مدرسة تهذيب الاخلاق 1360 هـ | مؤسسها : الشيخ عباس يوسف قطان

مدرسة تهذيب الاخلاق 1360 هـ
مؤسسها : الشيخ عباس يوسف قطان


نشأة المدرسة و تطورها : كانت بمكة المكرمة بعض الكتاتيب و تطلق عليها مدارس تجاوزا , لأنها تفتقر الى كثير من مكونات المدرسة الاساسية من اداريات و مباني و وسائل تعليمية , و تعتبر مدرسة تهذيب الاخلاق هي احدى الكتاتيب المتطورة الراقية التي يطلق عليها مدرسة تجاوزا .

اثناء اواخر الحرب العالمية الثانية عام 1360هـ تقريبا كان بالمدينة المنورة كتاب للخوجة هانم و هي سيدة تركية الاصل من المهاجرين الى المدينة المنورة تجيد اللغة العربية و اصول تعليمها , و كانت سيدة وحيدة ليس لها ابناء او اقرباء , انتقلت الى مكة المكرمة بطلب من الشيخ عباس قطان لكي تعلم بناته و بنات العائلة و تكفل الشيخ عباس قطان بكل نفقات انتقالها و معيشتها بمكة المكرمة .

لقد كانت الخوجة هانم موضع ثقة للشيخ عباس فكلفها بمهمة التدريس في داره فدرست بنات العائلة و من ثم بنات الجيران و بعد ذلك توسعت المدرسة فضمت كثير من بنات عوائل مكة المكرمة من الاعيان و العوائل المعروفة , و منهم بنات القطان و بنات الكردي و بنات سعيد العمودي و بنات علي يماني و بنات طاهر الدباغ و بنات الطيب الساسي و بنات صالح شطا و بنات عباس صيرفي و بنات الموصلي ..وغيرهم .

المبنى و موقعه : يقع مبنى المدرسة في الشامية في منطقة خاصة بسكن ال قطان يطلق عليها برحة القطان .
و الموقع عبارة عن حوش كبير ( عزل ) , كان الشيخ عباس مخصص لكل فرد من افراد عائلته ( عزله ) كما كان للمدرسة عزلة مخصصه لها و في نفس العزلة تسكن الخوجة هانم في الطابق الاعلى ( المبيت ) و يتكون من غرفة للمعيشة و غرفة نوم بمنافعها اما الطابق الاول كان مخصصا للمدرسة .

عدد المعلمات و الاداريات : لقد قامت الخوجة هانم بتدريس الطالبات لوحدها دون مساعدة من احد و لكنها استعانت بالطالبة المتميزة و التى يطلق عليها ( برنجية او عريفه ) و هي تقوم بمساعدة الخوجة في تسميع الدروس او تسميع القران الكريم و احيانا تنيب عنها في اثناء غيابها و خصص الشيخ عباس قطان امرأة عاملة تهتم بشئون الطالبات .

عدد الفصول و عدد الطالبات : لقد خصص الشيخ عباس مبنى ( عزلة ) و هي نفس سكن الخوجة هانم اما المدرسة فخصص لها الطابق الاول و كانت مكونة من مجلس و مؤخر و فسحة .

المجلس كان في مقدمة البيت اما المؤخر يكون فب الخلف فيتم في المجلس عملية التدريس و تجلس الخوجة في صدر المجلس على كرسي و امامها كرسي عريض ليس لها مركاز يمكن لأربعة طالبات ان تجلسن عليه , و كانت الطالبات تجلسن على الجانبين يمينا و يسارا تجلسن الطالبات المتفوقات على يمين الخوجة و بعدهن الطالبات الاقل تفوقا و هكذا , فكان على كل اربعة طالبات ان تجلسن على الكرسي العريض بانتظام و ترتيب و اصواتهن ترتفع في وقت واحد و بعد ان تنتهي تلك الطالبات من التسميع تنزلن من الكرسي الذي امام الخوجة و يأتي دور طالبات اخريات و هكذا , اما المؤخر و يقع خلف المجلس فهو مكان تقضي غيه الطالبات وقت الراحة و تستمعن بقضاء الفسحة  و تقوم الحاجة فاطمة بوضع مبيعاتها في تلك الفسحة , و هذه المبيعات عبارة عن الجزر اليماني ( البطاطا ) المصبوغة بالألوان , السويك ( حمص مطحون مع السكر ) و تبيع الآيسكريم في الايام شديدة الحر .

