عمر المضواحي الذي عرفته

لا تملك إلا أن تشعر بمتناقضات متعددة عندما تلتقي برجل في شخصية الأخ عمر المضواحي (رحمه الله).. هذا الرجل الذي التقيته للمرة الأولى قبل نحو خمسة أعوام من خلال حديثه حول التراث الوطني والعمراني الحجازي بصفة عامة والمكي بصفة خاصة. رجل واضح في كلامه، حاد في طرحه ولكن للمصلحة العامة، متحيز لأفكاره التي يثق بأنها لا تأتي إلا بعد قناعة بما يؤمن به، حريص على إيصال فكرته ورؤيته بأسلوبه الخاص، تشعر وأنت تتحدث معه أنك تعرفه منذ فترة طويلة حيث لا مجاملة لديه، يبدأ معك بأسلوب سهل بسيط ويرتفع ذلك الأسلوب إلى الحدة قليلا ويصاحبه كلمة اعتدت سماعها منه (معذرة أستاذ محمد)، تكررت اللقاءات معه ومع الزملاء في «مبادرة معاد» وكان ضمن كوكبة هؤلاء المبدعين أعضاء المبادرة المحبين للتاريخ وللتراث المكي العريق، جمعتني بأبي عبدالمحسن مواقف عدة منها ما كان في مكتبي ومنها ما كان في ورش عمل أو لقاءات واجتماعات وتواصل هاتفي، وكنت قد اتفقت معه العام الماضي لزيارة مهرجان جدة التاريخية للقيام بجولة، وكم كان سعيدا بوجود مثل هذا المهرجان الذي يعيد للجيل الحالي أهمية التاريخ والتراث.

كم نحن بحاجة لأمثال عمر المضواحي في هذا الزمن، كم نحن بحاجة لمن يضع رأيه ويتابعه ويصر عليه ويأتي بالحلول المقترحة، كم نحن بحاجة لمن يهتم ويحرص على العمل العام أكثر من العمل الخاص، كم نحن محتاجون لرجال مثل رجال وأعضاء مبادرة «معاد المكية»، كم نحن بحاجة لأكثر من عمر المضواحي.

لا أملك أخيرا إلا أن أقول غفر الله ذنبك يا أبا عبدالمحسن وأسكنك فسيح جناته وجعل ما قدمته في ميزان حسناتك، رحمك الله أيها الرجل العصامي المكافح الذي كان همك موروث وتاريخ مكة، متأكد أن فقداننا لك ليس مؤثرا على أسرتك وأبنائك وأهلك فقط بل هو فقدان لكل من عرفك ولكل زملائك في «مبادرة معاد» الذين بلا أدنى شك لهم مواقف كثيرة معك، وكذلك زملاؤك الإعلاميون في صحيفة مكة وغيرها.

الخاتمة: للتاريخ كتبت هذه الكلمات البسيطة في حق رجل فقدناه وسيكون لفقده أثر.

* مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة مكة المكرمة

صحيفة مكة 1437/3/20هـ