يا مكة الشرف المعظم .. لـ : جاسم محمد عساكر

يا مكة الشرف المعظّم

سعـيـاً قصـدتـك للهدايــة مـصــدرا
تـحـدو بــي الآمــال يــا أم الـقــرى
وشددت حبلاً مـن حبـال عقيدتـي
حـولـي، لأغــدو بالكـمـال مخـصـرا
يتـشـوق الإيـمـان بـيـن جـوانـحـى
عزمـاً يرمـم مـا تفصـم مــن عــرى
ووطـأت تربـك فاستحلـت بأكمـلـي
قلبـاً مـن الهـدي الرشيـد مجوهـرا
وقبضت من أثـر الرسـول بشارتـي
لـمـا أتـــى نـحــو الأنـــام مـبـشـرا
أقفـو خطـى (جبريـل) تزهـو مثل
ـمعقـد مــن الشـهـب الـوضـاء تنـثـرا
تـذكـو بــي الأشــواق مـثـل مـولـع
وطـــأ المـشـتـاق فانـتـبـه الـثــرى
وكشفـت علمـاً مـن علـوم محـمـد
لـمــا تـفـايـض بالشـمـائـل أنــهــرا
حيـث الرسالـة وفـي أقـدس منبـع
مـن كفـه فـوق الضلالـة قـد جـرى
فتفـتـقـت صـــم الـجـبـال سـنـابـل
مــــن رحــمــة لــمــا رواه تـفـجــرا
وتـــورد الإســـلام فـــي أكـمـامــه
خضل السماح شذى يرفرف مزهرا
شـبــت جـوارحــه فـأصـبـح يــافــع
يكـسـو ملامـحـه الـرشـاد فيـكـبـرا
والجاهـلـيـة فــــي مــراتــع غــيــه
ولـــت تــجــر ضـلالـهــا المـتـجـبـرا
وعلى شمـوخ المؤمنيـن ونصرهـ
منــزل الكـتـاب: مـسـهـلا ومـيـسـرا
فــــإذا الـحـيــاة قـصـيــدة نـبــويــة
الشطرين كـان شعارهـا لـن أقهـرا
يا مكة المجد الرفيـع وقلـع الاحـرار
نــالــوا فــــي هـــــواك الـمـفـخــرا
وتجـرعـوا كــأس الـعـذاب فـأدركــوا
خلـف العـذاب مـن الحـلاوة سـكـرا
دكـوا القيـود علـى صـخـور عزيـمـة
مـن روحهـم حتـى احتـووك تـحـررا
أو تذكـريـن الـحــج يـــوم تـدافـعـت
زمـر الخلائـق فـي فنائـك محـشـرا
مـا كـان ضـاق بـك المـكـان كأنـمـا
كانـت حـدودك مـن حـدودك أكـبـرا
وأنـا علـى طــرق المـقـام تـجـردت
روحـي لتسبـح فـي الخيـال تفكـرا
في أي (ألبـوم) الطيـوف سألتقـي
بــك كوكـبـاً فــي نـاظـري مـصــورا
وأطــوف حــول مشـاعـري متيمـنـا
بالـطـهـر فـيــك: مـهـلــلاً ومـكـبــرا
وعلى فمي الأشعار تنسج محفل
مـمـا أتـــوق: مـوشـحـاً ومـشـطـرا
تجري على الـورق الصقيـل فدفتـر
شوقـاً يزاحـم فـي الصبـابـة دفـتـرا
وهنـا أشـدت مــن القصـيـد مـنـارة
وأضفت فيك إلى المشاعر مشعرا
وأفقـت أدعـك ناظـرى فـي صحـوة
تـأبـي لـوجـه صباحـهـا أن يـسـتـرا
ورجعـت بالـذكـرى لسـالـف أعـصـرٍ
حتـى أسـائـل عــن رؤاك الأعـصـرا
يــا مـكـة البـيـت العـتـيـق وزمـــزم
أبـــداً يـسـيـل قــداســة وتـطـهــرا
سيظـل اسمـك مـا تهـرأت الـدنـى
اسـمـا عـلـى كــل البـقـاع مـوقــرا
مابـيـن مـروتـك الطـهـورة والـصـفـا
وقـــف التـفـكـر إذ رأي مــــا لا أرى
هــل كــان إبـراهـيـم يـرفــع لـبـنـة
ويــشــد بـنـيــان الـقـواعــد آجــــرا
أم كــــان إبـراهـيــم يــرفــع عــــزة
للـحـق لـهـا حــج الـهـدى وتعـمـرا
فـبـرزت أجـمـل مــا تـكــون صـبـيـة
قــد صـاغـهـا رب الـجــلال وصـــورا
حيث الصباح سحابة سالـت علـى
قـدمـيــك إذ رف الـضـيــاء وأثــمـــرا
ومــدارس الآيـــات حـيــث تـنـزلـت
للـنـاس تـكـتـب: منـهـجـاً ومـقــررا
ومـنـائـر التـوحـيـد تـصـعـد ســلــم
فـي الأفـق فارتحـل الظـلام وأدبـرا
ومـلائــك الإيـمــان تـهـبـط مـوكـبــاً
مــن رحـمـةٍ بالمـكـرمـات مـســورا
قومي امنحي الأجيال وهج هدايـة
نـحـو الـتـقـدم تسـتـفـز القـهـقـرى
استنهض الماضي لأمنـح حاضـري
مـن خفـق أضـلاع الصحابـة منـبـرا
وأشـد مـن أنفاسـهـم نـحـو الـعـلا
جسـراً يطـل علـى النجـوم ومعبـرا
وألــم مــن ضــوء العقـيـدة حـزمــة
وأعــيــد وجــهــا لـلـحـيـاة مــنــورا
وأصـوغ عـن (غـار) البطـولـة قـصـة
عـن صاحبيـن علـى الكـفـاح تــآزرا
متـعـاضـديـن كمنـبـعـيـن تــوحـــدا
فالسلسبيل هوى يؤاخـي الكوثـرا
فـلـربـمـا تـصـحــو ضـمـائــر أمـــــة
هرمت تبـاع إلـى المـزاد وتشتـرى
عبقت بك الأزمان مسكاً وانتشـى
أفــق العـوالـم مــن تـرابـك عـنـبـرا
وتـبــرج الإصـبــاح فــيــك حـقـيـقـة
تـدحـو بحجتـهـا الصـبـاح المفـتـرى

جاسم محمد عساكر