شيخي وأستاذي فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان عالم مكة المكرمة وفقيهُها 1356 - 1444هـ رحمه الله

الحمد لله الحي القيوم، مقدر الأقدار، ومكور الليل والنهار، المبارك في الأعمار، والموفق لجليل الآثار، وصلى الله وسلم على نبينا محمد معلَّم الكتاب والحكمة، مبيِّن الحق للخلق، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه، وسلك طريقه واتبع سنته إلى يوم الدين.

وبعد:

فيقول الله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} الرحمن: 26-27.

إن الموت حق حتم على كل حي، يجري على الكبير، والصغير، والغني، والفقير، الذكر، والأنثى، الموت نهاية الدنيا وليس نهاية الحياة يقول تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} آل عمران: 185.

ولو أنا إذا مِتنا ترُكنا

لكان الموْتُ راحَةَ كُلِّ حَيِّ

ولكنا إذا مِتنا بُعثنا

ونُسأل بعدها عن كل شيِّ

يهرب المرء من الموت إلى الموت، ويتقي الموتَ بالموت، فأين الملاذ؟ وإلى أين المفر؟ قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} الجمعة: 8.

يقول الحسن البصري -رحمه الله-: وإنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك؟

تمر بنا الأيام تترى وإنما

نساق إلى الآجال والعين تنظر

فلا عائد ذاك الشباب الذي مضى

ولا رائح هذا المشيب المكدر

مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجلس للصحابة وهم يضحكون، فقال لهم: «أكثروا من ذكر هادم اللذات: الموت، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وَسَّعَهُ عليه، ولا في سَعة إلا ضَيَّقَهَ عليه» صحيح الترغيب.

وقال سعيد بن جبير رضي الله عنه: «لو فارق ذكرُ الموت قلبي، لخشيت أن يفسد علي قلبي.

ومما ينسب لعلي رضي الله عنه:

لا دار للمرء بعد الموت يسكنها

إلا التي كان قبل الموت يبنيها

فإن بناها بخير طاب مسكنها

وإن بناها بشر خاب بانيها

أموالنا لذوي الميراث نجمعها

ودورنا لخراب الدهر نبنيها

النفس تبكي على الدنيا وقد علمت

أن السعادة فيها ترك ما فيها

ومن عاش في هذه الدنيا لا بد أن يذوق حلوها ومرها، ويعيش صفوها وكدرها، وهذا هو طبع الليالي والأيام، والمؤمن معلق رجاءه، وحسن ظنه بالملك العلام في حصول الرضا، وتنزل السكينة، ثم حسن الختام.

وإن من منغصات الحياة، وباعث أحزانها أن يفجأ المرء بما يحزنه ويكدر صفو عيشه، فواجع تدك شغاف القلوب، وتهز هضاب النفوس.

وأصعب ذلك وأكثره إيلامًا رحيل من غيابه يحزن، وفقده يوجع، فيترك في القلب لوعة، وفي النفس فجعة، وإن كان المسلم مؤمناً وموقناً بأن الموت حق محتم فمن جاءه أجله أسلم روحه إلى بارئها، وحينئذ تنقطع الأسباب، وتعجز الحيل، ويحل وعد الله: {وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} المنافقون: 11.

ومن هنا فإن المسلم يستقبل قضاء الله وقدره بنفس تتعزى وتستبشر بما يدخره الله الكريم الأكرم من الأجر، والإحسان، ولسان الصدق في الآخرين.

وبخاصة لمن نحسبهم أنهم من ورثة الأنبياء، وممن كتب الله على أيديهم الخير والنفع للأمة.

وكل مقيم في الحياة وعيشها

فلا شك يوما أنه سوف يترك

ويعظم أمر الموت، ويفظع شأن المصاب، إذا كان المفقود عالمٍا من علماء الأمة، تستنير بعلمه البلاد، ويستضيء بفقهه العباد، فالعلماء ورثة الأنبياء، وجودهم مغنم عظيم، وفقدهم مصاب جسيم.

