الشنطة الملكية
في مقال أمس السبت عن الشيخ أحمد زيدان يرحمه الله ذكرت بعضاً مما اذكره من ذكريات بحكم علاقته العملية مع والدي يرحمه الله ووجدت ان هناك مايستحق تسجيله بعد أن استقر بي الأمر من "فجيعة" فقد أحمد افندي زيدان .. كنت اسمع من والدي وانا في العاشرة عبارة "الشنطة الملكية" وفي مابعد فهمت انها محطة لاسلكية تسير على سيارة ترافق الملك عبد العزيز وبعد ذلك الملك سعود يرحمهما الله لنقل واستلام البرقيات وكانت الشنطة الملكية تسير في موكب الملك سواء في الطريق من الرياض الى مكة المكرمة او عند العودة او في البر وفترة "القنص" وكنت كثيراً ما استمع الى حديث والدي وزملائه عبد الله ومحمد باحنشل ومحمد كريمة وجعفر ثابت عن الشنطة وما يعتريها من عطل واهمية بعث مهندس لاسلكي يساعد المهندس المرافق لإعادة عملها وارسالها عن طريق "المورس" ويشارك في ذلك العم سعيد عالم يرحمه الله مدير مدرسة اللاسلكي والتي بدأت في مكة المكرمة .. كان العم أحمد زيدان هو المشرف العام والمسؤول الأول بعد الوزير استمع اليه وهو يتحدث عبر هاتف "الهندل" بأكثر من لغة رجل انيق منظم نبرة صوته جميلة لايفارقه "مشلحه" في العمل والادارات يطلق عليه "احمد افندي" او "ابوفيصل" يتمتع بقدر كبير من القبول والاحترام بين من يعملون معه التقيت به عشرات المرات وبعد وفاة والدي في 1408ه وجدت ضمن اوراقه العملية الكثير من الخطابات الموقعة من احمد محمد زيدان وكيل الوزارة والعديد من الصور الجماعية مع قادة البرق والبريد والهاتف والذين ذكرتهم أمس واذكر اللقاءات اليومية في بستان اللاسلكي في "منى" والتي تبدأ بعد العصر وحتى صلاة العشاء ويحضرها في بعض الايام من جدة خاصة في حالة وجود عمل في مكة المكرمة احمد افندي وبصفة دائمة عبد الله ومحمد باحنشل وعمر عراقي ومحسون حسين وجعفر ثابت ومحمد كريمة وعبد الملك خان وعبد الله كاظم وغيرهم.
يحدثني والدي يرحمه الله عن الشيخ احمد زيدان بأنه مولع بالعمل على مدار اليوم ويتابع التقارير اليومية ويقوم بالعديد من الزيارات الميدانية ويتواصل في اللقاءات والمناسبات الخاصة مع زملائه في العمل ويحضر افراحهم واتراحهم وعندما نلتقي بين الوقت والآخر بالمهندس عبد العزيز اجد انه يحمل نفس الصفات والتعامل الذي غرسه فيه الراحل الكبير والدهم الشيخ احمد لقد اعدت شريط الذكريات والرجال تلك الفترة وانا احضر جنازة العم احمد امس في مكة المكرمة وشاهدت صوراً ومواقف عديدة وتذكرت تلك الاسماء والتي سبقت العم احمد الى مقابر "المعلا" هنا الاخوان باحنشل وهنا عمر عراقي وهناك جعفر ثابت الذي غادر العام الماضي و.. و... رحمه الله "العلم" احمد زيدان والذي خدم بلاده بكل جدارة واخلاص حتى اخر يوم من حياته وفي الوقت الذي اشارك العزاء بل اتلقى العزاء مع اسرته .. اغبطهم على حملهم لاسم هذا الرجل الذي رسخ اسمه في سجلات واعمال هذه البلاد وعلى مدى اكثر من 65 عاماً قضاها من عمره في خدمة عمل البرق والبريد والهاتف.. الى جنة الخلد ابا فيصل ومن سبقك والدي وزملائه ونحن معهم اذا صرنا الى ماصاروا اليه.
مقال لللاستاذ خالد الحسيني نشر بجريدة البلاد في 2010/12/12
0 تعليقات