«حسن دوش» أغلى هدية وحداوية للاتحاد
يرقد في العناية المركزة بحالة صحية حرجة في أحد مستشفيات جدة هذه الأيام نجم المنتخب السعودي الأول ولاعب الوحدة والاتحاد الأسبق الكابتن حسن دوش الذي كان من أفضل لاعبي الوسط في أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الهجري الماضي، اسمه الكامل حسن عباس دوش.. من مواليد مكة المكرمة عام 1358هـ - 1938م وتلقى تعليمه في المدرسة المنصورية قبل التحاقه بالعمل موظفاً في إدارة الشؤون الرياضية بوزارة الداخلية.
مثّل المنتخب بأول مشاركة رسمية
بدأ «أبو ماهر» مزاولة الكرة عام 1368هـ - 1948م وبعدها بسنوات لعب لفرق التاج والأهلي والمريخ في مكة المكرمة قبل التحاقه بصفوف الوحدة عام 1375هـ - 1955م كلاعب وسط مهاجم وبعد بروزه تم ضمه لمنتخب المنطقة الغربية في مشاركاته ضد منتخب الشرقية ومنتخب البوليس المصري ثم اُختير لتمثيل المنتخب السعودي الأول في أول مشاركة رسمية خارجية عام 1377هـ - 1957م في الدورة العربية الثانية ببيروت.
وكان ضمن لاعبي المنتخب في الدورة الثالثة بالمغرب 1381هـ - 1961م ودورة الجانيفو بإندونيسيا 1383هـ - 1963م.
تاريخ عريق مع الذهب الوحداوي
ودون التاريخ اسم حسن دوش في سجل الشرف الذهبي ضمن قائمة نجوم الوحدة الذين سطروا بمداد الفخر والاعتزاز إنجازاً غير مسبوق لناديهم بطل أول نسخة لكأس الملك عام 1377هـ - 1957م حين هزموا عميد الأندية السعودية (الاتحاد) في المباراة النهائية برباعية نظيفة، وبعد ذلك بأعوام كان الدوش ضمن كوكبة نجوم الوحدة في عصرها الذهبي حينما حققت أول بطولة لكأس ولي العهد موسم 1380هـ - 1960م على حساب فريق الشاطئ.
ارتدى شعار الاتحاد بالكأسين
انتقل الدوش عقب ذلك لصفوف الاتحاد عام 1383هـ - 1963م وكان أحد نجوم العميد الذين حققوا كأسي الملك وولي العهد في ذلك الموسم الذي شهد في ختامه عودة الدوش لفريق الوحدة ودخل التاريخ مرة أخرى بتحقيقه كأس الملك للمرة الثانية والأخيرة في تاريخ الوحدة عام 1386هـ - 1966م أمام الاتفاق الذي خسر بهدفين وكان ذلك اللقب آخر بطولة كبرى في تاريخ الوحدة حتى اليوم.
خمس بطولات في تسع سنوات
فيما رفع الدوش عدد بطولاته إلى خمس بشعاري الوحدة والاتحاد خلال تسع سنوات من عمره الرياضي العريق.
د. ساعاتي: (الدوش) نجم قدوة
ولتسليط الضوء على ماضي هذا النجم الكبير وتاريخه الرياضي المشرف تحدث لـ (الرياض) عميد المؤرخين د. أمين ساعاتي بما تختزله ذاكرته التاريخية العريقة من معلومات وذكريات ومواقف لهذا النجم السابق مستهلاً «أبو تميم» حديثه قائلاً:
«حسن دوش - شفاه الله - من اللاعبين القلائل جدا المعمرين ليس في الملاعب فقط بل وفي الحياة فقد بدأ الكرة قبل مزاولتنا لها بكثير واعتزل بعدنا بكثير أيضاً وهذه من المميزات التي انفرد بها كلاعب محافظ إضافة إلى أنه على درجة عالية من الأخلاق والاستقرار النفسي مع ناديه ولا أذكر أنه كانت له مشكلات مع الوحدة ولم يسبق أن ساوم ناديه أو تمرد عليه في يوم من الأيام أو حتى اختلف مع زملائه اللاعبين وهذه من المواقف الإيجابية التي تذكر له فيشكر عليها ونتمنى من لاعبي اليوم أن يقتدوا بهذا النجم المثالي السابق».
