت وجماله؟.
** لسلامة الصوت ومخارجه وسلامة الحنجرة والحبال الصوتية والقصبة الهوائية والشعب الهوائية العديد من الوسائل والاحتياطات ومن أبرزها البعد عن التيارات الهوائية الباردة وخاصة المفاجئة والبعد أيضاً عن تناول الأطعمة والمشروبات الباردة وخاصة الماء البارد و المثلجات إضافة إلى البعد والتقليل من تناول الأكل الحار والفلفل وأيضاً الحوامض و المخللات وجميعها تعتبر من أبرز الأسباب إلتي تؤثر على الصوت والجهاز التنفسي، ولذلك أبتعد عنها قدر الإمكان وأحافظ على سلامة الصوت والحبال الصوتية والجهاز التنفسي عن طريق العديد من الوصفات الطبية الشعبية ومنها ما هو على الهدي النبوي مثل تناول الماء الدافئ وملعقة من العسل والحبة السوداء وملعقة من زيت الزيتون وخاصة الأصلي وأنا أتناول وبصفة مستمرة قطعا من السكر النبات والحبة السوداء ودائماً ما تجدها في ثيابي وأحملها في جيبي.

* نود أن نتعرف على أبرز المواقف الطريفة والمحرجة والحزينة التي صادفتكم وعشتم فيها تجاربكم الشخصية؟.
** أشياء كثيرة وعديدة تحملها ذاكراتي منها الطريف ومنها المحزن ومنها المحرج ولعلي أروي لكم قصة طريفة وقعت لي وتكررت مرتين وذلك أثناء أداء الصلاة فالموقف الأول كان أثناء صلاة الظهر خلف الأمام أسامة خياط والموقف الثاني في صلاة المغرب خلف الشيخ سعود الشريم حيثُ قام الأمام من الركوع وقال (سمع الله لمن حمده)وهنا تلعثمت وترددت أثناء الترديد في الكلام(ربنا ولك.الله أكبـ..ربنا ولك الحمد)وتداركت الأمر سريعاً.

وللمصادفة في الموقفين أن يكون معي المؤذن الشيخ محمد رمل (رحمه الله)والذي انتابته نوبة ضحك شديدة جراء ذلك التلعثم فأصبحت أوكزه بمرفقي لكي يتوقف عن الضحك وبعد الانتهاء من الصلاة غرقنا في الضحك سوياً على هذين الموقفين الصعبين.

ومن المواقف التي تنال استهجاني وإنكاري عدم قفل أجهزة الجوال أثناء الصلاة من قبل بعض المصليين هداهم الله حيثُ نلاحظ تفشي النغمات التي تحمل مقاطع غنائية وموسيقية مما يفقد المصليين خشوعهم في الصلاة وهذا من الأمور الذي يجب الحذر منها لأنها من مخالفات الشرع.

أما المواقف المحزنة فهي تتمثل عندما أقوم بالنداء للصلاة على الأموات ويكون من ضمن الجنائز قريب أو صديق أو زميل وهنالك مواقف أجهشت فيها بالبكاء وانتابني حزن شديد الأول في وفاة والدي (رحمه الله)، والأخر أثناء أداء صلاة الميت على الشيخ الأمام عبد الله الخليفي، وكذلك أداء صلاة الميت على زميلي الشيخ المؤذن حسان زبيدي وشيخ المؤذنين عبد الملك ملا(رحمهم الله جميعاً)حيثُ لم أتملك نفسي وأجهشت بالبكاء عليهم كثيراً.

المصدر / جريدة المدينة 19/9/1430هـ - هاني قفاص.