قبة سقاية العباس ( قبة السقاية )



جاء في كتاب مرآة الحرمين لإبراهيم رفعت باشا ما نصه : سقاية العباس حجرة كبيرة شرقي الكعبة وجنوبي زمزم ذات نوافذ، وسقفها جملي (جملوني) بارز عن جدرها ليستظل به الناس ، وقد وصفها الناس في وقته فقال: إنها بيت مربع في أعلاه قبة كبيرة وفي جهاتها الأربع عدا الجنوبي منها شبابيك من حديد وفي جانبها الشمالي من الخارج حوضان بينهما الباب ، وفي وسط البيت بركة كبيرة تملأ بالماء من زمزم بواسطة قناة سماوية من زمزم إلى جدر البيت ثم يسلك قناة أرضية إلى البركة ، فيخرج منها الماء على شكل فوارة وقال: إنها عمرت في سنة 807 هجرية ، وقد كان العباس بن عبدالمطلب يسقي فيها الحجاج، وقد ذكر الناس : أن مقدار ما بين هذه السقاية والحجر الأسود ثمـانون ذراعاً بالذراع الحديد 56 سنتيماً وسُبُعًا. انتهى من مرآة الحرمين.




جاء في تاريخ الغازي ما نصه : قال العلامة ابن فهد: سقاية العباس كانت بين الركن وزمزم بالقرب من مجلس سيدنا عبدا لله بن عبـاس فأخرها عبدالله بن الزبير إلى موضعها الآن وكانت قبتها من خشب ثم عمرت بالحجر في زمن الخليفة المعتمد أحمد بن المتوكل العباسي في عام تسعة وخمسين ومائتين .

وقال شهاب الدين أحمد بن حسن : عمرها محمد بن هارون بن عبـاس بن إبراهيم لما حج بالناس من خشب العاج وسقفها به على حكم المقعد الظريف في بيت التربيع مزخرفاً بماء الذهب وجعل البركة كلها من رخام منقوش وكتب اسمه في نقش الرخام واستمر بناؤه إلى سنة ثلاثمائة وخمسين ، فحج بالناس أحمد بن محمد بن عيسى العبـاس فهدم ذلك وبناه على أربعة أعمدة مفتحة من سائر الجوانب الأربعة وسقفها بالخشب المذهب وأبقى البركة على بنائها الأصلي واستمر بناؤه إلى سنة ثلاثمائة وثلاثة وسبعين.

ولما حج بالناس جعفر بن علي بن سليمان العباسي، سقفها لسقوطها وانهدامها وجعلها من حجر ونورة واستمر ذلك إلى سنة أربعمائة وثلاثين ، فحج بالناس عمر بن الحسن وقد انهدم ذلك البناء فبناها كلها على صفة بيت مربع وجعل لها بابان شرقي وغربي وأحسن عمارتها واستمر ذلك البناء إلى سنة خمسمائة وعشرين فجددها إبراهيم العباسي .



قال ابن فهد: ثم عمرها الجواد الأصفهاني صاحب الموصل في أول القرن السادس.

قال الفاسي في العقد الثمين : وآخر عهد عمرت فيه هذه السقاية سنة ثمانمائة وسبعة بعد سقوط القبة التي كانت بها وكانت من خشب من عمل الجواد الأصفهاني فعملت من حجر وقد عمرها وزير صاحب الموصل وأم الخليفة الناصر لدين الله العباسي.

قال ابن فهد في لطائفه : المستكفي في سنة خمسمائة وتسعة والملك المظفر عمر في سنة ستمائة وأربع وسبعين وأحمد بن عمر المرجاني في سبعمائة وعشرين ، قال ابن فهد : ثم عمرها محمد بن قلاوون في سبعمائة وستة ثم في زمن الظاهر برقوق في ثمانمائة وسبعة وسبب هذه العمارة سقوط القبة ، قال الفاسي : وقد عمرها قايتبائي في سنة ثمانمائة وأربع وسبعين ثم عمرت في سنة ثمانمائة وأربع وتسعين.

