المهندس الفنان محمد حلمي


تعد الصور الفوتوغرافية القديمة مصدرا علميا مهما من مصادر كتابة التاريخ، حيث توفر مادة لدراسة تاريخ الأمم والدول والتغييرات التي حدثت خلال السنوات التي أعقبت التقاط هذه الصور.

وقد اكتسبت اللقطات الفوتوغرافية الأولى لمكة المكرمة والمدينة المنورة، أهمية كبيرة كونها التاريخ المرئي الوحيد المتبقي لحقب وتقاليد ومواقع شهدت حالات من التغيير الجذري، حيث أصبحت هذه الصور الوثيقة الوحيدة الشاهدة على التطور الذي طال المدينتين والأماكن المقدسة، خصوصاً في العهد السعودي.

وحظيت المدينتان المقدستان مكة المكرمة والمدينة المنورة، باهتمام المصورين عرب وأجانب، فعلى مدى عقود وقبل اكتشاف التصوير الشمسي والفوتوغرافي، كانت المدينتان محط أنظار الرحالة الأوروبيين الذين تجولوا في الجزيرة العربية التي كانت معظم مناطقها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر شبه مجهولة بالنسبة للمصورين الأجانب، باستثناء بعض الصور لمدن جدة وعدن ومسقط، التي التقطها على ما يبدو مصورون كانوا في طريقهم إلى الهند. ولم تظهر أية صورة شمسية لمناطق شبه الجزيرة العربية قبل عام 1861، علما أن اكتشاف التصوير الشمسي تم الإعلان عنه في عام 1830 م .

ومن أجمل ما التقط من صور للمسجد الحرام ( عام 1366هـ / 1947 م ) و بزوايا مميزة تظهر جمال و تفاصيل البناء كانت للمهندس المصري محمد حلمي المولود عام 1890م والذي شغل مناصب عدة في وزارتي الاشغال والري في مصر.

حيث زار محمد حلمي مكة لأهداف تتعلق بالمهنة وشملت الفضاء الهندسي للمدينة ومحيطها . كان حلمي رائدا في مصر في استخدام احدث التقنيات الفوتوغرافية في عشرينات القرن العشرين، وشارك عام 1951 في الحملة المصرية لإعادة ترميم اماكن في مكة و المدينة وصور بورتريهات لحجاج من المغرب واليمن.

ولعل أعمال المهندس المصري محمد حلمي الذي جاء إلى مكة المكرمة في بعثة هندسية مصرية، جاءت بناء على طلب من الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه ـ لإعداد دراسة هندسية شاملة عن الحرمين الشريفين ومعرفة ما يحتاجانه من مشاريع تطوير وهي تعد نموذجا للاهتمام المتزايد بالأماكن المقدسة وبتفاصيلها الهندسية والمعمارية. ويتوافر لدي مكتبة الملك عبدالعزيز العامة حوالي (365) صورة مع أصولها لم تنشر من قبل للحرمين الشريفين، للمصور حلمي .

صور حلمي كانت للمسجد الحرام عام 1366هـ / 1947 م يمكنك مشاهدتها من خلال هذا الفيديو