توسعة المطــاف في العهد السعودي


حرصت المملكة العربية السعودية في عماراتها الكبيرة والفريدة للمسجد الخرام على مضاعفة الطاقة الاستيعابية للمطاف بسبب الزيادة المطردة في أعداد الحجاج والمعتمرين وتماشياً مع التوسعات المتتالية للمسجد الحرام في عهد ملوك المملكة العربية السعودية ، وذلك تسهيلاً للطائفين ومنعاً للإزدحام والاختناقات في أوقات الذروة في موسمي الحج وفي العمرة في شهر رمضان المبارك .

وخلال التوسعات السعودية الثلاث للمسجد الحرام تضاعف عدد استيعاب المطاف لأعداد الطائفين ، فخلال العصور الماضية كان المطاف محدوداً في زيادة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه للمسجد الحرام ، وكانت الترميمات والإصلاحات تتم في هذه المساحة المفروشة بالحجارة والرخام والمحيطة بالكعبة المشرفة حيث أن أول من فرش المطاف بالحجارة عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما بعد أن فرغ من بناء الكعبة وبقيت بقية من الحجارة ففرش بها المطاف حول الكعبة .

وخلال التوسعة السعودية الأولى في عهد الملك سعود يرحمه الله في سنة ١٣٧٧هـ/ ١٩٥٧م كانت التوسعة الأولى للمطاف وذلك بعد إزالة المقامات الأربع ما عدا مقام الشافعي لكونه فوق بيت بئر زمزم والذي أزيل بعد ذلك في سنة ١٣٨٣هـ/١٩٦٣م ، وتم عمل قبو لبئر زمزم في الجهة الشرقية من المسجد الحرام وتعتبر هذه هي التوسعة الأولى للمطاف وبذلك أصبح يستوعب المطاف ١٤ ألف شخص دفعة واحدة .
وفي عهد الملك فيصل يرحمه الله في سنة ١٣٨٧هـ/١٩٦٧م أزيلت الزوائد الموجودة حول مقام إبراهيم ووضع المقام داخل غطاء من الكريستال البلوري وله قاعدة رخامية تشغل مساحة ١٨٠ x ١٣٠ سم ، فوفر بذلك مساحة ١٥،٦٦م٢ للطائفين .

وخلال المرحلة الأخيرة من التوسعة السعودية الأولى في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز يرحمه الله في سنة ١٣٩٩هـ/١٩٧٩م كانت التوسعة الثانية للمطاف ، بعد أن ألغيت الحصاوي والمشايات وتمت إزالة عقد باب بني شيبة ونقل مدخل قبو بئر زمزم من موقعه إلى موقع أبعد للإستفادة من المساحة التي يشغلها مدخل البئر في محيط المطاف وتم تسقيف المساحة التي يشغلها المدخل السابق بمستوى صحن المطاف وتم تبليط أرض المطاف كاملاً بالرخام الأبيض لأول مرة فأصبح المطاف يشغل كامل صحن المسجد الحرام ، فزادت بذلك مساحة المطاف من ٤١٥٠م٢ إلى ٧١١٩م٢ فأصبح يستوعب ٢٨ ألف شخص دفعة واحدة بمقدار الضعف بعد أن كان يستوعب ١٤ألف شخص .

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله في التوسعة السعودية الثانية والتي بدأت سنة ١٤٠٩هـ/١٩٨٩م والتي كانت عبارة عن إضافة جزء جديد إلى مبنى التوسعة السعودية الأولى وسبق ذلك تحسين سطح التوسعة السعودية الأولى وعمل السلالم الكهربائية ، وفي عام ١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م تمت تغطية مداخل قبو زمزم للإستفادة القصوى من صحن المطاف وتسهيل حركة الطواف حول الكعبة وتم ايضاً مد بلاطة الدور الأول ودور السطح في المسجد الحرام في مواقع محددة ، حيث أدت هذه الأعمال إلى زيادة صحن المطاف بمقدار ٤٠٠ متر مربع واستيعاب عدد أكبر من الطائفين ليبلغ عدد استيعاب المطاف وملحقاته ٤٨ ألف طائف في الساعة .

واستمراراً للجهود التي يبذلها ملوك المملكة العربية السعودية في خدمة المسجد الحرام وعمارته والعناية به جاءت أكبر توسعة وعمارة للمسجد الحرام على مدى العصور وهي توسعة وعمارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله ( مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة المطاف والعناصر المرتبطة به ) ويقوم هذا المشروع على رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف ليستوعب ١٠٥ ألف طائف في الساعة بدلاً من ٤٨ ألف طائف في الساعة ، وذلك بإزالة مبنى الحرم القديم ومبنى التوسعة السعودية الأولى وإدخالها ضمن مساحة المطاف وقد وضع حجر الأساس لهذا   المشروع في رمضان ١٤٣٢هـ الموافق اغسطس ٢٠١١م ، ولتعويض انخفاض الطاقة الاستيعابية للمطاف من ٤٨ ألف إلى ٢٢ ألف أثناء أعمال الفك والإزالة والبناء في هذا المشروع تم تنفيذ المطاف المؤقت الذي رفع الطاقة الاستيعابية إلى ٣٥ ألف طائف في الساعة ، وذلك حفاظاً على عدم انقطاع شعيرة الطواف أثناء تنفيذ المشروع .

واستمر العمل في هذا المشروع إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله وهو حالياً في مراحله الأخيرة .
وحرصاً من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للتسهيل على المعتمرين وجه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة في رمضان سنة ١٤٣٨هـ/٢٠١٧م بإخلاء صحن المطاف من المصلين في شهر رمضان المبارك وتخصيصه فقط للمعتمرين تسهيلاً للمعتمرين ولتوفر أماكن للصلاة بعد التوسعة السعودية الثالثة والتي أصبحت تستوعب مليوني مصلٍ  في وقت واحد .


كتبه الباحث في التاريخ والحضارة الإسلامية | عضو إتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة :
منصور الدعجاني  _ 22 رمضان 1439هــ