ملابس المكيين وماحصل فيها من تطور

تنقسم أوضاع الملابس وأشكالها إلى ثلاثة أوضاع بحسب الطبقات.

فأولاد الحارة, كما يسميهم المكيون, من الصناع والبنائين والعمال والحماره, ومن على شاكلتهم, لباسهم مبسط ثوب أبيض أو أزرق يحتزم الواحد عليه بحزام, كلن على حسب سعته, وأغلى الحزم أحازيم تسمى (خرساني) من الصوف كأنها من مصنوعات خرسان, او احازيم من الصوف ايضا يقال لها (كشميري) وتسمى (بقشة) وهي من مصنوعات كشمير بالهند, مطرزة أطرافها ووسطها بخيوط من الصوف ملونةز وغطاء الرأس كوفية من البفت مطرزة بخيوط يلتحم الخيط في الخيط, حتى إذا نشيت بالنشا تظل جدارها واقفة متماسكة, وهي مفروقة , ولايزال قسم من الأهالي يستعملها إلى الآن ويعتم الكثير منهم سيما في المناسبات ومواسم الأعياد, بأحاريم مطرزة تسمى (غباني)كما يلبس بعضهم اقناء المناسبات سديري او ميتان, والفرق بين السديري والميتان: ان السديري بلا اكمام, والميتان يحلى بخيوط مخصوصة حول الرقبة والجيوب واطراف الأكمام تسمى (قيطان) ويتختم البعض بخواتم من الفضة والنعل والنعل حذاء من الجلد من صنع اليد بأشكال مختلفة سيأتي وصفها.

و أوساط الناس وطبقات التجار يلبسون الثياب البيض أيضا.في الأغلب, إما من البفت او الكتان , أو اللآس الحريري, او مختلف المنسوجات التي عرفت مؤخرا, وكان من المألوف خصوصا في زمن الصيف لبس قماش يسمونه ((دابزون)) شفاف خفيف النسيج لا يحجب ماتحته, وتحت الثوب سروال طويل إلى الكعب, بخلاف سراويل أولاد الحارة, فانها الى الركبة.

ويحلون ذيل السروال وأطراف الدكة بخيوط من الحرير الابيض, وأحيانا الاسود او الازرق. الثات تحلى اطراف اكمامها بأشكال من التطريز يسمى ((نسلة جاوي))وشكل آخر يسمى (لف) وكانو يلبسون تحت الثوب قميصا من الشاش الأبيض , ولما عرفت الفنايل مصنوعة جاهزة فشى استعمالها, ولم يعد يستعمل القميص. وفي المناسبات يلبس فوق الثوب(شابة) من انواع من الاقمشة بمايناسب الفصول, فان كان الزمن صيفا كانت الشابة من قماش, من انواعه نوع يسمى ( الشرخانة) وان كان الفصل شتاء كانت الشابة او الصابة من قماش سميك,من نوع يسمى حلبي مطرز بخيوط من الحرير له نفس لون القماش, وغالبا مايكون اللون ابيض او نباتيا.ويحتزمون فوق الشابة بحزام رهيف صيفا , وسميك او من صوف يسمى السليمي شتاء,معقود فوق السرة بعقدة مخصوصة.

وعندما عرف عمل (الجاكتات) او (الاكوات) وهو كالميتان إلا أنه آنق في التفصيل المماثل للجسم, قل استعمال الميتان, بل واستعمال الشابات, واقتصر على استعمال الكوت فوق الثوب ومن فوق الجبة. والجبب تكون صيفا من اللاس الحرير, او من الصوف الرهيف او من الكتان او ماشاكلهم, من انواع الاقمشة الرهيفة, وشتاء اما من الجوخ, او من قماش يسمى (اتفوري) من الصوف بالوان مختلفة منها الوردي والاحمر والازرق والبصلي والبني والأسود ومختلف الألوان.

ومن انواع الأقمشة التي كان متعارف عمل الجبب منها , غير ماذكرت, قماش يسمى (قرمسود) ذو الوان مختلفة وتموجات براقة في علمي انه يجلب من الهند.

