عن عمر المضواحي

قلة هم أولئك الذين تجدهم يشاركونك مسيرة مهنية، يشاء الله أن تنقطع، ولكنه يظل على تواصل معك طوال وقت.

خلال مسيرة أحسبها طويلة؛ عايشت كثيرين، قلة منهم أولئك الذين كانوا يتواصلون، وهذه سنة من سنن الحياة، خاصة إذا تقاطعت المواقف وأصبحت عائقا بسبب الاختلاف في الرؤية.

عندما توقفت صحيفة المسلمون في نهاية التسعينيات الميلادية، كان فريق العمل يضم أسماء متعددة باهتمامات مختلفة، من أولئك عمر المضواحي ومفيد النويصر وجمال خاشقجي وموفق النويصر وعمر الأنصاري وآخرين. كان هذا الخروج الجماعي من الصحيفة محطة نقلت عمر المضواحي إلى مجلة المجلة ونقلتني إلى صحيفة الاقتصادية ثم واصل عمر يرحمه الله مسيرته صوب صحيفة الوطن وبعدها إلى صحيفة مكة.

خلال هذا المشوار، لا أتذكر أن تواصلي مع عمر المضواحي انقطع. ولا أتذكر أننا اختلفنا في شيء وأفضى الخلاف إلى قطيعة، بل إن اختلاف وجهات النظر كان يزيد المحبة والاحترام بيننا.

وكان عمر ممن يصنعون المعروف دون منة أو أذى، فقيض الله له في كل وقت نافذة يؤدي من خلالها عمله باقتدار.

دخل عمر المضواحي إلى جوف الكعبة الشريفة والتقط صورة من داخلها وكتب موضوعا من أجمل المواضيع، وحظي وقتها باهتمام ومتابعة وتم تداول الصورة، لأنها كانت في وقتها من الصور النادرة التي التقطها يرحمه الله بكاميرا صغيرة، ولهذا الحدث ملابسات طريفة كان يحلو له يرحمه الله أن يذكرني بها. وقد رأينا هذه الصورة تتصدر مجالس عدد من الشخصيات الذين طلبوها منه، فقدمها إليهم بطيب نفس ودون أي مقابل.

وكانت كتابته عن مكة المكرمة والمدينة المنورة والآثار ومواقع الغزوات الإسلامية كتابة محب. ومن هنا فقد اهتم بهذه الكتابات الجميع.

وأعرف أن أجزاء من كتاباته لقيت اهتماما مباشرا من الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة السياحة والآثار، وأيضا من الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة.

وكان أكثر ما يؤلم المضواحي، مزايدات البعض ممن يعدون أنفسهم أصدقاء له، وكانت مكايداتهم له تنقل عنه معلومات مغلوطة، كان يتألم ويتسامى عن هذا الألم بابتسامة ساخرة.

وكانت مدونته روبابيكيا صحفي هي المستودع والمخزن لكتاباته كاملة، حتى ما يطوله المقص بسبب ضيق المساحة فإنه كان يعيد نشره كاملا في المدونة.

رغم الإلحاح عليه، لكنه ظل مترددا في جمع كتابته المهمة بين دفتي كتاب، ولعل ابنه عبد المحسن ومحبيه يحققون هذا الأمر المهم.

من المؤلم أنني كتبت رسالة لعمر السبت الماضي، أطلب منه أن نلتقي بعد غد الأربعاء، ... لم يشأ الله أن يتحقق هذا اللقاء.

الموت يا أصدقاء ضيف يتوقعه كل منا في أي وقت، ولكنه عندما يأتي، يشيع الحزن والارتباك والألم. وهي سنة من سنن الحياة. ومن سيذهب اليوم لتقديم العزاء، سوف يأتي يوم يكون هناك من يقدم العزاء فيه. والسعيد من يحسن علاقته مع ربه ومع عباد ربه.

رحم الله عمر المضواحي، وأكرم مثوه، والعزاء لأسرته ومحبيه.

 

بقلم / خالد السهيل - الاقتصادية 1437/3/10هـ