المعدوس

تنوع الثقافات بمكة المكرمة أضفى على الأكلات الشعبية في الحارات المكية لونا مختلفا عن بقية مدن العالم العربي، فبدأ كبار السن يصفون الأكلات القديمة لأبنائهم، حتى تكبر معهم، وتعيد نفسها من جديد، ولا يزال عدد منهم ضليعا بثقافة الأكلات الشعبية، ويجيد تقديمها بلمسات خاصة حافظت عليها من التحديث والتطوير.

أسلوب مكي

تقول الجدة نجاة حميدة، وهي من مواليد محلة أجياد التاريخية المجاورة للحرم المكي من جهة الشرق: تبقى وجبة العدس من الأكلات الشعبية التي تحظى باهتمام كبير من المجتمع المكي، ويحضر بطرق عدة مختلفة وأهمها المعدوس، وسميت بهذا الاسم حسب الأسلوب المكي في دمج الكلمات ببراءة راقية، والاسم مشتق من كلمتين (عدس – مدعوس) بالملعقة الكبيرة، فصارت الكلمة (معدوس)، وفي كل مرة يتنوع في الصحون ومعه المقبلات الزكية من السمن البري وسلطة الحمر، والسمك الناشف، وتبعات كثيرة من المشهيات.

ماء الأمطار

وتضيف: يطغى على هذا كله أن العدس مطبوخ بماء الأمطار، حيث توضع الأواني في (الخارجة) وهي فسحة خارج إطار المنزل دون السقف، ثم تترك حتى يترسب الغبار ويصفو الماء، ثم يغسل الرز ويضاف العدس معه بمقدار كوبين من الأرز وثلاثة أكواب من العدس، وفص ثوم وفحل بصل، وبعد أن ينضج يهرس بملعقة كبيرة.

أما سلطة الحمر بالبصل، فينقع الحمر في الماء، ويفرم البصل ثم ينقع في الماء حتى تزول رائحته النفاثة، وتكون السفرة عند بعض الناس بالمعدوس وسلطة الحمر سادة، وعند الأغنياء وعلية القوم تتنوع الملحقات من السمن البري أو الزبدة والروبيان الناشف، أو السمك الناشف، والجرجير، والبصل الأخضر، وكل عائلة تبدع في صحنها وترسل مثله إلى الجيران ويبادلك الجيران بالمثل.

ذوق رفيع

وتضيف الجدة نجاة: للعدس خواص تغذية صحية تناسب الأجواء الباردة والماطرة، والجميل أن المكيين لهم ذوق رفيع جدا في مأكلهم ومشربهم وملبسهم، فكل مناسبة أو موسم له أكلة معينة حسب توفر مكوناتها، أو الفوائد الغذائية، ومن الوجبات الموسمية نجد الشوربة والسمبوسك في رمضان، وفي العيد (الدبيازة)، وفي الحج (المعمول والغريبة)، وأكبر المناسبات الرز المحلى بالسكر مع لحم أضاحي عيد الأضحى المبارك، وكثير من الأكلات لا تقبل الحصر.


حاتم خضر - صحيفة مكة