ولباس الرأس كوفيه هي ماوصفتها عند الكلام على البسة اولاد الحارة, مع شيئ من الجودة. وفي الايام العادية يعتمون على الكوفية باحرام, إما من الغباني, او انواع اخرى اغلاها نوع يسمى (سليمي) من الصوف ذي نقوش في الحياكة, بعض هذا النوع غالي الثمن كان ثمن الاحرام من عشرة جنيهات ذهبا الى خمسين جنيها, ونوع آخر من الاحاريم يسمى (بريمي) من الحرير المطرز بنقوش والوان مختلفة, يغلب فيها الاحمر والاسود, لايتجاوز قيمة الجيد منها خمس جنيهات. اما في المناسبات والأعياد فتلبس (العمامة الألفي) وهي عبارة عن كوفية من الخيزران ملبسة بقماش, مكون من قطع صغار من قماش (القرمسود) , مخيطة في بعضها البعض بالوان مختلفة, يغلب فيها الاصفر زالاسود والبني, يعصب فوق الكوفية شاش أبيض رهيف بطريقة مخصوصة, يترك طرف من الشاش قريب من جهة الجبهة كالريشة.

ولباس العلماء وخطباء المسجد الحرام وأئمته لا يختلف عما وصفت, الا أن الجبة واسعة الأكمام عن المألوف, وتسمى (فرجيه), وتمتاز العمامة بأن لفة الشاش لها وضع مخصوص متدرج الطيات, وبعضهم يترك عذبة من الخلفو تتجلى هذه الفوارق في المواسم والاعياد والتشريعات الحكومية, واكبر مظهر للتزيين والتجميل يكون عيد الفطر و اما عيد الأضحى في مكة فليس له مظاهر عيد الفطر لأنه يندمج في أيام مناسك الحج.

والحذاء الذي كان يستعمله غالب المكيين, مصنوع من الجلد المدبوغ محليا أو مجلوبا من نجد. فمايصنع محليا يصنع من نوع من الجلد يسمى (القرف) وكان صناع الأحذية مقرهم محلة الجودرية, واهم موسم لهم هو عيد الفطر, على ان موسم الحج بمكة موسم تنفق فيه سائر الأشياء. ولصناع الأحذية المحلية تفنين في قنطرة الحذاء, فنراها مطرزة بالقصب, الممزوج بالحرير أحيانا, بتقوس مقبولة في موضعتها, ومستملحة, وأثمانها تتفاوت بحسب المعرفة والجودة في العلم, وكلما تعددت خرز نعال الحذاء كان ثمنه أغلى. ويقولون (عنده نعال أبو خرزين) ونوع يصنع بلاقنطرة ويقولون مدابي مدني ويختص بلبسه العلماء تقشفا. وقد زاحم صنانعة الأحذية (الكنادر) , واحدها كندرة , تجلب من الخارج, ثم صار لها صناع من التركستانيين, وفي الآونة الأخيرة شاع استعمال الأحذية النجدية, وهي تختلف في الشكل عما كان يصنع محليا,ثم طم وعم مادهمت به البلاد من المصنوعات الأجنبية.

وطغت (الشباشب) المعروفة (بزنوبة) وأصبحت حذاء معظم الطبقة العاملة, كما استوردت من اليابان وغيرها انواع متعددة, واشكال متنوعة منها مايشبه الأحية النجدية مما لم يعد معه في الجودرية من صناع الأحذية المواطنين سوى بضعة نفر.

قلنا ان استعمال الشابات خف وقامت بدله الجاكتات, ثم لما بدأ عهد الحكومة الحاضرة اخذ لبس المشالح ينتشر عما سبق, بل عم استعمالها,وعم معها لبس الغتر على الرأس وعليها عقال أسود يسمى (شطافة) صار ذلك بدلا من الاعتمام بالأحاريم السابق وصفه, لأن هذا اللباس هو الشائع في نجد. (والناس على دين ملوكهم ) كما يقولون.

على أنني لاحظت في العهود الأخيرة أن الناس بمكة أخذوا يتخففون كثيرا في اللباس. فقد قل استعمال المشالح, واستعمال الشطافات, وخصوصا الشباب, أصبح الواحد منهم يكاد لا يعتاد سوى لبس الثوب والكوفية النجدية, بل بعضهم يسير حاسر الرأس.. والمحتشم منهم يضع على الكوفية العترة اما بيضاء او من نوع الشماغ و وهي غتر تجلب في الغالب من الشام, وشائع استعمالها هناك, مطرزة بخيوط حمراء او زرقاء. غير ان موظفي الحكومة لازال الكثير منهم متشبث بلبس الشطافة والمشلح

المصدر : مكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري لمحمد عمر رفيع  الموضوع مشاركة من بدر بدرة 1437/11/14هـ