فهم ميراث النبوة في الدعوة إلى الله، وهم الملاذ - بعد الله تعالى - لبيان شرع الله، يقول تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} الأنبياء: 7.

وحق للأمة أن تحزن لموتهم، وتأسى لفراقهم، لأن فقدهم ثُلمة في المسلمين، وشرخ في بناء حضارتهم.

يقول عز شأنه: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} الرعد: 41.

قال ابن عباس في رواية: «خرابها بموت علمائها، وفقهائها، وأهل الخير منها».

وقال مجاهد: «هو موت العلماء».

ونسق هذا المعنى «أحمد بن غزال» فقال:

الأرض تحيى إذا ما عاش عالمها

متى يمت عالم فيها يمت طرف

كالأرض تحيى إذا ما الغيث حل بها

وإن أبى عاد في أكنافها التلف

بموت العلماء يفشو الجهل، والجهل هو سبب الضلال والزيغ.

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلو وأضلوا» متفق عليه.

وموت العلماء من أشراط الساعة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويثبت الجهل» متفق عليه.

وقيل لسعيد بن جبير - رحمه الله -: «ما علامة الساعة وهلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم».

ومن جميل قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «عليكم بالعلم قبل أن يرفع، ورفعُه هلاك العلماء».

وقال الحسن البصري - رحمه الله -: «كانوا يقولون: موت العالم ثُلمة في الإسلام، لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار».

في يوم الأحد الموافق: الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك من عام 1444 من الهجرة النبوية توفي العالم النبيل الفقيه المتمكن، والأصولي المتقن شيخ المؤرخين المكيين أستاذي وشيخي الأستاذ الدكتور/ عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان - رحمه الله - عن عمر يناهز ثمانية وثمانين عاماً، ولد في مكة المكرمة سنة 1356هـ كانت حياته مليئة بالعلم والعطاء، والبذل في ميادين العلم، فقد كان من العلماء الجادين في التحصيل والتعليم، حيث تلقى تعليمه الابتدائي بدار الأيتام بمكة المكرمة، وتخرج فيها عام 1369هـ، ثم التحق بالمعهد العلمي السعودي، وتخرج فيه عام 1373هـ، وواصل تعليمه الجامعي بكلية الشريعة بمكة المكرمة، وتخرج فيها عام 1377هـ، تتلمذ على أيدي علماء الحرم المكي الشريف، ولازم العلامة المحدث الفقيه القاضي، المدرس بالمسجد الحرام الشيخ حسن محمد مشاط رحمه الله ملازمة امتدت سبع سنوات، ودرس عليه في منزله، وفي الحرم المكي العلوم الشرعية/ الفقه، وأصوله، والحديث وعلومه، ودرس عليه علوم اللغة العربية: النحو، والبلاغة، والمنطق، مختصراتها ومطولاتها خلال مراحل الدراسة الثانوية والجامعية.

أما سيرته العملية فبدأت في صفر عام 1378هـ مدرساً لمادتي: الفقه، والتفسير، بمدرسة الزاهر المتوسطة، وقد أعد في هذه الفترة تفسيراً للأجزاء المقررة من تفسير القرآن.

وكان مشاركاً في التعليم حيث انتدب لتدريس اللغة العربية، وطرق تدريس العلوم الشرعية في الدورة الصيفية للمعلمين التي كانت تنظمها وزارة المعارف بالطائف.

كما حصل على دبلوم التربية للمعلمين من الجامعة الأمريكية في بيروت في صيف عام 1382هـ، ثم صدر أمر وزير المعارف بنقله مدرساً إلى مدرسة العزيزية الثانوية بمكة، فدرس فيها الشريعة الإسلامية واللغة العربية، وأخرج أثناء هذه الفترة ملخصاً مدرسياً لكتاب عبقرية الصديق لعباس محمود العقاد.

وبعدها أمر وزير المعارف بتعيينه معيداً بكلية الشريعة لمادتي: أصول الفقه، والفقه المقارن في عام 1384هـ، ومن ثم تم ابتعاثه إلى جامعة لندن للدراسات العليا بقسم القانون المقارن عام 1385هـ.