قال الشيخ عبدالعزيز بن عمر بن فهد في بلوغ القرى : وفي يوم الأحد رابع عشر شهر رجب سنة (893) ثلاث وتسعين وثمانمائة شرع في هدم قبة الشراب التي يقال لها قبة العباس . فهدمت إلا الجانب التي يلي بيت الزيت فترك وهدمت أيضاً الشراريف التي فوق بيت الزيت بل وهدمت الدرجة التي به وهدم جوانب البركة وبعض القائم التي بوسطها وأذيب الرصاص في المسجد الحرام وجعل بين الحجارة التي في المطاف وما يتصل به ، وفي يوم الاثنين خامس عشر الشهر شرع في بنائها وفرغ منها في رمضان وعمل لها بوابة عظيمة مبنية بحجارة صفر منحوتة ملونة من داخلها وخارجها وبوسطها بركة كبيرة ولها شبابيك ثلاثة من حديد وحوضان ببزابيز يشرب منها الأنام وعلوها قبة عظيمة شاهقة مستقيمة.

وفي شهر رمضان من السنة المذكورة كمل عمل قبة العباسي وتبييضها وأعذيدت على هيئته إلا أنها كانت مربعة فجعلت مثمنة وكان بها ستة شبابيك فجعلت أربعة وجعل عند سطحها أربع طاقات للنور وجعل لها شراريف ولم يجعل البيت الزيت شراريف حتى لا يعلو وصفر جدر البركة ليتسع بطن القبة ولم يقدروا على إعادة بزابيز الفوارة التي بوسط البركة فإنهم كسروه قصداً وجعل تحت الشباكين اللذين بجنب الباب حوضين ببزابيز يشرب منها الناس وعلى الأربعة الشبابيك التي بالقبة أربعة شبابيك حديد ثم في خلفها أربعة شبابيك خشب للأربعة الطاقات المناور التي في أعلا القبة وفي هذا الشهر جعل في زمزم العمودان الرخام وكأنهما دعامة واحدة ويقال إن أحدهما كان بمكة والآخر جيء به من المدينة. انتهى.

 قال في تحصيل المرام : ومن عمرها بالنورة وأحدث فيها دكة وجدد هلالها الوزير حسن باشا في حال وروده مكة من اليمن قاصداً البلاد الرومية أوسط ربيع الأول سنة مائة وستة عشرين بعد الألف وبنى قبل هذه السنة مكاناً للوقادين بآخر المسجد عند باب بازان ذكره الشيخ خليفة الزمزمي ثم قال: وأما صفتها الآن فهي قبة كبيرة مثمنة إلى نصفها يدخلها الإنسان من باب شامي له عتبتان وعلى يمين الداخل دكة كبيرة إلى نصف القبة من دائر ولها شباك غربي وشباك آخر يشرف جهة باب علي وبوسطها بركة مثمنة باشرت زرعها بيدي فوجدت طولها خمسة أذرع إلا قيراطين بالذراع الحديد وعرضها دائر اثنا عشر ذراعاً وأربعة عشر قيراطاً وعمقها زيادة عن قامة وفي وسط البركة عمود يصل إليه الماء من خشبة في زمزم يصب الماء فيها ثم ينزل في حاصل ومنه لديل يحازي بطرف قبة الفراشين إلى باطن العمود المذكور فيفيض الماء فيه ويملأ البركة المذكورة فتدخل الناس وتشرب من البركة بمغاريف انتهى.

وقال الشيخ عبدالرؤوف المنادي : سقاية العباس كانت حياضاً بالمسجد الحرام والآن تسقى في بركة وأصلها بيد قصي ثم لابنه عبد مناف ثم لابنه هاشم ثم لابنه عبدالمطلب ثم لابنه عباس ثم لابنه عبدالإله بن عباس ثم لابنه علي وهكذا ثم صارت لغيرهم.

وقال الجلال السيوطي في رسالته الأساس في مناقب بني العباس : ثم من بعد علي بن عبدالله صارت لابنه محمد ثم لابنه عبد الإله ثم لابنه المنصور أبي جعفر ثم لابنه المهدي بن عبدالله محمد ثم لابنه أبي جعفر هارون الرشيد إلى أن قال : ثم لابنه الموفق علي إلى أن قال : ثم ليعقوب المقتدر بأمر الله ثم لابنه عز الدين المستنجد بأمر الله . انتهى.

 وكانت لهم نواب إلى أن بقيت في ذرية أولاد الشيخ علي بن محمد بن داود البيضاوي المعروفين الآن ببيت الريس، وقد تركت الآن سقاية العباس وصارت الحجاج والناس يشربون من دوارق وأزيار توضع بالمسجد محبة من أهل الخير .

