المضواحي.. نجمة في سماء الموت
قليلون جدا أولئك الذين يفاجئهم الموت فيتكاثرون حياةً.. يشعلون برحيلهم ذاكرة الأصدقاء ثم لا يغيبون عنهم إلا موعدا ولا يختفون إلا عن عيونهم.
عمر محسن المضواحي صحفي من شعاب مكة رحل عن قلمه الذي لازمه ثلاثة عقود.. ممتلئا دائما بحبر الصدق وجرأة الكلام في حضرة الصمت.. كان كلما ضاقت به الحقيقة تنقل بها إليها وكلما صادمه من لا يشبهه يعانقه اولا ثم يغادره.
حين تبحث عنه في مفكرات أصدقائه لن تجد غير رجل علّم الحياة أسماءها ثم رواها خبرا على لسان الحكاية، وكلما سألت التاريخ عنه تنثال بين صفحاته أزمنة البياض وآثار الراحلين فيه.
عمر المضواحي الذي غادرنا بصمت وقد عاش الضجيج دائما إنما تركنا نتعجب من حضور الغياب وغياب الحضور.. يالهذا الموت.. كيف يأخذ مثله منا حينما لا نتذكر غير حضوره فينا وغيابه عنا.. كيف نستحضر به الماضي حاضرًا.. والأمس حفلة معدة للبكاء؟!
أسوأ ما يمكن أن تقوله هو خذلان الموت لك حين يسبقك إلى من لن يسمعك حين تناديه.. حين يتركك تقلب في المواقع والأخبار دون أن تنال إلا الندم على أن لم تقل له كم أنت جميل أيها المضواحي وانت تصارع للسلام.. وتناضل لما ترى.
تبحث عنه في عيون أصدقائه فيغشاك دمعها.. وتقرأ عنه في أسفار الكلام فتنتثر بين يديك حكايات مكة وجنون أزقتها وانتباهة الحب لها من غرب المملكة إلى جنوبها شرقها الأوسط وشمال أحلامها تنقّل بشمعة وناضل بقلم وأخلص بقلب فظل فينا نجمة حتى في سماء الموت.
الرياض | 1437/3/12هـ
0 تعليقات