البرحة ..في ثقافة المجتمع المكي
البرحة : البرحة موضع بين البيوت المكية , و هو عبارة عن ارض فراغ قد تكون كبيرة . او صغيرة تشكل ساحة من الأرض تحيط بها منازل الحارة و أزقتها . و البرحة في اللغة : مشتقة من براح الأرض .
كانت البرحات تشكل جزءا من الحارات المكية العتيقة , المرتبطة بالذاكرة المكانية لدى المكيين, فهم ينشأون بين جدارات بيوت البرحات , و يرتعون في أزقتها . أذ تكون في الحارة الواحدة عدة برحات منا البرحة الصغيرة و البرحة الكبيرة .
عادة ما تأخذ هذه البرحات اسم صاحب الأرض التي أنشئت عليها البيوت المحيطة بها , او اسم اقدم بيت أسس فيها او اسم اشهر بيت فيها . وهذا اللفظ ( البرحة ) قديم الاستخدام في الأسماء المكانية في مكة المكرمة حيث ذكر صاحب ( نيل المنى ) اسم برحة من البرحات في عصره , فقال : " في البرحة المجاورة لحمام النبي صلى الله عليه وسلم )
اشتهرت في مكة المكرمة العديد من البرحات منها : برحة الطفران بجياد و هي برحة واسعة الى الشمال من مستشفى جياد بالقرب من زقاق الحضارم . و في الشامية برحة الزيني أمام باب القطبي . و برحة إلياس نسبة الى الشيخ محمد عطا إلياس . و برحة بنجر نسبة الى الشيخ محمد و عمر بنجر المدرسين في مدارس الفلاح . و برحة القطان نسبة الى الشيخ عباس يوسف قطان بالشامية , و تقع في قلب الشامية حيث داره الشهير التي نزل بها الامام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي والد الملك عبدالعزيز . و كذلك منها برحة بيت باناجه و برحة بيت نائب الحرم في طرف سويقة . و برحة البناني بالقرب من حارة النقا و برحة بيت البجيري بسوق الليل و برحة فقيه و برحة على طايع بربع اطلع و برحة مخلص في شعب عامر و برحة الدحلة بأعلى شعب عامر الى الشرق من مسجد الجن و غير ذلك من البرحات .
كانت البرحة تعد المجمع الرئيس لسكان الحارة الواحدة اذ تضم في جنباتها مجالس كانت لهم تسمى مراكيز مفردها مركاز .
كانت ساحة البرحة الواسعة مكانا لمناسبات أهل الحارة في الافراح و غيرها , ففي مناسبة عقد القران ( الملكة ) او الزواج او الجمعات يتنادى الفزيعة من أبناء الحارة ليشيدوا مكان الحفل و هو ما يسمى البرزة , و هو اشبه ما يكون بالصيوان , و كان في هيئة مجلس كبير .
كما تكون هذه الساحة موقعا لإقامة مراسم العزاء المعروفة بالقراية و غير ذلك من التجمعات.
في المواسم كانت البرحة تتزين بالزينات و تعج بالمرتادين . ففي رمضان تكون البسطات على جنبات و اركان البرحة بما يتناسب و الشهر الكريم من أنواع الطعام . وتشيد في وسط البرحة ( مداريه) الأطفال و يزداد السامرون في مجالسهم .
في موسم الحج كانت البرحات تزدحم بالزوار و تنشر فيها البسطات الصغيرة يديرها شباب الحارة و تختص ببيع المأكولات و المشروبات و السبح و الهدايا التذكارية للحجاج .
في الماضي كانت البرحة على موعد سنوي مع الألعاب الشعبية كالمزمار و غيره بعد العودة من مصلى العيد المعروف بالمشهد . اما في أيام البصارة فكان السكون يعود ليلف البرحات مجددا فلا تجدها تخلو من جمعة او مجلس سمر بين جنباتها و أركانها .
اعدا : د. عبدالله العبادي
المراجع :
موسوعة مكة المكرمة و المدينة المنورة
نيل المنى بذيل بلوغ القرى
د. عبدالله العبادي
0 تعليقات