نورٌ من الحرمين ... أبو المعتصم بالله يوسف النتشة

أتـاني من حمى الحرمين نور ُ = بـأنـسـام مـطـهـرة يزورُ
تـرِف ُ لـه الملائك خاشعات ٌ = تـحـف ُ به الأزاهر والطيور ُ
فـتـلـبـيـة وتـكبير ٌ وذكر = وألـحـان ٌ يـميس لها الأثير ُ
وحـطَّ رحـاله بصميم ِ قلبي = فـكـاد شـغـافـه لهفا يطيرُ
وهـدهـد َ مقلتي الحرّى ضياه = وكـفـكـف عبرتي منه العبيرُ
ألا يـانـور كـعـبـتنا أغثني = فـحسبي ما تضيق به الصدور ُ
وهـب لي جذْوة ً تحيي كياني = لـعـل شـمـوع أيامي تنير ُ
يـسـيـر الناس حجا واعتمارا = وأرمـقهم ْ ... ولكن لا أسير ُ !
ويـمـضي العمرعاما بعد عام = وقـلبي رهن َ غصّته أسير ُ !
يـراوح ُ بين حرمان ٍ وشوق ٍ = وتـحصره البنادق ُ والجُسور ُ
فـيا ركب الحجيج إليك وجدي = نوى ً في أضلعي وأسى ً يثورُ
ركـبـتم بحرَكم رهوا ً وبحري = عـبـاب ٌ فـي مواجعه يمور ُ
فـهـل ْ لي نسمة من عطر طه = عـسـى قلبي بنفحتها يدورُ ؟
وهـل لي عرق نخل من رباها = يـظلل مهجتي وندى ً طهور ُ ؟
فيـانـور الحجاز َ فداك روحي = وقـلـبي والجوانح ُ والشعور ُ
وحـسـبي ياصديقي َ ما دهاني = مـن الزفَرات ِِ .. والله البصيرُ
فـخذني في جناحك خفقَ صب ٍ = فـإن جـنـاح أحلامي كسير ُ
وهب لي في رحالك عش َّ قلب ٍ = فـيـحـمـلني وقد عزّ المسيرُ
أطـوف الـبيت سبعا ثم أسعى = أدور مـع الـحجيج كما تدور ُ
وأشـرب زمزما تسري بروحي = لِـما شربت ْ.. ويكفيني العبير ُُ
وأسـجد في المقام شغاف قلب ٍ = فـيـا للقلب ... والدنيا شعورُ
أكَـبـرُ خـالـقـي وله ألبي = أنـاجي الطير.. ألثمه... أطير ُ
أمـتـع ناظري َّ بكل صوب ٍ = وأمـضـي حـيثما قلبي يُشير ُ
وأسـكـب نبع أشواقي وحبي = حـنـانا ليس ينضب أو يغور ُ
فـهل تخبو المواجع في فؤادي = ويـسـكن ُ في مكامنه الهديرُ ؟
وهـل يا زائري يصفو زماني = ويـبسم في جناحيك البشير ُ ؟
وأنـعم ُ في حمى الحرمين يوما = بـمـا يـهوى الفؤاد ويستجير ُ
فـتـزهـرُ بين جنبي َّ الأماني = ويشرق فجر أحلامي النضير ُ ؟



الشاعر : أبو المعتصم بالله يوسف النتشة