شاعر الحكمة والوجدان ..ابراهيم فودة

هو اديب بارز , وشاعر مرموق , واعلاميي من طراز رفيع , ومثقف مبدع , صاحب فكر وحكمة ، لذا كان جديرا ما أطلق عليه لقب  شاعر الحكمة والوجدان إنه الأديب الأريب والشاعر الكبير الشيخ إبراهيم بن محمد أمين فودة , من رواد الحركة الأدبية والثقافية في السعودية

ولد عام 1342 هـ الموافق 1924م  في مكة المكرمة , وتوفي عام ١٤١٥هـ  الموافق  1994 م ( رحمه الله )  فقد نشأ في بيت علم وادب  فتربى على الدين واجتهد في تحصيل العلم على والده الشيخ محمد أمين فوده ( رحمه الله ) الذي كان عالمًا وشاعراً ومربيًا وقاضيًا وإمامًا للحرم المكي , ثم التحق بالمسجد الحرام ودرس فيه، وتخرج في المعهد العلمي السعودي عام 1357 هـكان رحمه الله سخيًّا بهيًّا في التعامل مع الجميع بحنوّ الأب وروح الصديق، وصبر العلماء وتواضعهم، وصدق الرائد وفطنته، وإحساس الشاعر الإنسان النبيل بحكمته وأصالته
 
له العديد من المؤلَّفات، من بينها كتب، في الأدب، والشعر، والدين، والتربية
من آثاره الشعرية : دواوين  مطلع الفجر ، مجالات وأعماق ،  صور وتجاريب ، حياة وقلب , تسبيح وصلاة
من آثاره النثرية :  الرياضة والهدف ،  المهمة الصعبة ،  الشاعر المحسن ، حديث إلى المعلمين

وقد حظيا باحترام وتقدير كبير لدى الأوساط الأدبية والاجتماعية  لنزاهته وفطنته فكان داعماً قوياً للثقافة والأدب , فتاريخه الأدبي والوظيفي حافل بالإنجازات , ولعلني أذكر بعض تلك المهمات التي تقلد وظائفها ابتداءً من سكرتير لديوان التفتيش بوزارة المالية  إلى أن أصبح سكرتيرا أولا لإدارة عموم وزارة المالية , وهو أول مدير عام للإذاعة السعودية وفي مدة ادارته صدرت اللوائح الداخلية للإذاعة التي نظمت الادارات المختلفة بها واختصاصاتها , وخلال ادارته صدر المرسوم الملكي التأسيسي للإذاعة الذي جعلها هيئة مستقلة تتبع رئيس مجلس الوزراء , وحين بدأ نظام الوزارات اعطي المدير العام للإذاعة مرتبة وكيل وزارة , وكان آخر عمل له في الدولة ممثلا لوزارة المالية والاقتصاد الوطني لدى مجلس الوزراء , ومجلس الشورى , ووزارة الخارجية .

له الكثير من الاسهامات في هيئات مختلفة أثناء عمله الحكومي منها الاشراف على مطبعة الحكومة , كما شارك في معظم النشاطات المحلية والمناسبات العامة , فكان أول رئيس لمجلس ادارة نادي الوحدة الرياضي , كما  رشح رئيسا لنادي مكة المكرمة الثقافي الأدبي بانتخاب لثلاث دورات متتالية منذ تأسيس النادي , حيث نشأ هذا النادي بجهود رجال مخلصين ضمت خيرة من خيرة علماء وأدباء ومثقفي مكة المكرمة ثم طلب الاستعفاء من النادي لإحساسه بالتعب معا نات مع المرض  , رافعا اقتراحه بتشكيل المجلس الإداري الجديد للنادي , وتمت الموافقة بأمر ملكي .

وهنا أتوقف قليلا لا تحدث عن جهوده الفريدة , حيث كانت بمثابة ظاهرة ثقافية متعددة وممددة الأبعاد لها تأثيرها الايجابي في خدمة المجتمع في هذا النادي هي الهدف الأساسي لإشاعة العلم والثقافة بين أفراد المجتمع  لقد اتسمت تلك  الفترة الزمنية الأولى التي قضاها الشيخ إبراهيم فودة رئيسا  للنادي الثقافي الأدبي بمكة المكرمة , زاهية بالعطاء بما يتميز به من حكمة وحنكة وحسن إدارة , فجعل من رسالة النادي رسالة خيرة شاملة , تهدف إلى ثراء الجانب الفكري والثقافي والأدبي للشباب والشيوخ وتشجيع أصحاب المواهب الناشئة الذي أفسح مجالاً واسعاً  في نشاطاته المنبرية والمسرحية , وتوفير سبل الترفيه الخفيفة من العاب رياضية تجتذب طلاب العلم والمعرفة من أبناء المدارس والجامعة كما حرص إلى تحديث أنشطته العلمية والثقافية بالتنوع المفيد  بحيث يقام في كل أسبوع محاضرة يدعى إليها كبار المفكرين والعلماء والأدباء والشعراء , فكل موضوع  له محاضروه , وله رواده , والمهتمون به   هذا التنوع العلمي والفكري في المحاضرات والمحاضرين , أسهم في اجتذاب الحضور إليه والإفادة مما يلقى على منبره .

 ومن الأعمال الرائدة أنشاء غرفة تحكم عبارة عن استديو وفيديو متكامل لتسجيل جميع المحاضرات والندوات بالصوت والصورة , والتي تعتبر مكتبة وثائقية محفوظة عن معظم الفعاليات المنبرية بالنادي , بحيث أن المناسبة تنتهي من هنا تسلم  لكل مشارك نسخة عن الفعالية , كما انشاء مكتبة عامة كبيرة بالنادي ( مكتبة الأمير فيصل بن فهد ) تضم نفائس المراجع والكتب العلمية والأدبية والثقافية والتربوية والعديد من كتب التراث الإسلامي والعربي و خصص في أحد زواياه ركن للطفل حرصاً منه لأهمية ذلك

كما أهتم اهتمام كبير في التدوين والتوثيق متمثل في إصداراته المتنوعة التي بلغ تعدادها ما يزيد على مائة إصدار تغطي معظم حقول الثقافة والمعرفة ويتم توزيعها بالمجان لرواد النادي ومن الأعمال الخيرة التي تذكر في تاريخه , حرصه في تملك النادي مكان نشاط مقره بحي العزيزية ,( وتلك قصة كنت شاهد عيان على أحداثها )  ولا أنس الدور والجهد الذي قدمه  سكرتير النادي آنذاك مدير العلاقات العامة بالنادي الاعلامي  الكبير والاذاعي المعروف الأستاذ يحي كتوعة  رحمه الله في هذا الشأن , وجاءت المساهمة الكبيرة لتملك النادي من الشيخ سالم أحمد بن محفوظ رحمه الله ,ومساهمة أخرى من الشيخ إبراهيم جفالي رحمه الله
ولنا أن نذكرهم بالتقدير والعرفان وغيرهم الذين أسهموا بمالهم وفكرهم في نهضة هذا النادي العزيز والذي ظل محافظا على عطائه وريادته  وأنشطته عبر مسيرته , رحم  الله شيخنا المفضال إبراهيم فودة , وجعل ما قدم من عمل خلال مسيرته الحافلة في موازين أعماله وأسكنه فسيح جناته .

بقلم / نبيل بن عبد السلام خياط
اعلامي وكاتب , مهتم بالأدب والثقافة والكتابة الوجدانية
عضو مجلس ادارة نادي مكة المكرمة الثقافي الأدبي المسؤول الإداري  سابقا