وقد حصل على درجة الدكتوراه مع توصية بطبع الرسالة في شوال من عام 1390هـ، والتوصية بالطبع تزكية علمية فائقة لا تمنح إلا للنوادر من المتفوقين من الطلاب، وضم لتلك الشهادات العليا حصوله على دبلوم في القانون الإنجليزي، والدراسات الحقوقية أثناء تحضيره للدكتوراه من جامعة لندن.

تلك الترقيات والتدرجات العلمية والتعليمية لفضيلته - رحمه الله - جعلته بعد توفيق الله يتضلع في البحث والتأليف، والمشاركات في دراسة النوازل المعاصرة.

وهذا التنوع في التحصيل كون لديه ملكة علمية معرفية، فكان متشربا للتخصص العلمي في الفقه المنهجي، والبحوث في المال والاقتصاد، والقانون، وضميمة أخرى كان له بها اهتمام وعناية فائقة، بل هو عَرَّابها، ومرجعها، وهي التاريخ المكي بشموله للأشخاص، والأحداث، والأماكن، وكان له فيه مكنة عجيبة، وعناية متميزة، وقد عرف بموسوعيته العلمية، فكانت سلمًا للمناصب التي تقلدها ومنها:

العضوية في مجالس وهيئات علمية؛ فقد تسنم القيادة العلمية من عمادة، ورئاسة لجان، وبهذا النجاح حاز جوائز علمية مرموقة منها: جائزة الملك فيصل، وجائزة الأمير نايف رحمهما الله.

وقد طُلب أستاذاً زائراً في عدد من الدول، كما سوف يتبين.

لقد وهبه الله عمراً مديداً قارب التسعين عامًا قضاه في العلم والعمل، مخلصا متفانيا في خدمة دينه ووطنه، وأمته، وخدمة علوم الشرع المطهر فقهًا وأصولا، وتاريخاً، وتراثًا، وتأليفًا، وتدريسًا، وبحثًا، وتحقيقًا، وتأصيلا، فخلف إنتاجاً علميًّا غزيراً أثرى فيه المكتبة الإسلامية في كتب قيمة، وبحوث رصينة، ومقالات محكمة سوف أستعرضها بعد قليل.

لقد كان رحمه الله طيب المعشر عزيز النفس متواضعًا حريصًا على الوفاق، بعيداً عن موارد الخلاف والشقاق، عاش سهلا في حياته، غير متكلف، متواضعًا مع ما يجلله من عناية بمظهره، وحسن هندامه، قدوة في خلقه وسلوكه:

وأحسن أخلاق الفتى وأجلها

تواضعه للناس وهو رفيع

***

وإن تك غالتك المنايا وصرفها

فقد عشت محمود الخلائق والحلم

كان رحمه الله مدرسة في جده وإنتاجه، وإنجازاته، وحفظه لوقته، وحسن ترتيبه وتنظيمه.

بحث ودرَّس، وحاضر، وألف في الفقه والأصول، والتراث والتحقيق، والتاريخ، وطرق البحث العلمي، والتفكير العلمي حلل، ونقد، وتعقب، وحقق في الفقه والأصول، والقواعد، والمقاصد، والنوازل، فهو المؤرخ، والمثقف، وأستاذ البحث العلمي، والفكر الأصولي.

لقد كان بعيداً غاية البعد عن الظهور، عزوفًا عن الإعلام بوسائله كافة؛ فقد وقف نفسه على العلم وأروقته وساحاته، نعم لقد حفظ العلم، وصانه، ونأى به، أن يتذلل أو يدنس.

أما آراؤه العلمية واجتهاداته فكانت محفوظة في أوساط أهل العلم، وفي صدور الرجال وكتبهم، وأروقتهم وأوراقهم.

لم يشأ أن يجعلها مادة تلوكها ألسنة المتربصين والمتصيدين، أو سبيلا للبلبلة والابتذال والإهانة، لا يصل إليها مرجف أو يتسلقها متسلق، أو يوظفها مغرض، لقد كان فقيهًا مجددًا، تناول بتمكن، وجدارة معطيات العصر، كما سوف يتبين من استعراض إنتاجه وتراثه في مصنفاته ومقالاته رحمه الله.

