" قصر السقاف " .. مسرح الملوك

روايات خالدة، تلك التي تحكيها جدرانه وأروقته التي صارت خاوية بعد أن كانت دار ملك وإدارة حكم في عهد مؤسس هذه البلاد، الملك عبدالعزيز يرحمه الله.



قصر السقاف، تتمدد مساحته وملحقاته على 9 آلاف متر مربع في قلب معابدة مكة، وبين حدود أحيائها العتيقة، الجميزة والملاوي والأبطح، و»ميدان قهوة اليماني» كما يحلو للمكيين.


المسرح العملاق داخل الطابق الثاني للقصر

اختاره المؤسس بعد وصوله مكة، وبدأ إنشاء مبانيه عام 1346 ليكون دارا للحكم ومركزا للدولة، منه تدار شؤون الحكم، إذ كان يحتل موقعا في غاية الأهمية، كونه يقع في منطقة رابطة بين المسجد الحرام والمشاعر المقدسة، والتي تبدأ من مشعر منى الذي لا يفصله عن القصر أكثر من بضعة كيلومترات، بحسب أستاذ التاريخ والحضارة الدكتور: فواز الدهاس.

«مكة» قررت توثيق تفاصيل المكان والتاريخ من خلال جولة مصورة، بدءا من الأسوار التي تحكي خصوصية المكان وأهميته، الذي طالما كان قصرا للحكم، ومقر اجتماعات الرؤساء وضيوف الدولة في ذلك الحين.


بعض السلالم الداخلية للقصر المصنوعة من الخشب والاسمنت




1 تباين المباني:


تختلف مبانيه، مما يؤكد تباعد فترات البناء التي أكد مؤرخون أن بعضها قبل اتخاذه قصرا للحكم، والبعض الآخر في ذلك الحين، ومبان أخرى أنشئت بعد ذلك بسنين، إذ شهد القصر عددا من الحقب الزمنية، والإدارات الحكومية التي استوطنت عددا من المباني القديمة والحديثة.

2 تكاملية التجهيز:

لا يختلف عن أي قصر حديث إلا فيما استحدث بعده من أدوات بناء ودهانات طلاء، لن تخطئ عين زائره مواقف سيارات المؤسس، وحتى آليات التكييف العملاقة التي تمد القصر بالبرودة، فضلا عن تلك التمديدات الخاصة بالمياه، وفتحات التهوية، وآثار التشجير، ومجمعات صغيرة لخدمات الطهي والغسل وغيرها من احتياجات القصر.

3 مدرجات مسرحية:

في الطابق الثاني للقصر والمطل على جامع الملك عبدالعزيز مسرح فاخر، يمتلئ بالكراسي التي تنثني أجزاؤها السفلية على العلوية كما الحال في أي مسرح جديد آخر، صفوف متدرجة فوق بعضها البعض تحول دون تعارض الرؤية والمشاهدة للحاضرين في المسرح، تصل مقاعده إلى 400 مقعد قبل أن تجني على بعضها صوارف الدهر والأيام.






4 ملتقى الملوك:

على الجانب الآخر من المسرح تقع القاعة الكبرى للاجتماعات والمقابلات الخاصة بالرؤساء والملوك وكبار ضيوف الملك عبدالعزيز من سفراء وقناصل الدول العربية والإسلامية، ورؤساء بعثات الحج، وكبار الحجاج والمواطنين، تمتد على مساحة واسعة تليق بمهامها، وتستند إلى أعمدة رخامية وزخارف جبسية قاومت حريق 2006 الذي شوه أجزاء كثيرة من تفاصيل القصر.

5 نباتات متطفلة:

تغطى أفنية القصر بأنواع من البلاط والسيراميك الفاخر، بعضها ما زال صامدا في وجه السنين، فيما استجاب البعض الآخر لرغبات الشجيرات التي وجدت ملاذا لها بين حدود تلك البلاطات، لتحتل مكانها في القصر الذي استعصى لسنوات طوال عن النباتات المتطفلة.

6 قرقعة الأرضيات:

على الرغم من صلابة بناء قصر السقاف إلا أنه لم يعد يحتمل أكثر مما حمله في سنينه الخوالي، إذ أنذرتنا أكثر من مرة قرقعة أرضياته العلوية، والتي اضطررنا أن نمشي عليها بأطراف أصابعنا، تفاديا لأن نكون قصة أخرى من قصص القصر التي توثقها روايات المؤرخين، وكتابات الصحفيين.

7 اختلاف الارتفاعات:

الجزء الأكبر من مباني القصر يقع في وسطه، وهو عبارة عن مبنى ضخم تختلف ارتفاعاته بين دورين إلى ثلاثة أدوار، وتحمل بوابته شكلا دائريا، ويتكون الدور الأول من 12 «بايكة» بعرض 3 أمتار وارتفاع 15 مترا.

وفي المبنى فتحات صغيرة للرماية والدفاع عن البوابات، وتعلوها شبابيك خشبية بمتوسط ارتفاع 10 أمتار مع وجود ارتدادات داخلية خلف المبنى فيها عدد من السراديب.

وعلى الرغم من تأثر المباني في كثير من أجزائها وتهالكها الظاهر، وتدعيمها بالخرسانة المسلحة، إلا أنها كانت صالحة للاستخدام من قبل رابطة العالم الإسلامي، وإمارة منطقة مكة المكرمة، ومصالح حكومية أخرى.



8 منطقة القصور:

تقع ضمن المساحة المحيطة بالسقاف منطقة القصور الملكية، وهي المنطقة التراثية القديمة الواقعة في حي المعابدة، واشتهرت ببعض المسميات كقصر البياضة، وقصر آل ماجد، وقصر الملك سعود، وقصر آل طلال.

إضافة إلى وجود مبان حكومية في الموقع ذاته، منها أمانة العاصمة المقدسة، وفرع وزارة المالية، ومبنى شرطة العاصمة المقدسة، وجامع الملك عبدالعزيز التراثي.

وضمن محيط القصر موقع قصر الأمير ماجد، وهو عبارة عن غرف مسقوفة بالخشب ويوجد بها عدد من الغرف التي سقطت أسقفها لقدمها واهتراء أخشابها.


شعار المملكة أعلى القصر

9 تأهيل وتطوير:

الملاحظ أن جميع المباني بها تصاميم معمارية فنية أثرية، ويمكن ترميمها بحسب مختصي اللجنة الفنية التي وقفت على القصور لمعرفة مدى إمكان ترميمها.

وكانت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أعلنت تبنيها مشروع تأهيل وتطوير متحف قصر السقاف بمكة، وذلك ضمن جهود الهيئة للاهتمام بالمواقع ذات التراث الحضاري.

وتعمل الهيئة على إنشاء منظومة المتاحف الإقليمية الجديدة والبالغة 11 متحفا في مختلف مناطق المملكة، وتشكل هذه المتاحف مراكز حضارية كبيرة ومتطورة تتجاوز عرض القطع الأثرية إلى الأنشطة الثقافية والعلمية والاجتماعية.


نُشر في صحيفة مكة
الجمعة 19 ذو الحجة 1439 - 31 أغسطس 2018