كتاب " في مهبط الوحي "، الدكتور محمد بديع شريف

كتاب "في مهبط الوحي"، الدكتور محمد بديع شريف، الناشر مطبعة العاني، بغداد، ١٣٨٥ هجرية / ١٩٦٥ ميلادية.

ينتمي مؤلف كتاب "في مهبط الوحي" الدكتور محمد بديع شريف إلى أسرة المفتي العراقية. دراسته الجامعية كانت في العراق ومصر، والعليا في ألمانيا وسويسرا. وهو ما أهّله للعديد من المناصب في بلده العراق وخارجه، وكانت آخر مناصبه القيادية رئيساً لديوان رئاسة الجمهورية. وللمؤلف المتمكن العديد من الكتب بالعربية والألمانية. يشتمل كتاب العمل ١٣٠ هذا على تسعة وعشرين فصلاً، ينصب جميعها على مكة المكرمة والمدينة المنورة ومعالمهما والحج والعمرة، والسنن والشرائع والأحكام ذات الصلة والارتباط. ومع أن المؤلف اغترف من أمهات المراجع ذات العلاقة بمؤلفه كالطبري والمسعودي وابن الأثير والبلاذري وابن سعد وابن هشام والبخاري وغيرهم، الا أنه، وبمعونة السفير العراقي في جدة آنذاك السيد مكي الجميل، حصل على "التقرير الرسمي في موسم الحج"، وزودني بمجموعة من الجرايد اليومية التي صدرت أثناء ذلك الموسم"، علاوة على تجواله الواسع والكبير المصرح به.

"كلّما قرأت آية من آيات القرآن الكريم، أو سمعت تلاوة سورة من سورة، أو مرّ بي قبس اقتبسه منه كاتب بليغ فنظمه في ثنايا عباراته، ازددت إعجابا وتعلقاً بهذه المعجزة الكبرى في البيان العربي، وجنّح بي الخيال إلى ذلك الوادي غير ذي الزرع، الذي ترعرعت في جنباته الرسالة المحمدية وتمت حتى اكتملت وظهرت للوجود، تقدم للإنسانية مكارم الأخلاق وتعلن للملأ كرامة الإنسان. .... وفي غمرة هذه النشوة بالإعتزاز بمبادئ الدين الإسلامي الذي نشأت عليه، لبّيت نداء السماء في الوحي المنزل: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير"، ونويت الحج. من جدة التي وصلها المؤلف جواً، انطلق نحو المدينة المنورة حيث أقام في منزل بجوار المسجد النبوي الشريف، التي تنتشر في ضواحيها حدائق فيها نخيل باسقة وأشجار من العنب والرمان في خضرة زاهية تسقيها عيون ثرّة. وعند زيارته للحجرة النبوية الشريفة ذات مساء، استقبله ورفاقه "رجل ذو شيبة وهيبة ومن حوله رجال أشداء هم البقية الباقية من عمومة بلال الحبشي (رضي الله تعالى عنه)، أول رجل ارتفع صوته بأجمل كلمة عند المسلمين، كلمة الله أكبر" - يقصد الأغوات الكرام.

"وفي مكة المكرمة مساء اليوم السادس من شهر ذي الحجة لعام ١٣٨٣ هجرية عدت إلى الفندق من صلاة المغرب في بيت الله الحرام فوجدت بطاقة مطبوعة بالحبر الأخضر تحمل شعار الدولة وتنبئ بالدعوة لحضور غسل الكعبة، وتشير بالسماح لمن يحملها أن يشهد ويشترك في غسل الكعبة في الساعات الأولى من ضحوة اليوم السابع من الشهر، فسررت بها".

وعن مناسبة أخرى دعي إليها في القصر الملكي، حيث "وجدنا جموعاً من سراة المسلمين الوافدين من أرجاء العالم فيهم السياسي والوزير والموظف الكبير والفقيه والعالم والتاجر وكثير من الناس، ودخل القوم ودخلنا وفق ترتيب منظوم لتحية رئيس موكب الحج في عام ١٣٨٣ هجرية الأمير فيصل ولي العهد ونائب الملك تحية العيد، وهي عادة مألوفة للحجّاج في هذا اليوم من أيام النحر". لقد أفرد المؤلف أيضاً فصولاً عن الأضاحي، وإمارة الحج، والطواف والمطوّفون وضّح فيها وجهة نظره ومرئياته التي بناها على أربعين أسبوعا عاشها في مهبط الوحي.


بقلم : المطوف الدكتور عبد المجيد داغستاني .