«شعب عامر» .. حي يفوح بعبق التاريخ ( 1 )
شعب عامر او شعب ابن عامر حي من اقدم واشهر احياء مكة المكرمة . ويقع الحي شمال شرق المسجد الحرام بعد سوق الليل او شعب علي (مولد علي بن ابي طالب) حيث كانت بيوت بني هاشم ، وكانت الجهات الشرقية من شعب عامر مساكن لبني عبدالمطلب في الجاهلية، وتمتد حدود شعب عامر باتجاه الشمال الشرقي الى منطقة المعابدة والتي تقع في الجهة الغربية منها المقابر المشهورة والمعروفة بمقابر المعلاة ، والى الجهة التي فيها شعبة ابى موسى الاشعري الى بداية شعب علي شرقاً وجنوباً اى اعالي الجبل وحتى بداية القشاشية نزولاً الى المسجد الحرام ، ونسبت تسميته ايضا الى انه كان منازل لبني عامر بن لؤي وكذلك لوجود منزل لعامر والد عبدالله بن عامر صاحب الولايات في العهد الاموي (وفق كتاب مكة المكرمة في شذرات الذهب للغزاوي) . ويعد الحي همزة الوصل بين المسجد الحرام والمشاعر المقدسة (منى/مزدلفة/عرفات).
واقامت في الحي العديد من الاسر والشخصيات العريقة والمشهورة بمكة المكرمة.
“المدينة” غاصت في اعماق هذا الحي العريق ، وتحدثت الى عدد من ابنائه الذين نشأوا وترعرعوا فيه قبل ان يغادره بعضهم مضطرين الى احياء اخرى بسبب تحوله والمناطق المجاورة له الى منطقة ابراج سكنية تؤوي آلاف الحجاج والمعتمرين والزوار وانشار المحلات التجارية واصبح مركزا لحركة لاتهدأ على مدار الاربع والعشرين ساعة.
حي المعالم الاثرية
يقول الشريف نواف ابن شاكر بن هزاع العبدلي رئيس مركز دفاق السابق : شعب ابن عامر ينسب الى عامر بن لؤي وفقا لاحد الكتب التاريخية وكذلك يسمى بالمجمع حيث جمع قصي بن كلاب من قبيلة حرب خزاعه ورأسته قريش فجمع امرهم بعد تشتتهم وقد اختصر اهل مكة التسمية فسموه (شعب عامر) وهو جزء من شعب بني هاشم قبل النبوة والمعروف اليوم بشعب علي والذي ولد فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم والذي يوجد فيه اليوم مكتبة مكة المكرمة (مكتبة النبي) في مكان المولد الشريف.
ويضيف العبدلي : لايخفى على الجميع ان شعب عامر يوجد به العديد من المواقع التاريخية والمشهورة كمسجد الراية الموجود امام مدخل الشعب والذي بناه عبدالله عبيدالله بن العباس بن محمد بن عبدالله بن عباس ويقال ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم صلى فيه وركز الراية يوم الفتح وبئر “ “ابو دية” او بئر “الحمام” الموجود على يمين الصاعد الى مكة المكرمة ، وكذلك البازان حيث كان اهل الحي يشربون منه الماء ويزودون منازلهم منه ، ايضا يوجد سوق الساعة المعروف بسوق الزل حيث كان معظم تجار الزل والبسط والسجاجيد يعرضون بضائعهم فيه وكانت من افخر السجاجيد والزل الايراني والافغاني وغيرها من المفروشات في ذلك الوقت.