وأحسن الحالات حال امرئ

يطيب بعد الموت أخباره

يفنى ويبقى ذكره بعده

إذا خلت من بعده داره

***

لعمرك ما وارى التراب تراثه

ولكنه وارى ثيابا وأعظما

عالم محقق جاد ومجدد في فكره، وعلمه، ومنهجه، وأبحاثه يناقش المسائل بموضوعية، ويبحثها من مصادرها في نظرة تأصيلية تحليلية.

فهو الجامع بين التأصيل والتجديد، في فكر ثاقب، وفهم حاذق، واجتهاد مؤصل، مع مناقشات علمية رصينة، بعيدة عن الجدال العقيم أو المناكفات، والمطارحات الفارغة، يحاور ولا يجادل، ويناقش ولا يفاخر.

فهو مؤلف أجاد فأتقن، وبرع فتفنن، تعرفه المراجع، وأروقة العلم، وساحات البحث، وميادين الفكر، في العلم لا يجامل، وفي الأدب لا يجارى، في فقه منظم، ونفس عزيزة، وكلمات كريمة، ومعان دقيقة، رمز التواضع، وكرم الأخلاق.

الوظائف والأوسمة:

في عام 1390هـ أستاذًا مساعدًا، وفي عام 1398هـ أستاذًا مشاركاً، وفي عام 1403هـ أستاذًا.

- عضو هيئة كبار العلماء عام 1413هـ.

- وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى عام 1432هـ.

- جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية عام 1435هـ على مؤلفاته تراث مكة الحضاري.

- أستاذ وباحث في كلية الحقوق في جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي مركز الأديان عام 1977م، حيث ألقى محاضرات في الفقه الإسلامي.

- في جامعة بوستن ألقى محاضرات في القانون الإسلامي وتطبيقاته في المملكة.

- أستاذ زائر في جامعة ديوك في نورث كارولاينا في أمريكا 1401هـ

- أستاذ زائر في الجامعة الإسلامية في ماليزيا عام 1411هـ.

- أستاذ زائر في كلية الدراسات العربية والإسلامية في دبي جامعة الشيخ زايد في أبو ظبي، وجامعة العين، ومركز جمعية الماجد للبحوث والدراسات الإسلامية.

- أستاذ زائر في دائرة الإفتاء بسلطنة عمان (دورة حول البطاقات المالية).

- أستاذ زائر في جامعة الملك خالد في أبها.

- ممثل المملكة في حلقة دراسات القانون الدولي في جنيف عام 1396هـ.

- عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي.

- أشرف على كثير من الرسائل العلمية لدرجتي الماجستير والدكتوراه.

- عضو جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية حتى عام 1420هـ.

- عضو جائزة الأمير نايف للسنة النبوية والدراسات الإسلامية 1422هـ.

مؤلفاته وأبحاثه ومقالاته:

- الضرورة والحاجة وأثرهما في التشريع الإسلامي.

- دراسات في الفقه الإسلامي.

- منهجية الإمام محمد بن إدريس الشافعي في الفقه وأصوله (تأصيل وتحليل).

- منهج البحث في أصول الفقه.

- البطاقات البنكية الإقراضية، والسحب المباشر من الرصيد.

- الحرمان الشريفان وجامع الزيتونة.

- توسعة المسعى عزيمة لا رخصة (دراسة فقهية تاريخية بيئية جيولوجية).

- فقه المعاملات المالية الحديثة مع مقدمات، وممهدات وقرارات.

- الترك في التشريع والتكليف (دراسة أصولية فقهية مقاصدية).

- فهرس مخطوطات مكتبة مكة المكرمة (بالاشتراك)

- الوراقون في الحجاز في القرن الرابع عشر من الهجري (بالاشترك).

- الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة (عرض وتحليل).

- مكتبة مكة المكرمة قديمًا وحديثًا (دراسة موجزة لموقعها، وتاريخها، وأدواتها ومجموعاتها).

