يا زين لبس أهل مكة

الملك سلمان بن عبدالعزيز مصافحا سمير برقة لدى وصوله إلى قصر الصفا في مكة الخميس الماضي

بعد مصافحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الخميس الماضي الدكتور سمير أحمد برقة ومشاهدة لباسه الحجازي التفت مخاطبا أمير مكة خالد الفيصل وهو يقول: هؤلاء هم أهل مكة يا زين لبسهم.

الدكتور سمير برقة صرح لـ«مكة» التي نشرت صورة مصافحة الملك سلمان له كصورة رئيسية لحفل استقباله لأهالي مكة المكرمة والتشرف بالسلام عليه: تشرفت بأن أكون من بين مستقبلي خادم الحرمين عند وصوله إلى قصر الصفا الساعة الواحدة والنصف تماما من ظهيرة الخميس الماضي، وبعد أن رأى الملك العمة الحجازية التي تتوج رأسي تفضل بأن شد على يدي وخاطب الأمير خالد الفيصل قائلا: هؤلاء هم أهل مكة يا زين لبسهم، فانتهزت بشارة حفاوته ولطفه لأجيبه حبا بحب: يا طويل العمر أهل مكة برجالها ونسائها وأطفالها ومعالمها وجبالها ترحب بكم فأهلا وسهلا بمقدمكم الكريم يا خادم الحرمين الشريفين.

العمائم..زينة الحجازيين

العمائم أو ما تعرف بـ(الغبانة) عند أهالي مكة المكرمة هي جزء أصيل في الزي الحجازي الأصيل، وهي لا تتجاوز مفهوم غطاء الرأس للرجال فحسب، بل هي هوية تحمل دلالات أكثر عمقا وتعريفا بصاحبها من خلال نوع خامة نسيجها، وتصاميمها الأصلية، وطريقة لفها فوق الرأس ليعرف الآخرين هويته من دون ضرورة التعريف بنفسه.

 

يقول حسن بن عبدالعزيز مكاوي مالك متجر قبلة الدنيا وصاحب موقع (مكاوي.كوم) الالكتروني المعروف: في السابق كان للعلماء ورجال العلم عمائم تميزهم، وكذلك هناك عمائم لطلبة العلم الشرعي، أما عمد أحياء مكة وحواريها فلهم عمائم خاصة بهم، إلى جانب طريقة مميزة في لبسها ليعرفه الآخرون من عمامته وطريقة لفها من سكان أي حي أو حارة مكية، وكذا الحال مع رجالات مكة في كل صنعة وحرفة لهم طريقة خاصة يعرفون بها وبمهنتهم.

وأضاف مكاوي أن العمائم تيجان العرب ، وهي ليست حصرية بأهالي مكة ومدن الحجاز، فهناك كثير من الدول والمجتمعات العربية والإسلامية أيضا يلبس شعوبها العمائم وبطرقهم الخاصة أيضا، لكن أهالي مكة والحجاز يقولون: إن الغبانة هي العمامة، نظرا لفخامة خامات نسيجها، والمحافظة على الأصول الزخرفية في تصاميمها.

والغبانة الأصلية هي قطعة تنسج من الحرير الخام، أو المخلوطة بالقطن، وهناك أنواع متعددة لا حصر لها من الأقمشة التي تصنع منها الغبائن، لكن أسعارها ترتفع بحسب درجة دخول الحرير في خامتها المستخدمة، وكلما كانت حريرية علا سعرها، وكلما كانت تصاميمها مميزة ومصنعة يدويا من خيوط الحرير المصبوغ زاد السعر وارتفع.

وللغبانة أنواع ومسميات مختلفة، منها الحجار والبغدادية والبريسمي والأحمدية والسلطانية وغيرها، وهي مختلفة المقاسات (من 50 بوصة إلى 5 أمتار) والنقشات والخامات منها ما يكون خاصا بالمناسبات الكبيرة، ومنها ما يفضل في الأعمال اليومية، وبعضها يستخدم في الصيف لخاماتها الباردة والخفيفة، وأخرى تلبس في فصل الشتاء للتدفئة.

وقديما كان بعض أنواعها تصنع يدويا في مكة قبل أن تندثر هذه المهنة الآن، إضافة إلى استيراد التجار المتخصصين في تجارتها حتى اليوم وتوفير جميع أنواعها للأهالي والزوار والمعتمرين والحجاج في المواسم.

ومعظم أنواعها تستورد من مدينة حلب في سوريا ومن إسطنبول في تركيا وتايلند ودول أخرى، لتلائم احتياجات ورغبات المشترين وثقافاتهم وعاداتهم، وحرص ضيوف الرحمن على شرائها من مكة المكرمة، سواء لاستخدامها أو كهدايا يحملونها معهم قبل مغادرتهم الأراضي المقدسة.

ويؤكد حسن مكاوي أن جيل الشباب في الحجاز حاليا باتوا يقبلون على ارتداء العمائم الحجازية في الأعياد والمناسبات الخاصة لإحياء صورة من صور تراث الآباء والأجداد ولباسهم العريق في الحجاز الذي يقتطف أجزاءه ويستكمل مكوّناته من ثقافات متعددة تمازجت وتعايشت في النسيج الاجتماعي لمكة المكرمة وتعكس طبائع أهلها وتسامحهم، لتكون العمائم والغبائن هوية مشتركة تحمل ألوان من الجمال وروعة الفن المتعدد الأعراق وكأنها لوحة عالمية لا تمل الأنظار رؤيتها ولا يستريح الخيال من فسحة التحليق في جمالياتها وأبعاد رونقها فوق الرؤوس، تعبيرا عن الاعتزاز بهذه الهوية الأصيلة.

المصدر : صحيفة مكة 1436/8/13هـ - عمر المضواحي