مئذنتان جديدتان.. للمسجد الحرام

 

وسط صمت مطبق، تسابق مجموعة بن لادن السعودية الزمن للانتهاء من وضع أساسات بناء أعلى مئذنتين في العالم وبارتفاع 420 مترا للمئذنة الواحدة، ضمن ورش العمل الضخمة في مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التاريخية للمسجد الحرام، ليرتفع بذلك عدد المآذن من 13 إلى 15، فيما قالت رئاسة الحرمين الشريفين إن عدد منارات الحرم المكي لم يحسم بعد.
وسيتم نصب المئذنة الأولى في الطرف الشمالي الغربي لمبنى التوسعة الشمالية الجديدة بالقرب من جبل الكعبة، فيما وضعت أساسات المئذنة الأخرى في أقصى الجهة الشمالية الشرقية في حي الشامية جهة امتداد المروة، لتشكل ارتفاعا يناهز نصف ارتفاع برج الساعة.


واطلعت «مكة» على ملخص لدراسة خلصت إلى توضيح الحدود الجيولوجية للحوض المائي في وادي إبراهيم، واستعراض قراءات المخزون الجوفي لمياه بئر زمزم، إلى جانب تحديدها للأسباب التي تؤثر في تدهور هذا المخزون، ومن أهمها الأعمال الإنشائية العملاقة وأعمال التفجير التي تؤثر في باطن الأرض.


من جانبه، قال وكيل إدارة المشاريع بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي المهندس محمد الوقداني لـ«مكة»: إلى الآن لم يثبت لها رقم محدد، فهناك 8 مآذن جديدة يجري العمل بها في منطقة الشامية وحدها، وإلى الآن لم يحدد رقم معين لعدد المنارات الجديدة، والتي يجري إنشاؤها على مراحل مدروسة.


مئذنتان جديدتان للحرم بارتفاع 420 مترا تثيران مخاوف على زمزم

وسط صمت مطبق، تسابق مجموعة بن لادن السعودية الزمن للانتهاء من وضع أساسات بناء أعلى مئذنتين في العالم وبارتفاع 420 مترا للمئذنة الواحدة، ضمن ورش العمل الضخمة في مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التاريخية للمسجد الحرام الشريف.

وسيتم نصب المئذنة الأولى في الطرف الشمالي الغربي لمبنى التوسعة الشمالية الجديدة بالقرب من جبل الكعبة، فيما وضعت أساسات المئذنة الأخرى في أقصى الجهة الشمالية الشرقية في حيّ الشامية جهة امتداد المروة، لتشكل ارتفاعا يناهز نصف ارتفاع برج الساعة الذي يعد أعلى مبنى مسلح في العالم بارتفاع 817 مترا، وثاني أطول برج في العالم بعد برج خليفة في دبي الذي يصل ارتفاعه إلى 828 مترا.

ويمكن الآن وبوضوح مشاهدة أساسات خراسانية لقاعدة المئذنة الأولى القريبة من جبل الكعبة بأبعاد 30 م ×30 م بمساحة 900 متر مربع، وهي تعد مسطحا ضخما بالنسبة لمباني مكة المكرمة من دون أي تفاصيل تذكر حيالها سواء من مجموعة بن لادن السعودية التي تتولى عمليات تصميم وتنفيذ مشروع توسعة الحرمين الشريفين، أو من رئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي المشرفة على أعمال توسعة المسجد الحرام، والتي لم تصدر حتى الآن أي معلومات تكشف عن تطورات المئذنتين العملاقتين.


15 مئذنة
المؤكد الآن، أن ظهور قواعد المئذنتين العملاقتين في طرفي المصطبات والساحات الشمالية لمشروع التوسعة التاريخية سيرفع مجموع مآذن الحرم المكي الشريف إلى 15 مئذنة بدلا من 13 مئذنة فقط كما هو مقرر رسميا للمشروع.


ويبلغ عدد مآذن المسجد الحرام حاليا 9 مآذن فقط بارتفاع 90 مترا للمئذنة الواحدة، 7 منها موزعة على بناء التوسعة السعودية الأولى في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله، و2 تم وضعهما فوق مباني توسعة الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله.

فيما ستوضع على مباني التوسعة الشمالية الجديدة 4 مآذن أخرى بالحجم والارتفاع الطبيعي بدلا من اثنتين فقط، كانتا في منتصف مباني التوسعة بحسب ماكيت المشروع، وذلك تنفيذا لأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي طلب إضافة منارتين عند النهاية الطرفية لمباني مشروع توسعته التاريخية، وإعماره الشامل للمسجد الحرام.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمر بإضافة مئذنتين جديدتين لتوسعته التاريخية للحرم المكي الشريف لتصبح 4 مآذن فقط وبالحجم الطبيعي خلال استعراضه لمجسم توسعة صحن المطاف مساء السبت الموافق 27 رمضان لعام 1432هـ وأمره السامي ببدء أعمال توسعة صحن المطاف.


