فرن "الشيخ".. قرن من الصمود في قلب جدة التاريخية

 

اشتهرت جدة القديمة بالعديد من الأعمال الحرفية التي ظل أصحابها يحرصون عليها حتى الآن رغم تقدم الحياة من حولهم. فمهنة الفران أو الخباز، ورغم أنها من الأعمال الشاقة التي تتطلب مجهودا ونشاطا من صاحبها، إلا أن البعض ظل يزاولها رغم تقدم سنه محافظا على إرث أجداده في هذه المنطقة التاريخية.

ومن أفران جدة القديمة (فرن الشيخ) لصاحبه يوسف شكري بسوق الندى وفرن عبد العال بحارة المظلوم وفرن حمزة صعيدي وفرن مصطفى صعيدي وفرن الحنبولي وغيرهم. فمن الأفران المشهورة التي لا تزال موجودة بجدة التاريخية (فرن الشيخ) واشتهر بعمل الخبز الحب كما يطلق عليه (الخبز الأسمر) ويمتاز بنكهة مميزة تجعلك تأكل أطرافه قبل الوصول للبيت.

ويتجمع الناس في هذا الفرن ثلاث مرات في اليوم، وفي رمضان تجدهم من قبل صلاة العصر في صفوف طويلة منتظرين الحصول على رغيف خبز يتناوله الشخص على مائدة الإفطار، فكبار السن خاصة يفضلون الإفطار في رمضان على العيش الحب كما يطلقون عليه ويتحملون عناء المجيء إلى فرن الشيخ خاصة لشرائه. يقول عمر محمد بارزيق وهو أقدم فران عمل في فرن الشيخ يوسف محمد شكري لمدة تقارب الخمسين عاما: هذا الفرن من الأفران القديمة في مدينة جدة ويتجاوز عمره 100 عام حيث امتاز عن غيره بإنتاج "خبز الحب".وذكر بارزيق السر في رغيف الخبز الذي اشتهر به هذا الفرن على وجه التحديد، ولماذا يجد كل ذلك القبول بقوله: أولا تسخير من الله سبحانه وتعالى، وثانيا اختيار الدقيق الجيد حيث نقوم بوضع الابازير مع الطحين مثل الشمار والكمون والينسون والحبة السوداء والسر في احتفاظ الخبز بنكهته هو العمل بشكل يدوي أثناء الفرد ولا نعتمد على آلة الفرد الحديثة. وأضاف: سابقا كان هذا الفرن يعمل العيش الصامولي الذي يعرف بالعيش التركي ويتخذ الشكل الممتلئ ويختلف عن الخبز الصامولي المعروف حيث يمتاز بأنه مشرط بالموس وفي الماضي يباع العيش الرغيفين بريال أما حاليا الرغيف بريال.

ويمضي بارزيق بقوله: في الماضي كنا نستخدم الحطب في الأفران، وكان الحصول عليه في تلك الفترة صعبا، حيث نقوم بشراء الحطب من البدو، وكان سعر عربة الكارو 100 ريال، أما بوقتنا الحاضر فيستخدم الكيروسين، وعن أجره اليومي يضيف: كنت أعمل زمان منذ 30 سنة بأجر شهري لا يتجاوز 200 ريال، أما الآن فأجري 4000ريال، وكله محصل بعضه، يعني أهم حاجة البركة من عند ربنا. ويتندر بارزيق على حال السيدات في الماضي حيث كن يعزفن عن شراء الخبز من الأفران، بل كانت كل سيدة تقوم بعمل العجينة في البيت وتأتي بها إلى الفرن حتى تنضج، وذلك لأن بعض السيدات لا يثقن في خبز الأفران فيقمن بعمل الخبز بالمنزل.

وعن أهم الأشخاص والزبائن الذين يتعاملون معه أضاف بارزيق كان يتعامل معنا العديد من المطاعم والأشخاص من الأسر المرموقة في جدة الذين يحرصون على جلب الخبز الحب من فرن الشيخ على سبيل المثال، فعلى سبيل المثال كنا نوصل يوميا لمطعم فول الأمير 80 قرصا، ويأتي لنا بعض من العاملين لدى الامراء ممن يفضلون تذوق خبز فرن الشيخ، لكن مع ظهور العديد من الأفران والتقنية في الوقت الحالي أصبح هؤلاء لا يزورون الفرن ويشترون من أقرب موقع لهم، ولكنهم يأتون إلينا بين الحين والآخر خصوصا إذا كانوا بالقرب منا.

المصدر / جريدة الوطن 17/9/1430هـ - نجلاء الحربي