مكة المعظمة في مرآة الشعر: رموزها ومعانيها الخالدة

بين فترة وأخرى أطالع بعض القصائد وكتب الأدب وكان يشدني تلك الرمزية لمكة في الشعر العربي وذاك الحضور لمكة المعظمة
ومن ذلك قصيدة :
يا بريق الغور قف نفساً
قد خطفت القلب والحدقا
قلت : ولك أن تتأمل ما ورد فيها من المواضع المكية التي لها أصل وحضور وتاريخ عميق
مثلا : الغور : وهو موضع أعلى من ذات عرق ينحدر منه على ميقات ذات عرق وذات عرق من أعلام ودلائل النبوة حيث وقتها سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يفتح العراق وما وراءه من البلدان والأقاليم وتحقق صدقا وعدلا ما قاله الصادق الصدوق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه في الدنيا والآخرة وذات عرق هي الأرض التي وقع عليها القتال بين عندنان جد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخنتصر وكم وكم وكم من أيام وليالي قضيتها في الغور وذات عرق .
ويقول الشاعر في القصيدة نفسها :
ليت من بالجزع لو عطفوا
ليت من أهواه بي رفقا
والجزع هنا : هو موضع مكي هو شعب أبي دب الذي سكنه سيدنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه بعد التحكيم فسمي بعد ذلك بشعب أبي موسى ويسمى الآن بدحلة الجن وكذلك بدحلة العفاريت والتغني به إلى خيف بني كنانة له حضوره في الشعر وفيه يقول كثير بن كثير
إن أهــل الحصــاب قـد تركـوني
مغرمـاً مولعـاً بأهـل الحصـاب
سكنوا الجزع جزع بيت أبي مو
سى إلى النخل من صفي السباب
وشعب صفي السباب هو نفسه خيف بني كنانة وهو الذي أنزل الله تعالى فيه قوله المعظم الجليل : ( فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ) لأن أهل الجاهلية يأتون هذا الشعب بعد أيام التشريق ويفتخرون بالأنساب والأحساب ويسب بعضهم آباء بعض فجاء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليذهب برجس الجاهلية ويأتي بنور الإسلام فأنزل الله تعالى في خيف بني كنانة هذه الآية , وهذا الخيف وما أجمله وأعزه وأكرمه عليّ والحمد لله وقد أكرمني ربي بالعناية به وتحقيقه على الوجه الذي أسأل الله أن يبارك فيه إن ربي كريم جواد رحيم .
ويقول الشاعر في القصيدة نفسها :
في نواحي الشعب غانية
حسنها في الكون ما اتفقا
والشعب : مكة كلها شعاب ولكن درج بالتغني بشعب المعلاة الذي فيه المقبرة لما له من الفضل ودفن فيه من أهل السبق والفضل والتقدم في الإسلام
وهكذا مكة المعظمة عظيمة في كل شيء لأنها بلد الله المحرم والحمد لله رب العالمين
كتبه الشريف محمد بن منصور بن فوزان | مكة المعظمة - شعب عثمان بن عبدالله ١٤٤٧/٤/٣٠ هجري
0 تعليقات