- باب السلام في المسجد الحرام (عنوان أمة ورمز حضارة).

- الفقه والفقهاء في مكة المشرفة في القرن الرابع عشر الهجري.

- المسعى: المشعر والسوق.

- علماء وأعيان في مكة المكرمة في القرنين الرابع عشر، والخامس عشر الهجريين.

- تحقيق ودراسة مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد للشيخ أحمد القاري (بالاشتراك).

- إعداد منهج الماجستير بكلية الدراسات الإسلامية والعربية في دولة الإمارات عام 1421هـ.

- مشروع (الفقه المالكي بالدليل) (دولة الإمارات).

- ترتيب موضوعات الفقه الإسلامي، ومناسباته في المذاهب الأربعة.

- الإجارة مصدر من مصادر التمويل الإسلامي.

- الفكر الأصولي: دراسة تحليلية فكرية.

- تحقيق كتاب: (الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة) للعلامة الشيخ حسن محمد مشاط.

- كتابة البحث العلمي ومناهجه.

- كتابة البحث العلمي ومصادر الدراسات القرآنية، والسنة النبوية، والعقيدة الإسلامية.

- كتابة البحث العملي ومصادر الدراسات العربية والتاريخية.

- الدليل في كتابة البحوث الجامعية ورسائل الدكتوراه (كتاب مترجم من الإنجليزي إلى العربية).

- منهج البحث في الفقه الإسلامي خصائصه ونقائصه.

- المنهج الإسلامي في مكافحة الجريمة، وتطبيقه في المملكة العربية السعودية.

- الحرم المكي الشريف الجامع والجامعة.

- دراسة وتحقيق كتاب: (الجواهر الحسان في من لا قيته من الأعيان) تأليف الشيخ محمد زكريا بن عبد الله بيلا.

- منظمة الايجا محمد الأمريكية (دراسة وتحليل).

- أداء الزكاة وحسابها الاقتصادي وتطبيقه في المملكة العربية السعودية.

- زكاة الديون الاستثمارية والإسكانية المؤجلة.

- زكاة المال الحرام.

- عقد التوريد دراسة فقهية.

- عقد المزايدة في الشريعة الإسلامية.

- دراسات في الحج والمشاعر شملت:

- الحج المشعر والشعيرة.

- مواقيت الحج الزمانية المكانية، (ودراسة فقهية جغرافية تاريخية).

- عرفات المشعر والشعيرة (دراسة فقهية جغرافية تاريخية حضارية).

- المزدلفة المشعر والشعيرة (دراسة فقهية جغرافية تاريخية).

- منى المشعر والشعيرة (دراسة فقهية جغرافية تاريخية).

- تحفة الناسك بأحكام المناسك (إضافات وتعقيبات).

-دور العقل في الفقه الإسلامي.

- خصائص التفكير الفقهي عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

- الترقيع الجلدي في العمليات الجراحية.

- الوقف مفهومه ومقاصده.

- عناية المسلم بالوقف خدمة للقرآن الكريم.

وهو كما ترى ثراء فكري موسوعي، وبحوث عملية جادة، رحمه الله وأحسن إليه.

أما اتصالي به رحمه الله فهو اتصال طويل بدأ حينما تولى عمادة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في مكة المكرمة عام 1390هـ، وكنت حينها في السنة الثالثة في الكلية فهو رحمه الله حالما تسلم إدارة الكلية جد كل الجد في أن يحدث فيها نقلة نوعية، وقد يكون باعثه في ذلك أمرين:

الأول: أنه رحمه الله هو ابن الكلية وأحد خريجيها المتميزين فقد كان ترتيبه الثاني. أما الأول فهو زميله ورفيق دربه شيخنا وأستاذنا الأستاذ الدكتور/ محمد إبراهيم أحمد علي (أبو حنيفة الصغير) رحمه الله، وأحسب أنهما فرسا رهان.

