المجلس المكي .. نافذة الروح وذاكرة بيت آل أزهـر

المجلس المكي .. نافذة الروح وذاكرة بيت آل أزهـر 

في قلب الدور العلوي من دار أبناء المرحوم أحمد محمد أزهـر رحمهم الله كان المجلس يقف شامخاً كنبض للحياة ومهوى للألفة وملتقى لحميمية العلاقات بين الأهل والأحباب والجيران والحجاج. مجلس ليس كسائر المجالس بل فصل من كتاب التراث المكي النادر وصفحة تعبق بعبق الماضي ودفء العائلة وكرم الضيافة.

روشان يحفظ الهيبة .. ويحتضن الشارع

يطل المجلس على الشارع الرئيسي بروشان فريد التصميم محبوك بحكمة المعمار المكي الذي جمع بين الستر والاطمئنان. كانت الكبيرات من سيدات آل أزهـر يتابعن حركة الحياة في الشارع من خلال قلاليب الروشان فـ يشاهدن بنظرات مليئة بالحياة دون أن ترى ملامحهن .. ستر يحفظ الخصوصية وأناقة تعبر عن ذوق المكان وهيبة سيداته.

مقر إستقبال النساء .. واحتفال يومي بالمحبة

كان المجلس هو صالون النساء بمفهوم اليوم يستقبل زائرات العائلة من القريبات والجارات وصويحبات الدرب والحجاج القادمات من مشارق الأرض ومغاربها. تفتح القلوب قبل الأبواب وتستقبل الدعوات قبل التحايا فيصبح المجلس مساحة لقاءٍ ومؤانسة وتبادل أخبار الحياة.

ولحفظ الانفراد كان باب المجلس الموازي للـصفة يغلق عند وجود رجال أو أطفال في الجوار .. صوناً للحرمة ورعاية لراحة نساء الدار.

باب نافذ إلى خزانة الخير .. وطقوس الضيافة الأصيلة

ومن المجلس يمتد باب صغير إلى غرفة الخزين غرفة تعج بخيرات البيت تجهز منها المشروبات الباردة وتجهز فيها التعتيمة ودجاج البر والمكسرات لضيوف الرحمن ولأهل الدار. وفي زاوية المجلس تتمركز التختة .. عرش الضيافة حيث تعد “ست البيت” الشاي الفاخر بأدواته الأصيلة:
    •    فناجين أبو إذن
    •    أكواب الشاي
    •    علبة سكر تقليدية
    •    ملاعق نحاسية لتحريك السكر

وفي طقس يومي لا يفوت بعد الغذاء مباشرة .. ثم بعد صلاة المغرب حيث تجتمع الأسرة بصفاء الأرواح فتغمر البركة المكان.

شمسية .. السيدة الأولى وقلب هذا البيت

لم تكن تفاصيل هذا الجمال لتكتمل دون ذكر جدتنا الحبيبة شمسية صالح برديسي رحمها الله .. السيدة الأولى في البيت وقصة حنان لا تنسى. كانت الأم الحاضنة لكل صغير وكبير قائدة السفينة بحكمة الأمس وأصالة مكة .. تضع لكل لحظة نظاما ًولكل ضيف ترحيباً ولكل فرد مكانة في القلب.

المجلس .. أكثر من غرفة

هو ذاكرة وحنين ورائحة شاي ممزوجة بالود وضحكات تتردد في السقف القديم وأدعـيـة ترفع من قلوب مطمئنة. هو لوحة من الزمن الجميل الذي مر لكنه لم يرحل .. لا يزال حاضراً في الذكريات يكتبه الشوق حرفاً حرفاً.

✍️
بقلم :  أ.د. عصام إبراهيم أزهـر