ماكيتات جديدة
وانتشرت قبل أشهر صور جديدة لماكيتات التوسعة الجديدة للمسجد الحرام، ظهرت فيها بجلاء منارتان عملاقتان ضمن مشروع التوسعة، أثارت جدلا واسعا بين المهندسين والمراقبين لمشروع التوسعة، وامتد مؤخرا لشبكات التواصل الاجتماعي في تويتر وفيس بوك ليكون محل أخذ ورد بين المهندسين والمعماريين حيال إيجابيات وسلبيات المئذنتين العملاقتين ووظائفهما في التوسعة الجديدة.


وبعيدا عن الجدل، يبدو أن بناء المئذنتين بهذا الحجم الضخم والارتفاع الشاهق سيثير مخاوف جدية على وضع عمق منطقة حوض وادي إبراهيم، ومدى تأثيرهما على سلامة مصادر المياه المغذية لبئر زمزم المبارك.


وبحسب أماكن بناء قواعد المئذنتين الجارية الآن على قدم وساق ـ كما تظهرها الصور ـ من المرجح أن يكون موقع المئذنة الشمالية الغربية والقريبة من جبل الكعبة مثار علامات استفهام كبيرة كونها بلا شك تقع داخل نطاق منطقة يحظر فيها رسميا إنشاء المباني الشاهقة بسبب تماسها مع منطقة حوض وادي إبراهيم، وتأثيرها المباشر على تغذية جميع آبار الحوض الجيولوجي بمصادر المياه وأهمها بالتأكيد بئر زمزم.


ويأتي بناء هذه المئذنة تحديدا لتشكل تحديا جديدا يتقاطع مع دراسات علمية سابقة أجريت من هيئة المساحة الجيولوجية وهيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ورئاسة الحرمين وأمانة العاصمة وعدة شركات استشارية عالمية بالتعاون الكامل مع مجموعة بن لادن السعودية، اتفقت جميعها على وضع شروط مشددة على طبيعة الإنشاءات والمباني وارتفاعاتها في هذه المنطقة الجيولوجية الحساسة، لتكون خطا أحمر لا يقبل المساس به.


واطلعت “مكة” على ملخص لإحدى الدراسات العلمية الرسمية أنجزها فريق علمي مشترك ضم خبراء من هيئة المساحة الجيولوجية، وهيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وعدة شركات استشارية عالمية بالتعاون الكامل مع مجموعة بن لادن السعودية خلصت إلى توضيح الحدود الجيولوجية للحوض المائي في وادي إبراهيم، واستعراض قراءات المخزون الجوفي لمياه بئر زمزم، إلى جانب تحديدها في شكل علمي دقيق للأسباب التي تؤثر في تدهور هذا المخزون، وهي أسباب متعددة ـ كما أشارت الدراسة ـ ومن أهمها الأعمال الإنشائية العملاقة، وإزالة الجبال المحيطة بالحوض بمواد التفجير التي تؤثر في باطن الأرض، حفاظا على سلامة مصادر المياه.


كما أن حجم المنارتين الضخم الذي يستند على قواعد عميقة بعرض 30 ×30 مترا مربعا لكل مئذنة يعني أنه سيتم تهيئتها لمسطحات بنائية هائلة الارتفاع من دون توضيح مسبق وشفاف لمحتويات التصميم قبل تنفيذه، وطبيعة استخداماته الوظيفية لمسطحات المئذنتين كونها جزءا أصيلا داخل حدود المسجد الحرام.


وتظهر صور تصميم المئذنتين استنادهما على قاعدة يعلوها بناء مكعب الشكل له أربع واجهات طولية ومستطيلة مفتوحة وبارتفاع يتجاوز 150 مترا تقريبا قبل أن تعلوه أولى شرفات المئذنة في شكلها التقليدي ومن فوقها بناء أسطواني مشابه لتصميم المآذن الأخرى بارتفاع 270 مترا تقريبا.


يذكر أن مجموعة بن لادن السعودية التي تشرف تقليديا على تنفيذ مشاريع توسيع وعمارة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة أثارت قبل عامين جدلا واسعا عندما تم تسريب صور لماكيت تصميم ضخم لتوسعة المسجد النبوي الشريف احتوى على مآذن شاهقة الارتفاع قبل أن يهدأ الحديث حولها بعد أوامر سامية قضت بتعديل التصاميم التي استندت على تغيير مكان المحراب النبوي في بناء المسجد النبوي الشريف وإعادة النظر فيه بناء على توصيات هيئة كبار العلماء السعودية.