الثاني: ما تعيشه الكلية في ذلك الوقت من ركود ظاهر، ولا أقول ضعف فبعض المتابعين قد يصفه بأنه ضعف، وفي نظري أنه ركود إذ إن المسؤولين في ذلك الوقت يديرون الكلية من غير محاولة لمزيد من النهوض بها، وبعث مزيد من الحيوية العلمية والتجديد في مناهجها وأدواتها.

فالدكتور عبد الوهاب رحمه الله ابن الكلية ويعرفها ويعرف تاريخها ومجدها فهي غراس الملك عبد العزيز رحمه الله، وهي أول تعليم عال في المملكة، فلما جاءته فرصة إدارتها أراد أن يكون باراً بكليته، وبالفعل أراد تحريك هذا الركود، وأحدث حراكًا كبيرًا، لعل بعضهم لم يستوعبه، فأكد على أعضاء هيئة التدريس في حينه أن يعتنوا بمزيد من التحضير، ويقدموا للطلاب مادة علمية متينة.

ولا يكتفي بالاعتماد على المقررات وإن كانت مأخوذة من أمهات المصادر حسب كل فن: فقه، وحديث، وتوحيد، ولغة، وغيرها.

وقد شدد في ذلك وجد في متابعته، مما لم يعهده أعضاء التدريس فيما سبق، وقد يكون أحدث بعض التململ من بعضهم.

ثم تأكد التواصل، والصلة به رحمه الله حينما درسنا مادة أصول الفقه في مرحلة الدراسات العليا، فقد درسنا مباحث الحكم من كتاب الأسنوي شرح المنهاج.

وأشهد أنه كان يتفانى في التحضير، ويجد كلَّ الجد في إيصال المعلومة الأصولية بمصطلحاتها العميقة، وأبعادها العلمية فرحمه الله وأحسن إليه.

ثم بعد ذلك استمر التواصل معه مزاورة ومباحثة واسترشاداً إلى أن كتب الله أن نجتمع في مجلس هيئة كبار العلماء، فكان حضوره إيجابيًّا ويقدم آراءه بقوة وأدب، وعلمية رصينة.

ومما لا أنساه أبداً وقد أكرمني الله بالإمامة في المسجد الحرام في صلاة الفجر أنني لم أفقده يومًا واحداً إذا كان موجوداً في مكة، فهو ملازم لصلاة الفجر في المسجد الحرام، ويأتي مبكراً جدًّا وكثيرًا ما يكون معه زميلنا في جامعة أم القرى ثم الأستاذ في جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية الأستاذ الدكتور/ فؤاد عبد المنعم، فلا أكاد أراهما مفترقين وهما يدخلان المسجد الحرام من باب أجياد وأسعد بلقائهما، والسلام عليهما رحم الله شيخنا أبا أنس وحفظ الله زميلنا فؤاداً.

رحم الله شيخنا أبا أنس وأكرم وفادته، وثبته عند السؤال، ولقنه حجته، وجعل ما قدمه في ميزان حسناته، وأعظم أجره لقاء ما قدم من علم وعمل وآثار طيبة.

يا غائبًا في الثرى تبلى محاسنه

الله يوليك غفرانًا وإحسانًا

وأحسن الله عزاء نجله أنسًا وكريماته، ووالدتهم وجميع أسرة آل أبي سليمان، ومن بعده العزاء لطلابه، وأهل العلم، والعزاء لمكة المكرمة التي أحبها الفقيد، وحفظ تاريخها وتراثها في علم، وحكمة، وديانة، وهو الذي يقول في العناية التراثية: (إنه اهتمام بالعلم، وشاهد صدق على توظيف الأماكن التاريخية الإسلامية توظيفًا حضاريًّا بعيداً عن الانحرافات الفكرية، والعقدية، تاريخ لا يشوبه دجل أو خرافة...).

فرحمه الله وأحسن عزاءنا، والحمد لله على قضائه وقدره، رضينا بالله ربا مدبرًا.

ولخير حظك في المصيبة أن

يلقاك عند نزلها الصبر

***

يوم الوداع وهل أبقيت في خلدي

إلا الأسى في حنايا القلب يستعر

والحمد لله رب العالمين.

نقلا عن صحيفة الجزيرة / الخميس 7 شوال 1444هـ