حسين بن محمد مكّاوي ..من رحاب مكةالمكرمة الى ميادين الدبلوماسية والتعليم

ابنُ مكةَ المكرمة البار سعادة الأستاذ حسين بن محمد مكّاوي عشري – رحمه الله – أحد الروّاد الأوائل الذين نهضوا بالتعليم، وأسهموا في العمل الدبلوماسي والإداري، وخدموا الوطن في مرحلة مفصلية من تاريخ المملكة العربية السعودية. وُلد – رحمه الله – عام ١٣٤٣هـ، ونشأ في رحاب مكة المكرمة، المدينة التي شكّلت وجدانه وغَرَسَت فيه قيم الإيمان، وروح العمل الصادق المخلص. التحق بالمعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة وتخرّج منه عام ١٣٦١هـ، ليضع أولى خطواته في مسيرة امتدت لأكثر من أربعة عقود، قدّم خلالها نموذجًا يُحتذى به في الإخلاص، حسن الأداء، وخدمة الوطن.

بدأ حياته العملية في ميدان التجارة والحرف التقليدية الأصيلة، ثم انطلق لخدمة وطنه في ميادين العمل الدبلوماسي، فالتحق بوزارة الخارجية حيث تألّق – رحمه الله – في عمله، وتقلّد عددًا من المهام والمناصب الدبلوماسية، كان آخرها تعيينه ملحقًا دبلوماسيًا في سفارة المملكة العربية السعودية في إيران، وهو موقع دقيق وحساس يتطلّب حكمة ورجاحة عقل وقدرة على تمثيل مصالح الدولة في بيئة معقدة وظروف عمل غير يسيرة. وقد برز – رحمه الله – في أدائه حتى غدا مثالًا للدبلوماسي الحصيف رفيع الخُلق، وظلّ – رحمه الله – مثالًا للالتزام والولاء، ممثلًا لوطنه في الداخل والخارج حتى عام ١٣٨١هـ.

ثم انتقل – رحمه الله – إلى مديرية الجمارك بالمنطقة الشرقية, مساهماً في تطوير العمل الجمركي ومنافذه الحدودية حتى عام ١٣٨٤هـ. وبعدها واصل حضوره الوطني المشرّف بالإسهام بشكلٍ فعّال في المرحلة التأسيسية لكلية الهندسة بالرياض, أحد أبرز مشاريع التعاون بين حكومة المملكة ومنظمة اليونسكو – قبل انضمامها لجامعة الملك سعود – حيث تدرّج – رحمه الله – في المناصب الإدارية حتى تقلّد منصب مدير الشؤون الإدارية بالكلية حتى عام ١٣٨٦هـ, تاركًا بصمة واضحة في بناء أسسها الإدارية الأولى.

وفي عام ١٣٨٧هـ انتقل – رحمه الله – إلى وزارة المعارف بالرياض، ومنها التحق في عام ١٣٩٢هـ بجامعة الملك عبد العزيز – فرع مكة المكرمة (لاحقًا جامعة أم القرى)، حيث تولّى رئاسة قسم الموظفين وأسهم في إنجاح المرحلة الانتقالية وتأسيس جامعة أم القرى. وبعد ذلك تدرّج – رحمه الله – في المناصب الإدارية حتى تقلّد منصب مدير شؤون الدراسات العليا، وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى تقاعده عام ١٤٠٦هـ.

لقد عُرف – رحمه الله – بنقاء السيرة، وطهارة القلب، والجدية في العمل، وبشهادة كل من عرفه كان من أولئك الرجال الذين تُبنى عليهم المؤسسات، ويُقتدى بمنهجهم في الإخلاص. وله في مسيرة بناء مكة المكرمة ومؤسساتها بصمات لا تُنسى.

توفي – رحمه الله – عام ١٤١١هـ، ودُفن في مقابر المعلاة بمكة المكرمة، بعد عمرٍ عامر بالبذل والوفاء والعطاء المبارك. وبقيت سيرته شاهدًا على رجلٍ عاش كبيرًا، ومضى كريمًا، وظلّ أثره العطر راسخًا في ذاكرة الأجيال.

ومن بعده حمل أبناؤه الكرام: د. محمد، هيفاء، نزار، أسامة، م. أمجد، ومازن؛ من زوجته السيدة نوال ابنة السفير بكري بن أحمد عبدالجبار (رحمها الله)، راية اسمه، وواصلوا المسير على نهجه، ساعين لخدمة وطنهم ورفعته، سائرين على خطاه، مستلهمين من سيرته ما يعينهم على خدمة وطنهم ورفعة هذا البلد المبارك.

رحمه الله رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجعل ما قدّمه لخدمة وطنه نورًا يرفع درجاته في عليّين.

بقلم : د.محمد حسين مكّاوي