المقررات الدراسية : تدرس الطالبات نفس المقررات التى تدرس للبنين , فكان الشيخ الطيب الساسي مدير المدرسة الرحمانية ووالد السيدة مريم احدى طالبات المدرسة يقوم بتزويد المدرسة بالكتب الدراسية م وزارة المعارف .

دخل المدرسة و رسوم الاشتراك : كان الشيخ عباس قطان من أكبر أعيان مكة المكرمة و اثريائها فكان ينفق على المدرسة مما رزقه الله من ماله الخاص , فكان على ولي امر الطالبة التى تتخرج من المدرسة دفع ريال و نصف بعد التخرج , كما يقدم للخوجة هانم 22 قرش فضة او 11 قرش ذهب مكافاة لاجتهادها في تعليم البنت و ايصالها الى هذا الحد من العلم .

المراحل الدراسية : لم تكن لتلك المدرسة مراحل دراسية بل كانت تعتمد على اجتياز الطالبة للمواد الدراسية و الالمام بما فيها مع القدرة على القراءة و الكتابة .
اما المنهج الدراسي في المدرسة يبدا بتعليم الحروف الهجائية ثم الحروف المتحركة بالحركات المختلفة , ثم يأتي بعد ذلك مرحلة الكتابة و تركيب الكلمات و في نفس الوقت تعلم بعض السور القصيرة من القران الكريم و اول سورة تبدأ بقراءتها عادة سورة الفاتحة ثم سورة الناس و تستمر في قراءة السور حتى تتم جزء عم .

و الدراسة كانت بالمدرسة طيلة أيام اسبوع ما عدا يوم الجمعة و الخميس كان نصف يوم دراسي مخصص لحفظ الاناشيد و ابيات الشعر و حفظ الادعية . و كانت الدراسة تتم على فترتين في الصباح الى صلاة الظهر و الفترة الثانية من بعد الظهر الى ما بعد العصر و تتخللها فتره للاستراحة تتناول فيها الطالبات طعام الغذاء الذي يقمن الاهالي بإرساله مع الصبي فتقوم الحاجة فاطمة بإحضاره و اعداده على السفرة التى تعد في غرفة المؤخر و تجلس الطالبات عليها و يتبادلن مع بعضهن البعض انواع الاطعمة المختلفة .

الاسباب التى ادت الى عدم استمرار المدرسة : لم تواجه المدرسة صعوبات او مشاكل تذكر لان الشيخ عباس كان ينفق من جيبه الخاص و بسخاء و لم يكن هناك عجز مالي يواجه المدرسة .

و لكن السبب الوحيد النظرة التى كانت تسود المجتمع في تلك الفترة بان البنت اذا بلغت سن الرشد او تقدم شخص لخطبتها لا تستطيع ان تكمل دراستها , فعندما كبرن بنات الشيخ عباس و رفيقاتهن و منهن من تزوجت , عادت الخوجة هانم للمدينة المنورة و عادت تمارس مهنة التدريس مره اخرى , و اغلقت أبواب مدرسة تهذيب الاخلاق و كان ذلك عام 1368ه تقريباً .

المصدر :  المدارس الأهلية في مكة المكرمة قبل تأسيس مدارس الرئاسة العامة لتعليم البنات
من عام 1380-1356هـ | عبير زاهد قدسي