يفوح بعبق التاريخ
ويمضي الشريف نواف : كان هذا الحي يشتهر بكثرة بيوته الشعبية التي كانت تملأ جميع اركانه بطابعها المعماري القديم الذي كانت تكسوه الرواشين والابواب ذات الطابع المعماري القديم التي تنبعث منها روائح البخور حيث تحرص كافة الاسر على انبعاث الروائح الزكية من كل منزل كالعود والمستكة والجاوي وبخور الصندل وغيرها من العطور القديمة ، وكانت تتوسط هذه البيوت المراكيز وجلسات السمر التي تشرح الخاطر وكان سكان الحي معروفين لدى بعضهم البعض ، ويتميز شعب عامر بوقوعه وسط مكة المكرمة حيث يقع بالقرب من المسجد الحرام ولذلك كانت اغلب العوائل في ام القرى ترى بعضها خاصة ايام الجمعة ، وكان الجميع يحرص على الدخول الى المسجد الحرام من باب والخروج من باب اخر للالتقاء بسكان الاحياء المجاورة لحي شعب عامر لتبادل التحايا والسؤال عن الاحوال اضافة الى الحرص على الالتقاء في الامسيات والمناسبات وقضاء ساعات طويلة وجميلة مشيا على الاقدام من جميع احياء مكة المعروفة انذاك وهي اجياد والصفا والقشاشية مرورا إلى شعب عامر فالمعابدة فالابطح ثم العدل وكان الجميع يمارسون الألعاب المكية المعروفة في ذلك الوقت من جري وقفز وغيرها من الألعاب التي تعطي الشباب الحيوية تتخللها الدانات والمجارير وغيرها ، اما اليوم (يستطرد الشريف نواف) فقد اصبح الشعب مركز اعمال وتجارة وطغت عليه العمائر الكبيرة والفنادق والشقق المفروشة اضافة الى كثرة المحلات والاسواق التجارية واصبح من اهم المواقع السكنية للحجاج والمعتمرين والزوار لنظرا لقربه من المسجد الحرام .
مدارس مرموقة
ويشير كامل بن ونيس الشريف الى انه ارتبطت بحي شعب عامر العديد من اشهر المدارس سواء للبنين او البنات فقد انشئت فيه المدرسة السعودية ومدرسة الشعب الابتدائيتين ومدرسة الرحمانية المتوسطة للبنين والابتدائية الخامسة للبنات ، وقد تخرج من هذه المدارس العديدون منهم من تقلد مناصب مهمة في الدولة ولاتزال المدراس حتى وقتنا الراهن تخرج الطلاب ، كما ارتبطت بالحي العديد من الاسواق التجارية كسوق الجودرية وسوق الامير عبدالله الفيصل كأقدم الاسواق اضافة الى سوق الزل الذي تكسوه السجاجيد الايرانية والافغانية الراقية.
أسر مكية مشهورة
ويوضح كامل الشريف ان الكثير من العوائل المعروفة والمشهورة سكنت هذا الحي منها الاشراف العبادلة من ذوي عبدالله ومنهم الشريف هزاع العبدلي - رحمه الله - وجميع ابنائه ومنهم الشريف المرحوم شاكر بن هزاع العبدلي قائم مقام مكة وابناؤه واحفاده وكذلك الاشراف العبادلة من آل ابو الجمال وآل باخذلق وال النويصر منهم الشيخ محمد العبدالله النويصر رئيس الديوان الملكي السابق والشيخ محمد الطجل من منسوبي الديوان الملكي وآل الخليفي ومنهم مبكي الملايين فضيلة الشيخ عبدالله محمد الخليفي امام وخطيب المسجد الحرام (رحمه الله) والشيخ ابراهيم الجفالي (رحمه الله) وغيرهم من الاسر المكية كآل المعشق وآل الحليس وآل الطويرقي وآل القطان وآل السروجي وآل النقيطي وآل ابو الريش وآل مجاهد وآل جحا وآل الحريري وآل النشار وآل الصعيدي وآل السندي وآل العيوني وآل حسنين وآل بن ظافر ومنهم المرحوم العمدة عبدالله بن ظافر وآل السنكي وآل البويبان وآل السمسم وآل المعدس وآل الحبحب وآل عرب ومنهم وزير الحج سابقاً الشاعر الكبير حسين عرب) وآل غبرة وآل البحا وآل الباتي وآل السجيني وآل العصيدي وآل الشتيوي وآل المحلاوي وآل قرشي وآل الفقيه وآل الخراشي وآل الكروان وآل القفاص وآل الصقعبي وآل عيد وآل الرشيدي وآل السرور وآل السروجي وآل زارع ومنهم المذيع التلفزيوني الذي كان يقدم برنامج ربوع بلادي بالتلفزيون السعودي وآل المددين وآل الكيفي وآل قدير على رأسهم الشيخ عبدالقادر قدير - رحمه الله- وغيرهم كثير.
المصدر /جريدة المدينة /الخَمِيس ٢١ رجب ١٤٢٩/عباس سندي
0 تعليقات