إعلام سائر الأنام بخبر السيل الذي سقط منه البيت الحرام..

من أنفس الكتب الموسوعية المؤلفة في تاريخ المسجد الحرام وعمارته والأحداث التي ألمت به من الجاهلية إلى القرن الحادي عشر: كتاب ( إعلام سائر الأنام بخبر السيل الذي سقط منه البيت الحرام، وما يتبع ذلك من عمارة وإشارة وحكم وأحكام )، للعلامة محمد علي بن بن محمد علان المكي(ت1057هـ).


يُعد العلامة ابن عَلَّان من أبرز مؤرخي عصره في تدوين تأريخ الحرم المكي والنوازل التي حلت به من أثر السيول وغيرها، والتأليف في معالم مكة التاريخية والجغرافية، فوصف في مؤلفاته عمارة البيت الحرام، والكعبة المشرفة وصفًا دقيقًا لمعاينته الإعمار، بل شارك في إعانة البنائين بحمل الحجارة والنورة تطوعًا، قال ابن عَلَّان: «وقد تتبعت أعمال تلك العمارة، وأوردته في الباب الثالث من كتابي «الإعلام» يومًا فيومًا على غاية البسط وحسن السياق والالتيام».

 

تُعد مؤلفات ابن عَلَّان التاريخية موسوعة شاملة في عمارة الكعبة المشرفة والمسجد الحرام في القرن الحادي عشر الهجري، ولا غنى لأي باحث في هذا المجال من أن يستعين بها في مجال تخصصه، ومن مميزات مؤلفاته التاريخية: 

• استيعابه تواريخ عمارة البيت الحرام والكعبة والأحداث التي ألمت به من الجاهلية إلى عصره.
• معاينته لإعمار البيت الحرام والكعبة المشرفة وتدوينه اليومي لحركة البناء والإعمار، قال المؤرخ أحمد الأسدي المكي(ت1066هـ): «الشيخ محمد علي بن عَلَّان، حضر بناء الكعبة وحقق جميع ما وقع فيه».

ومن أوسع وأغزر مؤلفات ابن علان التاريخية كتابه : ( إعلام سائر الأنام بخبر السيل الذي سقط منه البيت الحرام، وما يتبع ذلك من عمارة وإشارة وحكم وأحكام )، الذي عبر عنه في مؤلفاته بالأصل الكبير، أو التاريخ الكبير، وقد رتبه على أربعة أبواب، وتحت كل باب فصول، ودونك بيان ذلك بلسان ابن عَلَّان :

الباب الأول : في سوق الأعمال المعمولة على التوال بالمسجد الحرام، أو البناء في الحرم الشريف من بعد رفع انقاض الكعبة وستورها من محلها إلى تمام عملها وعمودها الصوري كأصلها من موضع الأعواد في محل السقوط، وتصفيحها، وستر ما بان من أبنيتها بعد وضوحها، وإلباس تلك مع باقي الكعبة بالكسوة الغراء النضرة الخضراء، وما بعده إلى تمام التنظيف من جميع عمل المسجد الحرام، وقطع الطريق مما علا به من تراب وقمام، وتنظيف البرك من التراب الذي ملاها السيل، وما حصل في تنظيف أرضها منه من حوز بكرة ونيل.

الباب الثاني : في بيان القائم للبيت الحرام بالعمارة ومن جعل الله تعالى له في ذلك الولاية والإمارة وشرفه بهذا الشرف وإعلالاه في المجد الغُرف، وفي آخره فصل فيما على الأمير على التعمير أن يراعيه من الأعمال، والعمال، وما يجب عليه أن يقف عنده ولا يجاوزه بحال إن كان يخاف الله ذا العظمة والجلال.

الباب الثالث : في بيان ما يكون من حين الشروع في أسباب هذه العمارة للبيت الحرام إلى أن يعود إن شاء الله تعالى على ما كان ويحصل للوجود أجمع من عوده كذلك بفضله منتهى الأماني وأقصى الأمان، وفي أوله فصلان: أحدهما في حكم سقوطه، والثاني: في عدد مرات بنائه أولاً وما كان منها من وقعه عن مطر وهبوطه، وفيه بيان كل ما وقع فيه من عمارة أو ترخيم، أو عمل فيه للبيت العظيم، وفي آخره فصلان متعلقان بالحجر المنيف وبيان فضله الشريف، وما فيه من البيت الحرام على سبيل الظن المعتد به في الأعمال لا على سبيل القطع المعتبر فيما يكون إليه الإستقبال، والفصل الثاني: في بيان مرات عمارته، وما وقع منها مع عمارة البيت الشريف هذه الأخيرة، وواسطة عقد هذا الباب وفريدة قلادة هذا الكتاب بيان جميع الاعمال الحاصلة لبناء بيت الله ذي الاكرام والجلال.

الباب الرابع : في ذكر سيول البلد الحرام الكائنة في مدة الإسلام، بل وبعض ما كان منها في الجاهلية المقاربة لذلك الزمن، وسوقها على أحسن سنن.

قلت : ألف ابن عَلَّان كتابه: (إعلام سائر الأنام) بإشارة من شيخه تاج الدين بن زكريا بن سلطان الأموي العثماني الحنفي النقشبندي الهندي (ت1050هـ)، ويقع الكتاب في نحو أربعين كراسًا كما نصَّ ابن علان، والكراس : يقع في 11 ورقة، والورقة تتكون من لوحتان، فالكتاب إذًا يقع في 440 ورقة.

وللأسف لم أقف على هذا التاريخ العظيم إلى يومنا هذا، غاية ما وقفت عليه قطعة منه في خمس ورقات، ومع هذا تعد هذه الورقات نفيسة لكونها ذكرت شي من مقدمة الكتاب ومحتواه من أبواب وفصول ، ومازلت أبحث عنه في المكتبات ، ولعل الله يفتح علينا ونقف عليه، فهو من أعظم تواريخ مكة وأنفسها.

 

هذا الكتاب الحافل أثنى عليه العلماء وأرباب الفضل ، قال المؤرخ الشلي(ت1093هـ) : «له مؤلف في السيل المهيل الواقع في شهر شعبان تسع وثلاثين وألف الساقط في اليوم التالي له البيت العتيق، سماه «إعلام سائر الأنام»، ثم لخص منه مجرد ما وقع في عمارة البيت وأعرض عما في أصله عما زاد عن بيان أعمال تلك الكرة من أحوال عمارته العشر، وما يتعلق بها من الأحكام وجعل هذا المختصر باسم خزانة السلطان مراد». 

قلت: ومختصر «إعلام سائر الأنام» الذي يشير إليه المؤرخ المحبي هو: «إنباء المؤيد الجليل مراد ببناء بيت الوهاب الجواد» وهو مطبوع، ثم اختصر ابن عَلَّان كتابه: «إنباء المؤيد الجليل»، وسماه: «الإنباء العميم ببناء البيت الحرام الفخيم»، - وقد حققته ولعل في رمضان ادفعه للمطابع بإذن الله.

كتبها:
إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
13 شعبان 1437هـ