انتقاله للاتحاد بين الأزهر والمتبولي
وعن قصة انتقال نجم الوحدة حسن دوش إلى صفوف الاتحاد قبل 60 عاماً أجاب عميد المؤرخين: «الانتقال جاء بواسطة رئيس الوحدة العم كامل أزهر - رحمه الله – عام 1383هـ والقصة رواها لي الأزهر بنفسه قائلا إنه اختلف مع أعضاء إدارته وكان الدوش من جلساء العم كامل في مجلسه المشهور القريب من شارع المنصور بمكة المكرمة ويرتاده الرياضيون وأنا شخصياً سبق أن التقيت بحسن في هذا المجلس الوحداوي وكان معي صديقي غازي كيال - رحمه الله - كنا ننزل من الطائف ولنا محطات نزورها ومن بينها مجلس الشاعر العظيم حسين سرحان - رحمه الله - في المعابدة ثم نأتي إلى مجلس آخر مع الأستاذ الفاضل أحمد عبدالغفور عطار مؤسس جريدة عكاظ - رحمه الله - وكان مجلس الأزهر عبارة عن ملتقى رياضي اتحادي وحداوي تتبادل فيه الأحاديث الودية والاحترام المتبادل بسلوك رياضي عال جدا، وكان الدوش يتواجد معنا في هذا المجلس بصورة مستمرة.
حسن دوش أغلى هدية للعميد
المهم أن كامل أزهر ذهب للعم عبدالرزاق متبولي رئيس الاتحاد آنذاك وقال له عندي لكم هدية النجم الكبير حسن دوش تأخذونه لموسم واحد بشرط تنازلكم عنه وإعادته إلينا متى ما طلبنا منكم ذلك وتم الاتفاق وارتدى حسن شعار الاتحاد موسم 1383هـ وفيه حقق العميد البطولتين كأول ناد سعودي يجمع اللقبين معاً في موسم واحد وكان الدوش ضمن قائمة الاتحاد في ذلك العام.
بعدها حدث صلح بين إدارة الوحدة مع العم كامل وطلبوا منه إعادة الدوش فوافق وذهب للاتحاد طالباً إعادة لاعبه مثلما وعدوه.
رئيس الاتحاد يفي بوعده
وأخبرني رئيس الاتحاد أن وجد نفسه في موقف محرج مع بعض أعضاء إدارته لعدم رضاهم عن التنازل عن لاعب كبير مثل حسن دوش لكن القليل منهم كانوا موافقين فوضعونا في حرج شديد مع وعد قطعناه على أنفسنا لكامل أزهر وفي النهاية نجح المتبولي في إقناع غالبية أعضاء إدارته وتمت الموافقة على التنازل عن حسن.
وحقيقة كان الدوش من لاعبي الوسط المعدودين في ملاعبنا.. كان منظما بارعا لصفوف الدفاع والهجوم وعلاقته قوية بزملائه وعلى درجة عالية من الأخلاق.. مهذب ومتواضع وطيب ومخلص جداً لنادي الوحدة.
نجم بمستوى ثابت
ومن الجوانب الجديرة بالذكر في شخصية هذا اللاعب نجاحه في المحافظة على مستواه إذ أن كثيراً من اللاعبين يلعبون مباراة بنجومية عالية وما يلبث أن يتغير مستواهم ويتذبذب في المباراة التالية لكن الدوش كان نجماً في كل مباراة له يصنع الفارق في صفوف فريقه ويهيئ الكرات لزملائه ويصنع الأهداف للمهاجمين.
الضربات الرأسية نقطة ضعفه
كان لاعبا متكاملا لكن يؤخذ عليه فنياً عدم إجادته للضربات الرأسية.. كان يلعب بكلتا قدميه ويعوض هذا النقص باللياقة البدنية العالية والمهارة الرفيعة وماشاءالله عليه كان مثل الدينمو وسط الملعب لا يقف ويوزع الكرات في كل مكان.
لا تتخلوا عن نجمكم التاريخي يا وحداويون
أنا أتمنى بهذه المناسبة ألا يتخلى الوحداويون عن هذا الرجل الذي أخلص لناديهم وضحى كثيراً من أجل الشعار الأحمر وأهيب بأعضاء النادي القادرين والمتمكنين مادياً وهم كُثر من الشخصيات المعروفة ضرورة دعم حسن دوش ومساعدة أسرته والوقوف مع هذا النجم الكبير الذي كان علامة مضيئة في تاريخ نادي الوحدة وبطولاتها لاعباً وإنساناً».
المصدر : صحيفة الرياض | فهد الدوس | الجمعة 28 ربيع الآخر 1443هـ
انتقل إلى رحمة الله تعالى الكابتن حسن عباس دوش يوم الأربعاء 4 جمادي الأولى 1443هـ . تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون
0 تعليقات