قال ابن حجر : وسقاية العباس لآل العباس أبداً وكانت لهم نواد . انتهى ما في تحصيل المرام , وفي السالنامة الحجازية : وفي سنة ألف ومائتين وتسع وخمسين صدر الأمر من مولانا السلطان عبد المجيد بوضع كتبخانة في المسجد الحرام لأجل أن يراجع فيها العلماء وطلبة العلم وينتفعون بها وأرسل من دار السلطنة كتباً كثيرة فوضعت في القبة التي في المسجد وكانت تلك القبة تسمى سقاية العباس وجعلوا لتلك الكتب حافظاً ناظراً عليها ومعه معاونون ورتبوا لهم معاشات جزيلة وافية وأجرة مسكن لرئيسهم وتعيينات.

وكانت المصاحف والكتب الموقوفة موجودة في زمن الشيخ تابت بن إسماعيل الزمزمي في قبة السقاية في سنة 887 سبع وثمانين وثمانمائة كما يفهم من عبارة ذكره العلامة الحضراوي رحمه الله في تاج تواريخ البشر وهذه عبارته : نقل الشيخ العارف بالله تعالى أبو الفتح أحمد بن أبي الفتح الزمزمي في أول ديوان الشيخ عمه تابت الزمزمي من أنه وقع سيل كبير دخل المسجد الحرام وكان الشيخ بسقاية تابت بسقاية سيدنا العباس رضي الله عنه على عادة سلفه يرفع المصاحف والكتب التي كانت موقوفة بالقبة المذكورة فداركه السيل ودخل عليه فيها من الباب والشبابيك وأتلف ما فيها من الكتب والمتاع ودخل زمزم وفاض منها الماء وذلك في يوم الخميس ليلة الجمعة خامس عشر ذي القعدة الحرام سنة سبع وثمـانين وثمانمائة . انتهى

وصدر الأمر أيضاً من مولانا السلطان عبدالمجيد بوضع ساعات فلكية في المسجد الحرام أرسلت من دار السلطنة في قبة أخرى في المسجد وكانت تلك القبة تسمى قبة الفراشين وأقاموا موقتاً لها ومعاوناً بمعاشات فحصل من تلك الكتب والساعات منفعة كثيرة للناس . انتهى

وفي تحصيل المرام : ورد في جمادى الأول سنة الف ومائتين وثمانية وثمانين خطاب من الدولة العلية إلى سيدنا الشريف عبدالله بن الشريف محمد بن عون لما بلغها من معمر باشا أن هذه القبة أي قبة الكتب والتي بجانبها تمنع مشاهدة الكعبة لمن بتلك الجهة فورد ذلك الخطاب بالكشف عن ذلك الأمر فعقد مجلساً على ذلك ببيته التي بالغزة وفيه العلماء فأخبروه أن أحد القبب سقاية العباس يعين محلها فقال : نجعل محلها قبة صغيرة على أربعة أعمدة وفيها حوض باسم مولانا السلطان بحيث أن تلك القبة لا تمنع مشاهدة البيت لمن بتلك الجهة . فاستحسن ذلك القول فلله ما أحسن رأيه الذي وافق على ما كانت عليه في زمن أحمد بن محمد العباسي فكتب بذلك إلى الدولة ولم يأت بعد ذلك خبر بالهدم.

ثم في سنة ثلاثمائة وألف ورد الأمر بهدمهما وذلك في سلطنة مولانا المعظم السلطان عبدالحميد بن السلطان عبدالمجيد خان وأمير مكة يومئذ الشريف عون بن الشريف محمد بن عون وكان والي الحجاز وشيخ الحرم الوزير المعظم عثمان باشا ، فكان ابتداء الهدم بعد صلاة الجمعة اثنا عشر صفر وشاهد الهدم الشريف المومأ إليه والوزير عثمان باشا.

وذكر السيد أحمد دحلان في سالنامته : رفي سنة ثلاثمائة و ألف هدمت القبتان الكائنتان في المسجد وهما قبة الكتب وقبة الساعات وذلك لتضيقهما المسجد وللخوف من السيل لأنه دخل سنة ثمان وسبعين ومائتين وألف وحصل تلف في الكتب ووضعت الساعات محل عمل بها في هواء المسجد الحرام بين باب علي وباب بازان .

 ونقلت الكتب في القبة المتصلة بمدرسة السليمانية عند باب دريبة وهذا في مدة إمارة الشريف عون باشا بن المرحوم محمد بن عون وولاية الوزير المفخم السيد عثمان نوري باشا . انتهى من تاريخ الغازي.

الموضوع مشاركة من : بدر بدرة | المصدر :  التاريخ القويم لمكة و بيت الله الكريم للكردي | معالجة الصور : حسن مكاوي | تم النشر في 1439/5/25هـ.