«الورشة».. حيث تُمارس كرة القدم فوق سفوح جبال مكة المكرمة

في أعلى سفح أحد جبال حي الكدوة بمكة المكرمة، يتربع ذلك الملعب الكروي الذي أنشأه أهالي الحي منذ أكثر من 30 عاما؛ حيث يعد أحد أقدم الملاعب التي تعرفها مكة المكرمة. ويعد «ملعب الورشة» -كما يطلق عليه الأهالي- مكانا لعشاق كرة القدم من أبناء الحي والأحياء المجاورة لهم، فهم يمارسون فيه هوايتهم المحببة كل يوم ويستضيفون فيه أقرانهم من الأحياء المجاورة لإقامة مباريات تحدٍّ أو دوريات لكرة القدم، حيث تجمعهم تلك المساحة الممتدة بعرض المكان المطلة على أعالي مكة وسط الصخور والمرتفعات التي تحتضن هي بدورها الجماهير الحاضرة، حيث يأخذون مكانهم فوقها دون اكتراث، مستمتعين بمشهد العلو ومتابعة المباراة التي تقام وسط هتافات الحضور، ومن ساحة الملعب يتراءى للمشاهد برج ساعة مكة الذي يخبرك بقرب المكان من الحرم المكي الشريف حيث لا يبعد عنه إلا ما يقارب كيلومترا ونصف فقط.

المكان الذي يتطلب الوصول إليه صعود أكثر من 55 درجة، في سلم مرتفع يقودك إلى أزقة ضيقة تنتهي بك إلى ساحة الملعب الذي كان مكتظا بشباب «الحارة»، الذين كانوا يؤدون تمرينهم اليومي في قلب هذا الملعب الصخري الذي تلونت المنازل من حوله بألوان زاهية تخبرك عن مدى السعادة التي يحملها أبناء هذه المنطقة، وهناك التقينا بوليد محمد وهو شاب في العشرين من عمره حيث يقول: منذ ولادتي وأنا أعرف هذا الملعب حيث ترعرت في هذه الحارة وكان الملعب موجودا من قبل وكنا نحرص على التواجد فيه كل يوم للالتقاء بالأصدقاء وأداء تمارين كرة القدم والاستمتاع بذلك. وعن وعورة الأرض الصخرية التي يلعبون عليها يقول وليد: تعودنا على هذا الشيء وأغلب ملاعب مكة ترابية مثل هذا الملعب ومع كثرة اللعب أصبحت الأرض أكثر ليونة وتساعد على اللعب بشكل أفضل.

وهناك التقتينا أيضا بالشاب علاء علم الدين؛ وهو من الذين ساهموا في صبغ الجدران المحيطة بالملعب بالألوان الزاهية التي جعلتها علامة بارزة وأكسبت الموقع شهرة مميزة، حيث يقول إنهم قاموا بذلك المشروع بجهدهم وتمويلهم الذاتي، فالكل يساهم بالقدر الذي يستطيعه سواء بالمال أو المعدات اللازمة، «وبهذا الشكل استطعنا -ولله الحمد- أن نزين الملعب كما تشاهدون ونخصص مكانا لبدلاء كل فريق وكذلك وضعنا منصة خلف أحد المرميين من أجل استخدامها حال تكريم الفرق الفائزة إذا كان هناك دوري أو مناسبة رياضية كبيرة».

من جهته، علق العم محمد -وهو أحد كبار السن الذين انضموا إلينا أثناء لقائنا مع شباب الحي- حيث يقول: أنا موجود في هذا الحي منذ 30 عاما تقريبا وأعرف هذا الملعب منذ ذلك الحين؛ حيث أتذكر أن أهالي الحي ساهموا في تسويته وإزالة الصخور وجعله ملعبا وساحة للتجمع وإقامة الحفلات وما زال هذا الوضع قائما حتى الآن، حيث كما تشاهد أبناء الحي يتواجدون هنا بشكل مستمر كل عصر لممارسة كرة القدم وفي الأعياد يتحول هذا الملعب إلى ساحة للاحتفالات وإقامة المهرجانات ويقومون بتخصيص مكان فيه للعائلات ومكان آخر للشباب وفي بعض الأحيان يستغل بعض الأهالي الوضع ويقيمون احتفالاتهم الخاصة فيه بعد التنسيق مع البقية. وطالب العم محمد بأن تلتفت الجهات المعنية بالشباب إلى هؤلاء، حيث إن عشقهم لكرة القدم فقط هو الذي دفعهم إلى بذل هذه الجهود الفردية وهذا دليل على أن حبهم وشغفهم ناتج عن موهبة وقدرة وعشق لهذه الرياضة ومكة «ولادة» للمواهب الكروية، على حد قول العم محمد.

نقلا عن عكاظ | عبدالله الروقي | 25 ديسمبر 2020