مآذن الشامية شاهقة وأطول من سابقاتها

رئاسة الحرمين: عدد المنارات لم يحسم بعد

فضلت الرئاسة العامة لشؤون الحرمين عدم الإفصاح عن عدد المنارات في المسجد الحرام بعد اكتمال توسعة الملك عبدالله، مؤكدة أن ما أشير حول الرقم 13 من عدد المنارات غير صحيح، في ضوء العمل المتواصل لاستكمال المشاريع في الساحات الشمالية.


وأوضحت على لسان وكيل إدارة المشاريع بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي المهندس محمد الوقداني، أن المنارات في المسجد الحرام تاريخ شاهد على الحقب الزمنية المختلفة التي مرت بها مكة المكرمة على مختلف العصور، كانت وما زالت هي البعد الثقافي والمنبري والصوت المجلجل للأذان، والذي كان يعبر عن جماليات الصوت المتفرد من مؤذني المسجد الحرام.


وقال: توجد حاليا في المسجد الحرام تسع منارات، اثنتان في باب الفتح، ومثلهما في باب العمرة، واثنتان في باب الملك عبدالعزيز، ومنارة في الصفا، واثنتان في باب الملك فهد، وأزيلت منها اثنتان في باب العمرة، كما أزيلت اثنتان عن باب الفتح. فالمآذن إلى الآن لم يثبت لها رقم محدد، فهناك ثماني مآذن جديدة يجري العمل بها في منطقة الشامية وحدها، وإلى الآن لم يحدد رقم معين لعدد المنارات الجديدة، والتي يجري إنشاؤها على مراحل مدروسة.


وأوضح الوقداني أن ارتفاعات المآذن في التوسعة من جهة الشامية شاهقة مقارنة بالأخريات، إذ تختلف عن الخمس مآذن المتبقية في المسجد الحرام، والتي لا تتجاوز ارتفاعات كل منها 95 مترا، وهو ارتفاع يبدأ من الساحات.


لماذا الارتفاع؟

الارتفاعات الجاري العمل عليها للمآذن في منطقة الشامية لصالح توسعة المسجد الحرام شاهقة جدا، والأصل في الارتفاعات هو إعلان الأذان في العصور التي مضت نظرا لعدم وجود مكبرات للصوت، حتى باتت موروثا إسلاميا لجميع المساجد.


تم التعارف عند عموم المسلمين على وجود مآذن في جميع جنبات المساجد وامتداداتها، ولكنها تختلف باختلاف الثقافات، لكن الجميع يشترك في تقسيماتها، من قاعدة، وشرفة أولى، وعصب المئذنة، والشرفة الثانية، والغطاء.


العالم الإسلامي يراقب عن كثب سير المشاريع لأعظم توسعة في تاريخ المسجد الحرام، حيث وضعت المئذنتان العاشرة والحادية عشرة، كمئذنتين رئيستين على الباب الرئيس في التوسعة الجديدة، والذي يحمل اسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

خالد الغامدي- باحث إسلامي


المنارات تاريخ حضارات

أبرز المحطات الرئيسة التي شهدتها مآذن الحرم هي التوسعة السعودية الأولى، حيث أعيدت تهيئة المآذن بقالب عصري مختلف وبإشراف هندسي أكثر دقة، ووفق تصاميم جميلة من النقوش والزخارف، وتترصع جميعها بهلال في أعلاها.


تاريخيا تعد مئذنة العمرة في الجزء الشمالي الغربي، الأقدم، ومرت بعدة مراحل مختلفة، وكانت الحقبة العثمانية هي بداية وجود المآذن في المسجد الحرام، ابتداء بالمنصور العباسي، مرورا بالسلطان جقمق، ووصولا للسلطان سليمان خان، وجاء بناؤها على نسق طابع الروم آنذاك، إلا أن شكلها تغير واختلف وأصبح على الطراز الإسلامي المحض والزخرفة الإسلامية.


أما منارة السلام - كما يطلق عليها معظم الباحثين التاريخين - فشيدها الخليفة العباسي المهدي في 168هـ، وكان شكلها يختلف عن بقية المنارات إذ تعددت طوابقها وكانت أرحب في المساحة حتى تم هدمها في زمن الناصر بن برقوق وأعيد بناؤها في وقت لاحق.


كان لبناء المسجد الحرام القديم سبع مآذن، واحدة عند باب العمرة، والثانية عند باب الوداع، والثالثة عند باب الزيادة، والرابعة عند باب قايتباي، والخامسة عند باب السلام، والسادسة عند باب علي، والسابعة عند باب السليمانية.

سعد الجودي – أستاذ التاريخ الإسلامي الحديث