حدثتني أمي... عن الحج ( 1 )

في هذه السلسلة من المواضيع يدون السيد سمير برقة  أحاديث مروية عن والدته ( السيدة عابدية خوقير  ) عن مكة وحارة الشامية وقاعة الشفا وحريقها المهول  وما خلف كواليس الحج من قصص ومواقف في خدمة الحجاج والخُليف والقيس ...
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

خلف كواليس الحج .. قصص ومواقف وطرائف مكاوية في الطوافة و خدمة الحجاج  حدثتني أمي  عابدية خوقير الله يحفظها فتقول :

  •  ياريت الزمان يرجع وتشوفوا كيف الحب والخير والألفة بين الناس ، كنا قلب واحد الأب والأم والأولاد والجيران والصبيان نخدم الحجاج واحنا كلنا فرح .
     
  • الأتاريك والمقلقل في استقبال الحجاج  
    كان والدك يذهب للخارج ليأتي بالحجاج لمكة وعند وصوله في المساء يتسلل لأذني وأنا نائمة صوت الصبيان “ياعمتي .. ياعمتي الحجاج وصلوا” أستيقظ لأشعل(الأتاريك) الفوانيس لتضيئ المكان،وأذهب مسرعة لتجهيز الضيافة من المقلقل وبعض الأطباق المعروفة

     
  • كانت قلوبنا مفتوحة لكل الناس ، فقبل دخول الحج نخبز كميات كبيرة من المعمول والغريبة والشابورة ونوزعها على الحجاج طوال فترة الحج، نرسلها مع الصبيان في تنكات كبيرة نغلقها جيداً خوفاً من أولئك الصبيان أن يأكلوا منها، فمن تسهى في إغلاق تنكاتها تذهب مؤونة حجاجها على حساب صبيانها
     
  •  كما  كنا نرسل المربى والزيتون والحلاوة الشامي والمكسرات وغيرها و نستمر في اعداد ذلك ساعات طويلة ، والحجاج أيضاً كانوا يأتون ببعض الأطعمة والأمور المختلفة من بلدانهم ليشاركونا بها ، كانوا يفرحون بمشاركتنا لهم كثيراً
     
  • وتحدثني فتقول : لازلت أتذكر والدك وهو يتقدم الحجاج ويلبي وهم يلبون خلفه فيدخل الحرم ويطوف بهم ويحرص على راحتهم بكل خطوة ،كان يخدم حجاج بيت الله من قلبه وبقلبه، رحمه الله تعلمت الكثير منه ومن مرافقته برحلات الحج والخدمة
     
  • ولادة في حافلة الحجاج
    وفي سؤالها عن أطرف المواقف في الحج فقالت : أتذكر في أحد السنين قررت الخروج مع حُجاج أبي رحمة الله عليه وأنا حامل، وأبي كان مطوف لحجاج بلاد الشام، في البداية أمرني بالعودة أو مرافقة زوجي في حجته لكني أصريت على مرافقته لكي أكون مع أمي لترعاني ...

     
  • ومع اقتراب يوم عيد الأضحى وفي حافلة النساء الحاجّات كتب الله لي الولادة ، حينها خافت أمي عليّ فهبت النساء الحاجّات لمساعدتي على الولادة وبالفعل رزقت بطفلة جميلة فسمعت أجمل الزغاريد وعمّت أصوات الفرح المكان ، لكن للأسف توفيت ابنتي بعد ولادتها ب ٣ سنوات
     
  • الجوجوه
    الاحتفال بالمواليد بعرفة في يوم العيد كنا ندعو كل الأطفال ونوزع المكسرات والحلويات “النُقل”ونضع القروش الفضة حول المولود ليأخذها الأطفال ونضع جنيهاً واحد ويبدأ التحدي بين الأطفال فمن يعثر عليه سيكون من نصيبه، ونطلق الأهازيج ويمتلئ المكان وندعو الحجاج ليشاركونا فرحتنا

     
  • الخُليف والقيس عادتان ارتبطتا بأهالي مكة المكرمة خصوصا النساء، وذلك خلال موسم الحج، ولا تزال غالبية الأسر المكية تحرص عليهما إلى يومنا هذا، ولكن بطريقة مختلفة تقتصر على الذهاب للحرم وترديد بعض الأناشيد الخاصة بهذه العادات
     
  • وتقول أمي إن عادة الخليف أو القيس من العادات القديمة في مكة فقد كان النساء يقمن بمهام عدة أثناء موسم الحج فهن من كن يحرسن البيوت في ظل غياب الرجال الذين يذهبون إلى المشاعر المقدسة خوفاً عليها من السرقة وكن يعملن على تقديم الماء والغذاء ومساعدة العاجزين وكبار السن داخل البيوت
     
  • وأبرز المهام الموكلة إلى نساء مكة المكرمة في ذلك الوقت وخصوصاً في يوم عرفة هو مراقبة المتخلفين من رجال مكة المكرمة عن الحج، وأن سبب تسمية يوم عرفة تحديداً باسم "الخليف" لمن يتخلف عن الحج وخدمة الحجاج
     
  • أما كلمة "القيس" فأخذت من عبارات كانت ترددها سيدات مكة في حال وجدن أحد الرجال المتخلفين عن الذهاب للحج، وتبدأ هكذا: ياقيسنا ياقيس، الناس حجت، وانت هنا قاعد ليش.....
     
  • وغالبية المتخلفين عن الذهاب إلى الحج أو خدمة الحجاج في ذلك الوقت هم من كبار السن أو المرضى وهذا يجعل من ليلة عرفة ليلة استثنائية في حياة نساء مكة المكرمة فيذهبن الى الحرم للطواف والإفطار ولا يخرجن من الحرم إلا عشاء

    بقلم السيد سميربرقة | تم النشر في 1440/11/12هـ