قصائد الشاعر : إبراهيم أمين فودة

قصة النور

اسـمـعـوا. اسـمـعـوا. فـهــذا حـــراء
يـتــهــادى - مـهــلِّــلاً - يـتـكــلــم!!
إن فيـه "النبـي" يستقـبـل الـوحـي
و "جــبــريــل" بــالــهــدى يــتــرنّــم
وعــلـــى الأرض لـلـسـمــاء لــقـــاء
هـو لـلأرض فــي السـمـوات سُـلَّـم
غَـطَّـةٌ ثــم غَـطَّـةٌ يلتـقـي الـروحـان
فـيـهــا، والــنـــور بـالــنــور مُـفْــعَــم
و "حــراء" فـــي قـمّــة الأرض تـيّــاه
عـــلاء - وتـحــت "أحـمــد" أســلــم
وسرى النـور سابحـاً فـي الدياجـي
يـولـج اللـيـل فــي النـهـار، ويقـحـم
و "حــراء" مـنـارة يسـطـع الإشـعـاع
منـهـا، والشـمـسُ و "الـغـار" تـــوأم
واستنـار الوجـود، وانجابـت الظلـمـة
والــلـــيـــل بــالــضــيــاء تَــــبــــرّم!!
ومشـى "مـوكـب الرسـالـة" يـنـداح
نـشـيــداً إلــــى الـحـيــاة الأقـــــوم
فاسمعـوا. اسمـعـوا. فـهـذا "حــراء"
يــتــهــادى - مــهــلّــلاً - يـتــكــلــم
اسمعـوه. ذكـرى تَـردَّد فــي الـكـون
صـداهـا فــي كـــل جـيــل ومَـعْـلَـم
غير أن الذكرى على مشهد الأبصار
حــسٌّ أسـمــى، وصـــوت مُـضَـخّـم
اسـمـعـوه مُـــردِّداً "قــصــة الــنــور"
تـغـشّـى قـلــب الـنـبــي الـمـلـهـم
اسمعـوه! .. يقـول فــي غـيـر زهــو
كيف يزهو مـن كـان للعلـم منجـم؟!
هـــا هـنــا كـــان للـسـمـاء الـتـقــاء
بـرســول بــــه الــرســالات تـخـتــم
أمـــــر الله مـصـطـفــاه "أن اقــــــرأ"
وبـهــا بـــدء وحــيــه حــيــن عــلّــم
أنـــــا رمـــــز لــهـــا بــكـــل فـــــؤاد
كَـــــــرَّم الله شــــأنَــــه فــتــعــلــم
أنــــا رمــــز لــهــا بــكـــل لــســـان
هــذبــتـــه بــــلاغــــة فــتــســنّــم
أنـــا رَمْـــزٌ لـهــا عـلــى كـــل كـــف
خـط فــي الـطـرس بالـيـراع ونمـنـم
أنـــا رمـــز لــهــا رؤى كــــل عــيــن
أبـصــرت نـــور ربـهــا غـيــر مـبـهــم
يـا بَنـيّ الكـرام، فــي منـهـل الـنـور
"أبـــو الـنــور" قـــد أطــــلّ وسَــلّــم
بارك الله جمعكم في حمى "البيت"
ونـلـتـم مـــن فـضـلـه كـــل مـغـنــم
أنـا، و "البـيـت" و "المشـاعـر" تـرنـو
ولـقــد طـــال مـــا تـنـظـرت مـلـجـم
كـلــنــا أعــيـــن تَــبُـــصّ، وأفــــــواه
دعـــــاء، وحـــــب قــلـــب مـــغـــرم
بـشـرونــا بـالـعـلـم مـطـلــع يـــــوم
ســرمـــدي الـســنــاء لا يَـتَـلَـعْـثَــم
فَجِّروا شمسه: شعاعاً على الأرض
مـنــيــراً، مُـشَـتِّـتــا كـــــلَّ أعَــتـــم
فجروا شمسـه: ضيـاء علـى الكـون
شــفــاء لــكـــل أعــمـــى وأبــكـــم
فجـروا شمسـه: لهيبـاً علـى الشـر
يــصــوغ الـحـيــاة خــيــراً مـجـســم
فـجــروا شـمـسـه: خـيــوط مــعــان
تـبـذر الـحـب فــي القـلـوب فتـنـعـم
مـا شقـاء الأحـيـاء فــي كــل جـيـل
غـيـر حـصـد الأحـقـاد أســوأ مـغــرم
فـجـروا شمـسـه: "طـيــور أبـابـيـل
"تـــــدك الــعـــدوان أيـــــان خـــيّـــم
فـجـروا شمـسـه: دروعـــاً وألـغـامـاً
تـصـون الأقــداس مــن كـــل مـأثــم
إنـنـا نسـمـع الأنـيـن مــن الـقــدس
فـيـنــدى لــــه الـجـبـيــن، ويــنـــدم
أنـا، "والبيـت" ، "والمشـاعـر" نـرنـو
ولـقــد طـــال مـــا تـنـظـرت مـلـجـم
غـيـر أن الآمـــال - وهـــي بـصـيـص
أيـقـظـت جـاثــم الـمـنــى فـتـكـلـم
يـا أبــا الـنـور! .. مرحـبـاً، قــد أفقـنـا
ومشيـنـا عـلـى الـخـطـى نـتـرسـم
إن تعظـنـا - وطـبـت واعـــظ صـــدق
فـعـظـات الأيـــام قــــد كــــن ألــــم
أثخنتـنـا الأحــداث - وهـــي جـــراح
غـيــر أن الإيـمــان كـــان الـبـلـسـم
أو يطـل ليلنـا فـقـد أشــرق الصـبـح
مضـيـئـاً عـلــى الــربــى، وتَـبَـسّــم
وابتدأنـا بـدايـة الـوحـي فــي الأرض
"أن اقـــرأ" نـتـلـو الـكـتــاب لـنـعـلـم
واقتبـسـنـا هـــدي الـنـبـي مــضــاء
قهـر الخـصـم فــي النـضـال وأفـحـم
فتـرانـا فــي سـاحـة العـلـم والـنـور
وفـــوداً تـتــرى، وحـشــداً عــرمــرم
قـد حملنـا الأقـلام، والحـق، والعـز
مســلاحــاً بــــه الــســلاح تـحَــطَّــم
وحملنـا الـسـلاح رداً عـلـى البـغـي
ســلاحــاً مُـعَـلَّـمـاً غــيــر أغــشـــم
وسنمـضـي عـلـى الطـريـق جـنـوداً
فـي سـنـا الـحـق والـهـدى نتـقـدم
هو وعـد الإيمـان فـي مـأرز الإيمـان
حــــق فــــي المـؤمـنـيـن مَـحَــتَّــم
عـلــم الله أنــنــا نـعـشــق الــحــق
وأنـــــــــا عـــبـــيــــره نَــتَــنَـــسَّـــم
ولنـا النصـر، مـا استجابـت إلـى الله
نـــفـــوس، فالله بــالــوعــد ألــــــزم
يا "بناة الأجيـال" !. مـا أكـرم العـبء
حـمـلـتــم: إرث الـنــبــي الأكــــــرم
أن تكـونـوا صنـيـع أمــس بـمـا فـيـه
فـأنــتــم صُــنّـــاع مــــــا نــتــوســم
كـــلّـــل الله سـعــيــكــم بـــرضــــاه
وسـقـى غـرسـكـم هـــداه وألـهــم
ورعــى "معـهـداً" يشعـشـع بالـنـور
غـــــذاء الأجـــيـــال؟ أروى وقــــــوّم
يا "رجـال البيـان" فـي أمـة الفرقـان
هـــــــــــــذا أوان أن نَـــتَـــفَــــهّــــم
شــارة الانـطـلاق مـــن كـــل قـيــد
غيـر حـرز الأخــلاق والـديـن أعـصـم
قد فعلتم ما كان في قـدرة الأمـس
وتـــدعـــون لـلـعــطــاء الأدســـــــم
واسـتـجـابـت لــنــا الـحـيــاة
وكــنــامــثــل هــــذا الـنـهــار، لا نـتــوهّــم
فلتـكـونـوا "أعــنّــة الـفـكــر" يــرتــاد
رشــيــداً" فــــلا يــضـــلّ، ويُــهُـــزمَ
ولتكونـوا "رسـل الحقيـقـة والـحـق
"تـــذودون عــــن حــيــاض ومَــحُــرمَ
ولتكـونـوا "لـسـن الهـدايـة والخـيـر
"فـعـنـكـم إلــــى الـقـلــوب تـتـرجــم
ولتكونـوا "صـوت الفضيلـة" ينـسـاب
رقــيــقـــاً إذا أبــــــــان وغــمـــغـــم
قد فعلتم ما كان فـي قـدرة الأمـس
وتـــدعـــون لـلـعــطــاء الأدســـــــم
وفّــــق الله راعــيــاً: يــــزرع الـخـيــر
ويـبـنـي بـالـحــب شـعـبــاً يُـعَـظّــم
ورعــى الله حاكـمـاً: حَـكّـم الـعــدل
وسَــــاس الأمــــور رِفــقــاً ونَــظّـــم
ورعـــى الله رائـــداً: أبـصــر الـنـهــج
قـويـمــاً: فــمــا ونــــى، أو أحــجــم
ورعـــى الله قـائــداً: يـصـنـع الـنـصـر
ويـعـطـي للـنـصـر جـيـشــاً مُـعَـلَّــم
بــارك الله أمـــة الـعــرب والإســـلام
أهــــدى لــهـــا الـفــخــار، وأنــعـــم
بــــارك الله أمــــة جَــمّــع الـظُــلْــمُ
عـلــى الـحــق شمـلـهـا: فتلـمـلـم
بــارك الله "مـوكـبـاً" يـعـبـر الـتـاريـخَ
جــســراً مــــا بــيـــن آت، وأقـــــدم
نــــظــــر الله، والــنـــبـــي إلــــيــــه
فــــإذا الــعـــز والــفـــلاح الـمَـغْـنَــم


 

الخيرُ في مَكة

افـعــل لـمـكـة شـيـئــاً تشـكـر عـلـيـه وتُـؤُجَــر
فـالـمـرء حــيّــاً ومَـيْـتــا بفعـلـه ســـوف يـذكــر
والخيـر فــي كــل أرض بـالـطـيّـبـات يُــســطّــر
لـكـنــه فــــي ربــاهـــا أبـقـى وأزكــى وأكـبــر
والـجـود لـيــس نـقــوداً فحسـب بـل هـو أكـثـر
والجود بالنفس أسمى معنـى العـطـاء وأطـهـر
والــمــال لــلــروح نِــــدٌّ عــنــد الــثــرى يُــقَــدّر
لأنــــه جــهـــد عــمـــر أفــنــاه فــيـــه ووفـــــر
لـكـنـه لــيــس شـيـئــاً إلا إذا هـــــــو أثـــمــــر
كـذلــك الـعـلـم يــزكــو بـأهـلـه حـيــن يـنـشـر
فــبــاذل مــــن نــهـــاه أو بـاذل الـمـال يشـكـر
كلاهـمـا يـبــذر الـخـيـر- وهــــذا بــــذا يُـــــؤَزر